نساء العراق يكافحن من أجل تفادي الإساءة وسط ازدياد معدلات العنف الأسري

نساء العراق يكافحن من أجل تفادي الإساءة وسط ازدياد معدلات العنف الأسري

 ترجمة: المدى

مرّ على زواج ضحى صباح ثمانية عشر عاماً عندما رفع زوجها لأول مرة يده عليها . وهم مجتمعون في بيت ذي غرفة واحدة في أحد أحياء بغداد الفقيرة ، فإنه غالباً ما يعاني الزوجان كثيراً لتهيئة مائدة طعام لأطفالها الأربعة .

تقول صباح " ليس لدينا دخل كافٍ . الأطفال بحاجة للذهاب الى المدرسة وليس لدي مبلغ كافي لتغطية هذه الاحتياجات . كلما أتحدث معه حول هذه المشكلة يردعلي وعلى الأطفال بالضرب ." في إحدى المرّات لجأت صباح لتلقي علاج طبي جراء الإساءة البدنية لزوجها عليها .

تقول الشرطة إن معدل العنف المنزلي قد ازداد في العراق بنسبة 20% منذ بدء إجراءات الحظر لتفادي وباء كورونا ، الذي تسبب بجعل ملايين العراقيين دون خط الفقر . الأحياء الفقيرة في العراق كانت الأكثر تأثراً من تزايد الضغوط الاقتصادية والنفسية .

ارتفاع نسبة العنف المحلي المنزلي يسلط الضوء على محدودية توفر الاسناد القانوني والمالي في العراق ، حيث تجد النساء انفسهن عالقات دائما وسط أجواء منزلية مسيئة بسبب التقاليد المحافظة التي ترى من المعيب بالنسبة للنساء أن يخرجن طلبا للعدالة .

قالت صباح " قررت أن اصطحب أولادي ونهرب ولكن أين عساي أن اذهب ؟ من سيقبل ايوائي ؟ أبواي فقيران أيضاً ولا يستطيعان تغطية نفقاتي ."

لهذا فقد اتجهت الى شرطة العراق المجتمعية ، وهي وحدة تابعة لوزارة الداخلية مفوضة بحل النزاعات المجتمعية قبل أن تتفاقم أكثر .

العميد غالب عطية خلف ، المسؤول عن الشرطة المجتمعية قال " عندما تتقدم زوجة بشكوى ضد زوجها عند إحدى مراكز الشرطة أو أن تتوجه الى محكمة ، فإنه من المؤكد أن علاقتهما لن تعود أبداً الى طبيعتها . ولكن إذا ما تتدخل الشرطة المجتمعية وتحل مشاكلهم عبر التسوية فإن الأمور ستعود لطبيعتها ."

وبعد عدة جلسات وساطة ودعم من وجهاء المنطقة العشائرية تمكنت الشرطة المجتمعية من إجبار زوج صباح على توقيع تعهد من أنه لن يضربها مرة أخرى ، ومن تلك اللحظة توقف العنف الذي كانت تتعرض له .

قال العميد خلف " لو استطعنا أن نوحد العوائل ونحافظ على اللحمة المجتمعية ، فسنعمل على تقليل نسبة الجريمة . لقد اكتشفنا بأن أغلب الجرائم تكون ناتجة عن حالات التفكك الأسري ."

وتذكر الشرطة المجتمعية انها تمكنت من حل 90% من مشاكل قضايا العنف الأسري . لكن منتقدين يقولون ان أولويات الوحدة هو تفضيل المصالحة على تحقيق العدالة بالنسبة للضحايا .

العنف ضد النساء تم تطبيعه ضمن المجتمع العراقي وقوانينه . واستناداً لدراسة صدرت عن وزارة التخطيط عام 2012 فان أكثر من نصف النساء اللائي استطلعت آراؤهم اعتقدن أن ضرب زوجة لعدم طاعتها أمر زوجها لا يعتبر عنفاً .

إحصائيات الأمم المتحدة بينت أن 46% من النساء اللائي تزوجن حديثاً في العراق هن عرضة لصنف واحد على الأقل من العنف العاطفي أو الجسدي أو الجنسي من قبل أزواجهن . قليل جداً ممن رفعن قضايا إجرامية .

مروة عبد الرضا ، محامية شابة اعتادت ان تتولى قضايا عنف منزلي ، قالت " التقاليد والقيم الاجتماعية تعتبر انه من المعيب بالنسبة للمرأة ان ترفع شكوى ضد زوجها او اخيها . حتى وان رفعت قضية فانه حال ما تعلم عائلتها بذلك فإنها ستقوم بإسقاطها ."

ولم تستذكر ، عبد الرضا ، ان قضية واحدة انتهت بإدانة معتدي . وحتى انها حولت اهتمامها بعد ذلك لعمل قانوني آخر وذلك بعد تلقيها تهديدات ومصاعب واجهتها وهي تحاول الدفاع عن ضحاياها والتي بدأت تؤثر عليها نفسيا .

العراق لا يمتلك حاليا قانونا خاصا بالعنف الأسري . وكان مشروع مسودة قانون العنف قد طرح لاول مرة في البرلمان عام 2014 ، ولكن توقف التقدم بع وسط معارضة سياسية واسعة من قبل مشرعين اعتقدوا من انه سيؤدي الى تآكل النسيج المجتمعي للعراق .

عضو البرلمان جمال المحمداوي ، قال " لا نستطيع ان نستنسخ تجارب غربية يكون تأثيرها سلبي على مجتمعنا . انا اعتقد ان القانون الجديد سيزيد من معدلات الطلاق اكثر وسيزيد من العداوة بين الزوجة وزوجها ."

هناك بند واحد من القانون يعتبر مثير للجدل بشكل خاص ، ألا وهو الحق بمنظمات غير حكومية ان تفتح ملاجيء لضحايا العنف الاسري .

ميسون الساعدي ، رئيسة لجنة النساء في البرلمان ، تقول " لا يمكننا ان نسمح لأي جهة بان تفتح ملجأ او مأوى ."

يوجد حاليا مأوى حكومي واحد في بغداد ، ولكنه يوفر فقط مبيت استنادا لأمر من قاضي . وهذا يتطلب رفع دعوى للشرطة , وهو امر كثير من النساء يمتنعن عن القيام به بسبب الوصمة التي سترافق لجوئها لمركز شرطة .

قسم من منظمات حقوق المرأة تقوم بإدارة ملاجئ سرية ، رغم المخاطر القانونية والامنية الكبيرة .

ابتسام مانع ، من منظمة حرية المرأة في العراق والتي تدير عدة ملاجئ للنساء في بغداد ، تقول " نحن نواجه كثير من التحديات والمصاعب عند فتح ملاجئ لحماية نساء . غالبا ما نواجه قضايا مع عشائر . وعندما يعلمون بان امرأة من عشيرتهم تقيم في ملجئنا ، فكأنه يبدؤون بشن حرب علينا . وكذلك الشرطة اعتدت على عدد من ملاجئنا ."

العام الماضي رفعت الحكومة قضية قانونية ضد المنظمة تطالب بحلها . وتضمنت الاتهامات التحريض على تفرقة العوائل واستغلال النساء ومساعدتهن على الهروب .

بقلم سيمونا فولتاين

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top