بغداد/ تميم الحسن
احباط كبير شعرت به القوى التي انبثقت عن الاحتجاجات، بعد اعلان الحكومة تقليص الدور الدولي في الانتخابات الى "الرقابة" فقط. ورجح ناشطون، ان تعيد بعض التنظيمات المدنية التفكير في خوض الانتخابات، بعدما نجحت القوى الكبيرة في فرض رؤيتها.
بالمقابل تسربت معلومات عن دور لدولة جارة في اعطاء الامم المتحدة والاتحاد الأوروبي دورا اقل مما كان مخططا له.
وكانت اطراف سياسية قد كشفت قبل ايام، عن تعرض مفوضية الانتخابات والحكومة الى ضغوط من بعض الجهات لمنع المطالبة بالاشراف الاممي على الانتخابات.
وتبدو بعض القوى التي تعارض اجراء الانتخابات المبكرة بشكل سري، بحسب المصادر، انها قد انشأت ما يشبه التحالف لمنع الاشراف بذريعة "السيادة".
وقبل أيام، قال وزير الخارجية فؤاد حسين، إن بلاده أرسلت طلبا إلى مجلس الأمن الدولي بشأن الرقابة الانتخابية، مؤكدا أن بغداد بصدد إرسال رسالة ثانية.
ومن المفترض ان تجري الانتخابات التشريعة الاولى بعد الاحتجاجات الواسعة في 2019، في تشرين الاول المقبل، بعد تأجيل الموعد السابق الذي حدد في حزيران المقبل.
زيارة في توقيت مريب
ويقول مصدر سياسي مطلع لـ(المدى) ان "تراجع المفوضية والحكومة عن الدور الذي كان متوقعا لدول العالم في ملف الانتخابات جاء متزامنا مع زيارة لرئيس القضاء الايراني الى بغداد".
واظهرت مقاطع فيديو، يوم امس، اجراءات مشددة في مدينة الكاظمية خلال زيارة ابراهيم رئيسي الى العتبات الدينية في المدينة.
وتزامن مع تلك الاحداث، انتشار غير مسبوق لسرايا السلام في بغداد ومدن اخرى، لمنع مخطط لضرب العتبات، بحسب بيانات لمسؤولين في التيار.
وذهبت بعض القراءات الى تفسير ذلك الانتشار الذي انفض بعد وقت قصير، بانه اظهار "لدور التيار الصدري" وسيطرة على الشارع امام الايرانيين، وبأن على طهران ان تتفاوض معهم وليس مع طرف آخر.
وبغض النظر على صحة تلك التفسيرات، فان رئيس السلطة القضائية قال خلال مؤتمر صحفي عقده قبيل مغادرته طهران، ان هذه الزيارة تصب في صالح تحسين العلاقات القانونية والقضائية اكثر فاكثر بين البلدين.
واوضح ان زيارته الحالية الى العراق تأتي بدعوة رئيس مجلس القضاء الاعلى العراقي فائق زيدان.
وتدير الانتخابات في العراق، هيئة من القضاة كان قد رشحهم مجلس القضاء، خلفا للمفوضيات السابقة التي كانت تضمن تمثيلا واسعا للاحزاب والقوى السياسية داخلها.
رد الحكومة
وكانت قوى احتجاجات تشرين وناشطين، قد دعوا الى دور واسع للامم المتحدة في الانتخابات المبكرة المقبلة، واعتبروا تخلي الأمم المتحدة عن هذا المطلب تراجعا.
وأوضح مستشار رئيس الوزراء، عبد الحسين الهنداوي، امس، إن "دور الامم المتحدة في الانتخابات هو المراقبة من خلال التقييم وليس الاشراف"، مبيناً "أنها لا تتدخل في العملية الانتخابية ولا بإدارتها".
وأضاف الهنداوي المشرف على ملف الانتخابات في تصريحات اوردتها الوكالة الرسمية، أن "العراقيين هم من يقومون بإدارة الانتخابات في كل مراحلها".
ولفت المستشار الى أن "المرجعية تحدثت عن اشراف الامم المتحدة ومراقبة الانتخابات، لكن من الناحية العملية فإن وزارة الخارجية طلبت المراقبة فقط".
وسبق ان قال المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، في بيان عقب لقائه ممثلة الامم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت "لا بد من مراعاة النزاهة والشفافية في مختلف مراحل اجراء الانتخابات، والإشراف والرقابة عليها بصورة جادة بالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة".
وكانت قضية الإشراف الأممي قد أثارت مخاوف طهران، وشنت صحيفة "كيهان" التابعة لمكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، هجوماً على السيستاني في ايلول 2020، بسبب طلبه من الأمم المتحدة الإشراف على الانتخابات العراقية المقبلة.
وكتب حسين شريعتمداري، رئيس تحرير الصحيفة ومندوب خامنئي فيها، إن "دعوة السيستاني للأمم المتحدة بالإشراف على الانتخابات البرلمانية في العراق، تعد دون شأنه ومنزلته".
كما خاطب شريعتمداري السيستاني قائلاً "لقد أخطأتم في طلبكم ممثلة الأمم المتحدة. لا بأس في ذلك، لكن الآن عُد وصحّح ذلك وقُل إنك لم تقل ذلك".
دعوات لمقاطعة بلاسخارت
في غضون ذلك قال محمد جبر، عضو حركة امتداد، المنبثقة عن احتجاجات تشرين لـ(المدى) باننا "نشعر باحباط كبير وخيبة امل بالموقف الضعيف للأمم المتحدة في الانتخابات المبكرة المقبلة".
واتهم جبر، ممثلة الامم المتحدة في العراق بـ"توريط المحتجين وخداعهم بعد ان كانت قد وعدتهم بدور اكبر للامم المتحدة في الانتخابات".
وكشف عضو حركة امتداد، التي يرأسها الناشط البارز علاء الركابي عن "نية القوى التشرينية بالضغط على الأمم المتحدة لاستبدال بلاسخارت بسبب تراجعها عن وعودها".
ويخشى ناشطون من سطوة الاحزاب الكبيرة او كما يسميها مهند البغدادي، الناشط في بغداد بـ"الدولة العميقة" التي تملك "السلاح والمال والقادرة على تزوير الانتخابات".
ويعتقد مهند في حديث مع (المدى) ان "تراجع دور الامم المتحدة ودول العالم في الاشراف على الانتخابات، سيؤدي الى عزوف الناخبين المدنيين وربما حتى بعض القوى التشرينية عن المشاركة في الانتخابات".
وكانت مصادر قد قالت في وقت سابق لـ(المدى) ان بعض القوى السياسية "التي تملك اجنحة مسلحة تستعد لتزوير الانتخابات" وهي تضغط من اجل "تقليص دور الامم المتحدة".
وكان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، قد قال في وقت سابق، ان "وضع الانتخابات تحت إشراف دولي خطير جداً".
واكد في لقاء تلفزيوني أنه "لا توجد دولة تقبل بإشراف دولي على انتخاباتها"، لأن هذا الاجراء بحسبه يمثل "خرقا للسيادة الوطنية"، فيما أبدى موافقته على "المراقبة فقط".
وبحسب معنيين في شؤون الانتخابات، فان الفرق بين الإشراف والمراقبة، هو أن الأول يعني التدخل المباشر في عمل الانتخابات، بينما المراقبة هي ملاحظة سير العملية الانتخابية.
وبعيدا عن الفرق بين الحالتين، فان رياض المسعودي النائب عن سائرون، يقول: "المهم سيكون هناك وجود مختلف هذه المرة للامم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية".
ويشكك المسعودي في فهم بعض القوى السياسية للدور الدولي في الانتخابات. ويضيف في حديث لـ(المدى): "ستكون هناك اكثر من 200 شخصية دولية لمتابعة سير الانتخابات دون ان يكون لهم دور في التأثير على النتائج".
وتابع النائب عن سائرون "ستتأكد الجهات الدولية من عدم وجود مسلحين في داخل قاعات الاقتراع او خارجها، ومن سلامة نقل الصناديق، ووقت فتح المراكز الانتخابية، وعدم استخدام المال السياسي".
اترك تعليقك