رؤى بلا  حدود: ثقافة المقاتل     مطشر

رؤى بلا حدود: ثقافة المقاتل مطشر

علي النعيميما أن سألت احد رفاقه ممن واكب مسيرته كلاعب لازمه في حله وترحاله أو قاسمه دموع الفوز والهزيمة حتى أشاد بدماثة خلقه ورفعة أدبه وهدوئه المميزحيث احتوى الجميع بنظراته وامتص غضب مدربيه بابتسامته وذهل جماهيره بحماسته في لحظات أسفارهم تكاد عقولهم لا تهدأ أبداً وهم يجمعون الملابس والأحذية وبقية عدتهم الرياضية لكنه مختلف عن سواه كان يحضّر لقريحته الأدبية النهمة للقراءة أجمل الكتب ولذائقته أرقى الروايات كمتاع للسفر.

في حين كان زملاؤه اللاعبون يجوبون أروقة الفنادق والمنتجعات والمدن طولاً وعرضاً للترويح عن النفس والاطلاع على عادات الشعوب مبتهجين بهالتي النجومية والشهرة صورة مع إعلامي وأخرى مع معجبة بيد أن صاحبنا كان يؤثرالانزواء وحيداً في غرفته ماسكاً الكتاب تلو الآخر ليقرأه بشهية رائحة القهوة المنبعثة من فنجانه سارحاً بعوالم الأدب والقراءة كأنه طقس يمارسه بعد كل وحدة تدريبية او حال الانتهاء من مباراة دولية.بتلك المقدمة البسيطة التي قطعاً لا تفي حق مدافع منتخبنا السابق اللاعب المثقف\"كاظم مطشر\"وبها استهل حديثي مشيداً ومستذكراً في الوقت نفسه بمسيرة هذا النجم الفذ الذي توارى عن أنظارنا لكن بصماته الإبداعية الحافلة بالعطاء لا تزال غائرة في وجداننا نقتفي أثرها صوب جيل العمالقة من الذين مثلوا منتخباتنا خير تمثيل.فإذا كانت الصحف الاسترالية أطلقت على الراحل عبد كاظم لقب المقاتل فأن صحف سنغافورة وصفت مطشربالمدافع الشرس الذي خضبت دماؤه عصابة رأسه المفجوج وهو يقاتل كالأسد عطفاً على واقعة العراق وكوريا الجنوبية 1984 في حين اجمع نقاد الكرة العراقية في حينها بأن خط دفاع منتخبنا شهد استقراراً في المستوى والأداء بعد ان شكّل مطشر ثنائياً حديداً مع عدنان درجال.ومهما غصنا في ذاكرة هذا المبدع إلا إن شخصيته أجبرتنا على التوقف عند تفاصليها لنتأمل مسألتي النجومية وثقافة الذاتية للاعبين وكيفية استثمارهما حيث دعتنا لنتساءل هنا: كم من لاعبي الأمس أواليوم يفضلون ترك المعجبات واللقاءات الإعلامية على حساب شغف المطالعة أو أن يقضي احدهم ساعات وساعات في شارع المتنبي بحثاً عن مطبوع جديد كالذي كان يفعله نجمنا مطشر؟ أهي حالة خاصة ام ثقافة جيله السائدة آنذاك؟ إذا ماعلمنا إن السواد الأعظم من منتخباتنا كانوا طلبة معاهد وجامعات وان النزرالقليل منهم ممن لم يكمل تعليمه ولكنهم تفاعلوا إيجابا ًبنتاج جيلهم لكننا نجد إن أغلب لاعبي اليوم لم يكملوا حتى الثالث المتوسط كحد دراسي أدنى! وكي لا اظلم الجميع أقول إن بعضهم نهض بحاله وبدأ يثقف أفكاره ذاتياً حيث تبقى الثقافة ذلك السلاح الفعال الذي نشهره في كل وقت وهو من مكملات الشخصية الرياضية إن أردنا التميّز.لكن المفارقة الأبرز هنا تكمن في انك كنت تشاهد لاعبي الأمس وهم يحدثونك بإسهاب عن التأريخ الإسلامي والحضارة والتجارب الاشتراكية في العالم وابرز المدارس الفكرية الشائعة بحكم ثقافتهم إما اليوم فأنني سأكتفي بحادثة رواها لي احد نجوم منتخبنا الحاليين إذ يقول: جاءنا مدرب منتخبنا (...) الجنسية ملقياً علينا التحية قائلاً: (Hi) هاي: فأجابه احد اللاعبين: هاي لو قهوة اغاتي! اي بداعي المزاح او بما يعرف اليوم (بالتحشيشة) التي أضحت لسان حال بعض النجوم فأين أنتِ يا ثقافة مطشرمن قفشات هذا (الحشّاش) الأشهر!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top