الورقة الإصلاحية البرلمانية: تشديد الضرائب وتعديل سلم الرواتب

الورقة الإصلاحية البرلمانية: تشديد الضرائب وتعديل سلم الرواتب

 تحويل شركات الدولة إلى القطاع الخاص واستبدال "التموينية" بكوبونات

 بغداد/ محمد صباح

على غرار الخطة الإصلاحية الحكومية التي اعلن عنها في شهر تشرين الأول الماضي، أطلق مجلس النواب رؤيته لمعالجة الأزمة المالية الراهنة.

وقال إنها جاءت مكملة ومرادفة لبنود وفقرات "الورقة البيضاء"، مشددا على أن تنفيذ بنود ورقته سيوفر أكثر من (15) مليار دولار لموازنة الدولة سنويا.

ثلاثة محاور

وتضمنت الورقة الإصلاحية النيابية التي ارسلت إلى الحكومة قبل أسبوع من الآن، ثلاثة محاور ركزت في مجملها على تعظيم الموارد والحد من الهدر المالي وتنويع مصادر الدخل وتوجيه الإنفاق نحو الاستثمار.

ودعت الورقة البرلمانية إلى مراجعة جميع القوانين التي شرعت بعد العام 2003، مع إعادة النظر بنظم الجباية والضرائب والرسوم، وكذلك رواتب الموظفين. كما دعت الورقة الإصلاحية الجديدة إلى فرض زيادة في الضرائب على كافة انواع السيارات، وإيقاف بعض الاستيرادات غير الضرورية وضبط المنافذ الحدودية والغاء الإعفاءات الكمركية في المنافذ.

ورقة تكميلية

ويعلق جمال كوجر عضو اللجنة المالية النيابية على الورقة الإصلاحية الجديدة في تصريح لـ(المدى)، مؤكدًا أنها تكمل الورقة البيضاء التي أعدتها الحكومة في شهر تشرين الأول الماضي وقدمتها إلى البرلمان لمعالجة ظاهرة الفساد الإداري والمالي، مشيرًا إلى أن الورقة النيابية تقترح على الحكومة مجموعة من الفقرات لها مردود مالي، وغير متضمنة، ولا موجودة في الورقة البيضاء الحكومية. وتضمنت الورقة البيضاء المؤلفة من 100 صفحة على رؤى ومقترحات حكومة مصطفى الكاظمي لإصلاح الاقتصادي العراقي وانتشاله من واقعه المرير بهدف الارتقاء به عبر استغلال جميع موارده الطبيعية، وتحسين الاستثمار.

الورقة البرلمانية والحكومية

وبعد أن وصلت الورقة البيضاء إلى مجلس النواب في شهر تشرين الاول الماضي، خاضت اللجنة المالية النيابية سلسلة من الاجتماعات مع وزارتي المالية والتخطيط تمخضت عن اتفاق مبدئي على تقديم البرلمان لورقة اقتصادية ستكون موازية للورقة الحكومية. ويشدد كوجر على أن "ورقة البرلمان الإصلاحية ستكون مرادفة للورقة البيضاء الحكومية وستكون جزءًا مكملا لها، وليست بديلة عنها"، مؤكدا على وجود اتفاق بين الحكومة والبرلمان لإدراج أو دمج الورقتين الإصلاحيتين في قانون الموازنة لعام 2021. ويعتقد خبراء ومختصون في المجال الاقتصادي ان الكثير من فقرات ونقاط الورقتين الاقتصاديتين الحكومية والبرلمانية لا تحتاج إلى تشريعات قانونية جديدة أو إقرار لقانون الموازنة الاتحادية، بل ما تحتاجه هو تفعيل للقوانين لضبط عملية جباية الأموال والحد من حالات الفساد ومعالجتها.

ويبين رئيس كتلة الاتحاد الإسلامي الكردستاني أن "أتمتة النظام الكمركي أو الضريبي أو جباية الكهرباء والماء لا تحتاج إلى تشريع قوانين، وإنما تتطلب تفعيل القوانين وتنفيذها"، منوها إلى أن بعض بنود الورقة البرلمانية تم تضمينها في قانون تمويل العجز منها الغاء جميع الإعفاءات الكمركية. ويستشهد النائب عن محافظة دهوك بالإعفاءات الكمركية في منفذ طريبيل وحده التي تصل الى نحو 80% من حجم البضائع والسلع الداخلة، مبينا أن اللجنة المالية تجهل الكثير من الأرقام بسبب عدم توفر قاعدة بيانات واضحة لإحصاء تلك الخروق.

ضرائب وجباية إجبارية

وأرسلت اللجنة المالية في ٢٨/١١/٢٠٢٠ ورقتها الإصلاحية للأزمة المالية والاقتصادية الى الحكومة متضمنة بعض الإجراءات العاجلة التي من شأنها ان تنعكس إيجابا على الأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد، مطالبة الحكومة بتحديد التوقيتات الزمنية والمؤسسات التي ستنفذ الورقة البيضاء للإصلاح الاقتصادي كون أن اغلب ما ورد فيها يقع ضمن صلاحيات السلطة التنفيذية، ليتسنى لمجلس النواب مراقبة الاداء وتقييمه.

واقترحت اللجنة المالية النيابية في ورقتها الإصلاحية المكونة من 11 صفحة والمرسلة إلى الحكومة مجموعة من الأفكار تتوزع على ثلاثة محاور، وتركز على كيفية وضع الآليات المناسبة والفعالة لتعظيم الايرادت وترشيد النفقات، وإصلاح السياستين المالية والنقدية لتفادي الأزمة الاقتصادية.

وتنبه الورقة النيابية الإصلاحية الى أن كل ما ورد فيها يقع ضمن "صلاحيات السلطة التنفيذية على أن تحدد التوقيتات الزمنية اللازمة للتنفيذ والمؤسسات المسؤولة عن تنفيذها ليتسنى مراقبة الأداء وتقيميه"، معتقدة أن تنفيذ بنودها سينعكس إيجابا خلال الأمد القريب لمعالجة الأزمة المالية والاقتصادية. ودعت الورقة النيابية في محورها الأول الحكومة إلى التفعيل الفوري للجباية الإجبارية للخدمات المقدمة للمؤسسات الحكومية، والتجارية والصناعية والزراعية، والمنزلية (الكهرباء والماء والمجاري والهاتف الأرضي)، مطالبة بإعادة النظر في أسعار النفط الخام المجهز للمصافي وتحويل قطاعات توزيع المنتجات النفطية والمصافي وتعبئة الغاز إلى القطاع الخاص بشكل تدريجي وإيقاف توزيع المنتجات النفطية بشكل مجاني لأية جهة كانت. وطرحت الورقة النيابية فرض الضرائب السنوية على جميع السيارات وبحسب أنواعها، استنادا إلى النائب جمال كوجر، الذي وضح أن الفكرة من وراء فرض ضرائب على جميع أنواع السيارات هو لتقنين عملية التجارة بالسيارات من اجل الضغط على المواطن لتقليل الاستهلاك والإنفاق من خلال تفعيل الضرائب، وبالتالي مساندة ودعم الصناعات المحلية بكل أنواعها. وينوه كوجر إلى أن "تحديد سعر الضرائب على أنواع السيارات أمر متروك للحكومة من خلال دراسة الوضع الاقتصادي لتجارة السيارات ومردودها على المواطن، وبالتالي لا دخل لمجلس النواب بوضع الضرائب".

ودعت الورقة أيضا إلى "إيقاف عمل السفارات والملحقيات في الدول التي ليس للعراق معها أي تبادل دبلوماسي أو تجاري أو ثقافي، مع إعادة النظر في كل القوانين المتعلقة بالضرائب والرسوم وتعديلها بما ينسجم مع الواقع الاقتصادي الراهن".

وفي محورها الثاني نبهت الورقة الإصلاحية إلى بناء الموازنة على أساس قطاعي وعلى سعر بترول ثابت للموازنة التشغيلية ومتحرك للموازنة الاستثمارية وتوجيه الموازنة للرواتب وشراء الحصة التموينية والأدوية ومحطات المياه والعملية التربوية والتعليمية، مقترحة إصدار الدينار الالكتروني لغرض جباية الإيرادات الحكومية والرسوم. 

وطالبت بتعديل آلية بيع العملة للحفاظ على العملة الصعبة في داخل البلاد، وان يجري بيع وتداول الدولار والعملات الأجنبية الأخرى مباشرة في أسواق العملة أو من خلال سوق الأوراق المالية لكي نحصل على سعر حقيقي للدينار العراقي مقابل الدولار الأمريكي، وان يكون الضامن للأسعار هو قيمة الاحتياطي المتوفر لدى البنك المركزي العراقي من العملة الصعبة.

ويقدر النائب الكردي الأموال التي ستجنيها وتحققها الورقة البرلمانية بـ(15) مليار دولار سنويا في حال تنفيذها من قبل الحكومة، معتبرا ان كل الفقرات التي اختارتها اللجنة المالية النيابية لها مردود مالي مباشر وواسع.

ويضيف أن "الحديث عن مزاد العملة وربطه بتنظيم العمل الالكتروني بالمنافذ الحدودية (احتساب ومقارنة موارد البضائع مع الفواتير المقدمة في مزاد العملة) سيقضي على عمليات الفساد الحاصلة في مزاد العملة والمنافذ".

سلم رواتب جديد

ورأت الورقة الإصلاحية أن من الضروري إعداد سلم رواتب جديد مع مراعاة النظر في جميع المخصصات الممنوحة سابقا ليراعي الوضع الاقتصادي ويحقق العدالة الاجتماعية مع تشجيع الموظفين على العمل في القطاع الخاص وإعداد مشروع خاص بذلك. ويبين عضو اللجنة المالية النيابية أن "ما نريده إعادة النظر في رواتب الرئاسات الثلاث والمخصصات لتحقيق العدالة الاجتماعية بين كل موظفي الدولة دون تهميش وزارة أو مؤسسة"، موضحة أن "هناك وزارات يتمتع موظفوها برواتب ومخصصات مالية تفوق رواتب موظفين أقرانهم في وزارات أخرى".

كما تدعو الورقة أيضا إلى إلزام جميع الجهات الحكومية المالية باعتماد البصمات الالكترونية المتعددة للمستفيدين من الرواتب والمنح المالية والتنسيق بين وزارة المالية والتخطيط وديوان الرقابة المالية لتدقيق أعداد درجات الموظفين الحقيقية لإنشاء قاعدة بيانات دقيقة عن طريق إصدار البطاقة الوطنية الموحدة.

الشركات الخاسرة والرخصة الرابعة

وترى ورقة البرلمان في محورها الثالث والأخير أن من الضروري إعادة هيكلة الشركات العامة الخاسرة وتأسيس بنك للموارد البشرية يرتبط بمجلس الخدمة الاتحادي ودعم شركات القطاع الخاص، مقترحة تأسيس شركة اتصالات وطنية.

واقترحت كذلك تشكيل شركات مساهمة في كل محافظة من الأموال المدخرة وبمشاركة الدولة ودمج توزيع الشركات الحكومية على المحافظات وتحويلها لشركات مساهمة بمشاركة المواطنين في تلك المحافظات وتكليفها بالاستثمارات المباشرة بدعم من قبل المصارف ومراقبة ديوان الرقابة المالية.

وشددت على "عرض المصانع والمعامل الحكومية المعطلة أو المدمرة على القطاع الخاص المحلي بشرط الالتزام بإعادة تشغيلها ضمن مدة زمنية محددة"، مطالبة بإقرار وتفعيل قوانين الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية في القطاع الخاص.

وطالبت أيضا بتقليل أسلوب التعامل مع البطاقة التموينية وتحويلها إلى كوبونات يتم صرفها من الأسواق المحلية (من خلال المراكز التجارية في كل محافظة) وبذلك تتخلص الدولة من العقود الفاسدة ومن تكاليف النقل والتخزين للمواد.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top