مهدي الساعدي
يقف شامخا على اعتاب دجلة العطاء، يحمل بيده سيكارا ويضع الاخرى على خصره، يرمقه المارة من ابناء مدينته بنظرة ملؤها الفخر، معتليا على منصة من المرمر نقش عليها اسمه وتاريخ ميلاده، على رصيف شارع الكورنيش الذي كان احد اجمل شوارع العراق في مدينة العمارة، يقف حيث انغام لقاء الماء بالحصى وحفيف الاشجار ونشيد الطيور آيات مجللة بالبهاء والاحترام لشموخه الممزوج بالهيبة التي وصلت به الى اوج سمعته، وهو يعتلي المناصب العلمية العليا، ابن مملكة الماء البروفيسور وعالِم الفيزياء والفلكي العراقي العالَمي عبد الجبار عبد الله.
ولد العالم العراقي عبد الجبار عبد الله في قضاء قلعة صالح الواقعة جنوب مدينة العمارة من عائلة مندائية واكمل دراسته الابتدائية في مدرسة قلعة صالح ودراسته الإعدادية في بغداد عام 1930 ونال شهادة البكالوريوس في العلوم من الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1934.
و بعدها الى معهد ماساشوستس للعلوم والتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية MIT الذي يُعد الأرقى عالميا، وبعد عودته الى بلده من رحلة علمية شاقة عُين استاذاً ورئيساً لقسم الفيزياء في دار المُعلمين العالية في بغداد سنة 1949، وفي هذه الفتره رُشح استاذاً باحثاً في جامعة نيويورك ثم رئيساً لجامعة بغداد للاعوام (1959-1963).
بذل ابناء ميسان جهودا مضنية من اجل اقامة نصب العالم عبد الجبار عبد الله، ويعود الفضل بذلك الى رئيس فريق "تطوعيون" للعمل المدني في المحافظة فراس المحمداوي، الذي قال لـ(لمدى)، "تواصلت مع النحات خليل خميس في العاصمة بغداد من اجل ضم اسم العالم عبد الجبار عبد الله الى قائمة عمله، المتضمن اقامة نصب متعددة ضمن مشروعه الفني للشخصيات المؤثرة في تاريخ العراق، وابدى خميس استعداده لإقامة النصب على نفقته".
ويضيف المحمداوي "كانت موافقة النحات خليل خميس نقطة الانطلاق الاولى والاساسية لتمهيد اطلاق مشروع النصب الفني في المحافظة، من لقاء مع الحكومة المحلية وصولا الى استحصال الموافقات الاصولية لإقامة النصب". يقول الكاتب والباحث الميساني الاستاذ حطاب العبادي لـ(لمدى)، "هذا الرجل عبد الجبار عبد الله ظلم من السياسيين كونه يحمل افكارا يسارية، ومن المسلمين كونه من الطائفة المندائية". ويضيف العبادي "أقيلَ البروفيسور عبد الله مِن منصبه رئيسا لجامعة بغداد بعد الإطاحة بعبد الكريم قاسم، بتهمة الميول لليسارية، واعتُقِل وعومِل معامَلة مهينة". لم تكن العقبات والصعوبات الكبيرة التي واجهت القيمين والساعين لإقامة نصب العالم عبد الجبار عبد الله، عائقا عن وصول النصب البرونزي للمحافظة، يقول فراس المحمداوي "وصول النصب البرونزي للعالم عبد الجبار عبد الله الى ميسان لم يكن بتلك السهولة التي يتصورها الكثيرون، بل واجه العديد من الصعوبات والمعوقات المختلفة منها المالية واللوجستية وغيرها، ولكنها تذللت بحمد الله تعالى وارتقى النصب البرونزي للعالم والبروفيسور الفيزيائي والفلكي الميساني عبد الجبار عبد الله على منصته، منتظرا بعض اللمسات لإطلاقه بافتتاح رسمي".
اترك تعليقك