قناطر: في البصرة الطماطة تهدّد النفط

طالب عبد العزيز 2021/02/06 09:15:56 م

قناطر: في البصرة الطماطة تهدّد النفط

 طالب عبد العزيز

انفجرت شمس البصرة اليوم على مزارعي الطماطة في الزبير وسفوان، بالبصرة وهم يقطعون الطريق وطريق النفط العام، بسياراتهم المحملة بـ 800 طن، هو مجموع ما يجنونه من مزارعهم يومياً، الكمية الهائلة هذه، تغطي حاجة العراق من الشمال الى الجنوب، وبملايينه الأربعين،

لكنَّ آلية الفساد التي تتحكم في مفاصل الدولة طالتهم، وأدت الى انخفاض أسعار المحصول الرئيس هذا الى مستوى أدنى يصل الى 2000 دينار للصندوق الواحد زنة 30 كغم، بسبب إطلاق عملية الاستيراد من إيران في منافذ كردستان، الأمر الذي عرضهم لخسارات مالية كبيرة غير محسوبة النتائج بعد.

لا أحد يشعر بمعاناة المزارع إلا من كابد أعمال الفلاحة، ذاك، ظل يباكر شموس الله، وهي تتقلب موجعةً في الأفق الفسيح، فهي تنفجر بوجهه كل يوم، مثل شعل من ضرام، في البرية الظالمة، تحرق جسده في الصيف، وتقرض أيام عمره برداً وزمهريراً في الشتاء، هناك، حيث ظل ينتظر الأيام والأسابيع والشهور، آملاً أن يملأ الله هميانه ثانية تعويضاً عما أنفقه من المال،وعمّا عاناه من الجوع والحاجة والسهر، لذا لم يجد هؤلاء وسيلة إلا التظاهر والاحتجاج في تقاطع الزبير الرئيس، الذي تتوزع منها الطرق، باتجاه منابع وآبار النفط في الشعيبة والرميلة، والى موانئ التصدير والاستيراد في أم قصر وخور الزبير.

ومعلوم أن البريّة الواسعة هذه هي من أقسى بقاع الجغرافيا في الجنوب العربي، حيث تصبُّ الشمس حممها أشهراً ثمانية، في السنة، وحيث يكون الشتاء بارداً قارصاً، مثلجاً، وبما يستوجب تغطية المساحات المزروعة بالفرش البلاستيكية، غالية الأثمان، وسط اجواء من الصبر والانتظار والكلف المالية المهلكة، كل ذلك من أجل موسم يرجو فيه المزارعون والفلاحون والأجراء الله والحكومة أن يكون كما توقعوا، وحسبوا له، وأن ينصفهم المسؤولون في موسم جنيه، لكنَّ الحال هذه ظلت تتكرر سنوياً، بما يشبه المؤامرة ضدهم.

ومنذ أمد بعيد والأرض هذه، تنتج آلاف الأطنان سنوياً من الطماطة، المحصول الرئيس في المائدة العراقية، فضلاً عن البصل والثوم والبطيخ وغيره، دون أن تفكر الحكومات المتعاقبة في وسيلة تحمي الشريحة المنتجة هذه، وحمايتهم مما يتعرضون له من خسائر سنوياً، على خلاف ما تفعله دول كثيرة بما فيها إيران، التي تعمل بآلية عملية، غاية في الضبط والانتظام، فالحكومة هناك تقوم بشراء المحاصيل الزراعية كلها، بما فيها التمر والطماطة والخضار والفاكهة، ومن ثم تسويقها الى الداخل والخارج، وبأسعار تراعى فيها حاجة المزارع والمستورد، بوجود مصانع التعليب الكثيرة، التي تقوم بتصنيع الفائض منه.

التخبط والفساد والارتجال وتقاطع القرارات بين كردستان والحكومة الفدرالية، وعدم وجود آليات عمل مشتركة، تتفهم حاجة السوق وتراعي استقرار الاقتصاد الوطني وراء الخراب هذا كله، الذي لن يكون المزارع المتضرر الوحيد فيه، إنما البلاد بأسرها.

شبكة المافيات التي تعمل على وفق مشيئتها في الاستيراد والتصدير، والتي تدار من قبل أحزاب وعصابات وشخصيات نافذة في الدولة اخذت تقرض سلطة الدولة، بما أفقدها القدرة على أي معالجة، فالخور والضعف والمنفعة الشخصية صفة المسؤول في المفاصل أجمعها، وفي عصب الاقتصاد يتمحور السوء كله.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top