ما خطورة ترامب على أميركا قبل وبعد تنصيب بايدن ؟

ما خطورة ترامب على أميركا قبل وبعد تنصيب بايدن ؟

بلاندين تشيليني بونت*

ترجمة : عدوية الهلالي

في عام 390 قبل الميلاد. خسر الجيش الروماني معركة كان يتوقع الانتصار فيها ، أمام فرقة من الغاليين – جنود بلاد الغال -، تاركاً روما بلا حماية.

 وقتها ، نهب الغاليون المدينة وأحرقوها وحاصروا قلعة الكابيتول لمدة سبعة أشهر. واشترى الرومان رحيلهم بفدية مذلّة قدرها 330 كيلوغراماً من الذهب.وظل هذا الحدث بمثابة صدمة وطنية ووصمة للنظام المقدس - كما تتفق الروايات -. ولايمكن مقارنة هذه الدراما التاريخية مع تلك التي عاشها الصينيون خلال نهب وتدمير القصر الصيفي من قبل القوات الفرنسية-الإنجليزية في عام 1860 ، لذلك كان السادس من كانون الثاني عام 2021 بالنسبة للولايات المتحدة تدنيساً لمعبد الديمقراطية الأميركية من قبل حشد غاضب حاول تخريب وتدنيس المقدسات . فهل سيبقى هذا الحدث هو آخر الانتهاكات التي شهدها عهد ترامب وحتى موعد تنصيب بايدن في العشرين من كانون الثاني ، أم ستتغير الأمور بعد هذا التاريخ ؟...

نوايا دونالد ترامب

نحن نعلم مَن أرشد الحشد الى مبنى الكابيتول. كان لابد أن يؤخذ دونالد ترامب على محمل الجد فهو كاذب وعصبي ونرجسي ومتسلط وفقاً لابنة أخيه الطبيبة النفسية وأخصائيين آخرين في الصحة العقلية ، ذلك أن دونالد ترامب مستعد لفعل أي شيء ليظل رئيساً "لأعظم قوة في كل العصور" ، لأنه -حسب قوله - فإن هذا من حقه وليس من حق الخاسر بايدن !

يبدو أن المستشار الحقيقي لترامب هو جنون العظمة ، حيث تؤدي به نوبات الهذيان دائماً إلى نفس الموقف من التبجح الذي لا يمكن السيطرة عليه.وهوليس أول رئيس دولة يصاب بمثل هذه الفوضى ، فقد كان روزفلت أيضا نرجسياً وانعكس ذلك على سياسته بوضوح ..

والآن وبعد أن انقلبت قواعد المعركة الانتخابية ضده ، يسعى دونالد ترامب إلى تحويلها لصالحه . فهو لا يأبه بواقع النتائج ، ولابالحزب الجمهوري ، ولابالمؤسسات الأميركية ، بل إنه لا يهتم بالديمقراطية ، ولا بالسلم الأهلي ، فالإخلاص في نظره لعظمته هو المؤشر الوحيد لنجاحه أو فشله ، لذا فهو يستخدم الجزء المنتقم من الروح الاميركية ليحوله الى طائفة عاطفية وحاقدة تنهل من كلمات معبودها فقط ..كان لابد من الحذر قبل حلول اليوم المشؤوم من طبيعة نوايا الرئيس السابق ، فاذا لم يعمل أحد على إيقافه وإسكاته وإبعاده في الوقت المناسب فقد يشارك في دمار البلد ..كان البنتاغون قد أعطى الضوء الأخضر في الخامس من كانون الأول لنشر الحرس الوطني الذي طلبه رئيس بلدية واشنطن قبل أسبوعين ، من أجل منع التجاوزات المحتملة من قبل المتظاهرين المؤيدين لترامب ..ومع ذلك ، وفي وقت اقتحام مبنى الكابيتول ، لم يكن الحرس الوطني منتشراً. إذ لم يصدر دونالد ترامب أي أوامر. وحث على القيام بذلك عندما كان يحاول إثارة الفتنة بالفعل ،فقد رفض بشدة وبشكل متكرر. لكن نائبه مايك بنس ، المحمي في الطابق الثالث ، سيأمر بالانتشار بناء على طلب مستشار البيت الأبيض بات سيبولوني ، وهو أمر ذكره رايان مكارثي ، وزير الجيوش وكريستوفر سي ميللر ، وزير الدفاع.

كان الإصرار على رفض الحرس الوطني ثم رفضه لعدة ساعات ، ثم التبرؤ من المخربين وحثهم على الانسحاب - لأنهم كانوا يظهرون بكل الطرق الممكنة أنهم يفعلون ذلك باسمه – هو خطأ سببه التوتر، كما أنه مظهر من مظاهر القوة الخارقة لأي شخص يريد الخروج من المستشفى بعد الإصابة بفيروس كوفيد بقميص سوبرمان.

وعلى عكس ما أشار إليه ، في تغريدته التي برر فيها موقفه ، لم يندم دونالد ترامب على اقتحام الكابيتول فهولا يدين المشاغبين المستعدين لتهديد ممثلي الكونغرس المنتخبين. لقد أظهر للعالم أجمع قدرته على الإزعاج وقوة جمهوره الغاضب ..

الإفلات من العقاب

في مواجهة الدعوة الإجماعية لوسائل الإعلام الأميركية الرئيسة لرحيله الفوري ، لن يكون من المرغوب فيه أن يغادر ترامب هكذا ، مع الإفلات من العقاب ، قبل تنصيب بايدن ، ودون أي شكل من أشكال الإدانة المؤسسية - فالتعجيل بالإقالة الذي لم يحظره الدستور ، حيث أعلن مايك بنس أن الحكومة السابقة لم تذكر التعديل الخامس والعشرين – ولم تؤكد التحقيق الجنائي لأسباب التمرد والعصيان والتآمر المثير للفتنة ، الذي يفترض اجراءه اعتباراً من 21كانون الثاني.فاذا لم يوقفه أحد أو منعه من التواصل في نفس الوقت، سيواصل ترامب حشد شعبه عبر هذا التجمع الأبيض المؤمن بالهويات والحنين إلى الماضي ، والبقاء على قيد الحياة ، وكراهية الأجانب المتعصبين ، والمتآمرين والليبراليين ، ومعارضة الحكومة وخداعها - للدفاع عن أميركا ضد "النظام" وضد الأحزاب السياسية والمؤسسات الديمقراطية ، والذين أظهروا معاً خضوعهم لأوامر هذا النظام نفسه.

يمكن لدونالد ترامب بعد ذلك إنشاء حزبه بدون عقبات قانونية ، ووسائل إعلامه الخاصة ، وعبر مواصلة مساره الوهمي. فقد أعلن ترامب بالفعل أنه يريد إنشاء شبكته الاجتماعية الخاصة وإنشاء قناة تلفزيونية أيضاً ، على الرغم من أن المحللين يشككون في فرصه في إنشاء أي إمبراطورية إعلامية ، إلا أنه سيكون له مطلق الحرية في التغلب على حظر وسائل التواصل الاجتماعي والمقاطعة من قناة فوكس نيوز ، والتغلب على رفض الحزب الجمهوري ، وإبقاء مَن هم تحت السيطرة. لقد انتخب المسؤولين الذين تبعوه ، من أجل اجتذاب "ناخبيه" لانتخابات التجديد النصفي في عام 2022 وسيكون مرشح حزب ترامب الأكبر لعام 2024.

لقد بررت شبكات التواصل الاجتماعي الرئيسية إغلاق حسابات ترامب ، وقبل ذلك ، حجب رسائله الأخيرة ، بسبب الخوف من "خطر التحريض على مزيد من العنف" ، خاصة في يوم التنصيب مع تقليص الاحتفال الى أدنى حد ممكن بسبب وباء كورونا ..فبالإضافة إلى الخطاب العسكري المستمر الذي رافق حملة ترامب عام 2016 ، أضفى ترامب الشرعية على الجماعات المتطرفة لمدة أربع سنوات متمسكاً بشعوره العدائي خاصة تجاه المهاجرين والليبراليين والمسلمين ، كما طالب بحلول عدوانية ، وهو ما يفسر سبب استعداد البعض لاتخاذ إجراءات حاسمة ..

*أستاذة جامعية في التاريخ المعاصر ، جامعة إيكس مرسيليا

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top