ترجمة/ حامد احمد
سيقوم البابا فرانسيس في 5 آذار القادم بزيارة يسجلها التاريخ ضمن زياراته لعدد من البلدان وهذه المرة ستكون محطته العراق وهي الاولى لبابا فاتيكان كاثوليكي، وتأتي في وقت يكون فيه الشعب العراقي بأمس الحاجة الى أمل واهتمام خارجي، انها زيارة كان قد حلم باباوات قبله بأن تطأ قدمهم الارض والمكان الذي ولد فيه نبي الله ابراهيم أبو الانبياء ومهد الديانة المسيحية .
كان للبابا فرانسيس تواصلا مع العراق لفترة من الزمن، فقد قام عام 2018 بتزكية بطريارك الكنيسة الكلدانية في العراق والعالم لويس ساكو بمنصب كاردينال. وفي كانون الثاني عام 2020 استقبل رئيس الجمهورية برهم صالح في مكتبه بالفاتيكان، وكان ذلك اللقاء ممهدا بدعوة البابا لزيارة العراق وإبداء الرغبة بتحقيقها .
وفي خطابه خلال تجمع ضخم لقداس اقيم في ساحة كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان في شباط، تحدث البابا بشكل مباشر للعراقيين وصلى من اجلهم ومن اجل العراق، حيث قال "أخاطبكم يا أهل العراق، انا قريب منكم. بلدكم ساحة معركة وحروب من كل جانب. انا أصلي من اجلكم، وسأدعو من اجل السلام في بلدكم ."
العراق اليوم يعتبر ساحة معركة لارهاب وفساد وتفشي وباء كورونا ومليشيات وتدخلات خارجية تسعى لاضعافه بكل المستويات. رغم هذه التحديات فقد قرر البابا القيام برحلة لأربعة ايام للعراق يزور فيها عدة مناطق مختلفة وذلك من اجل تعزيز مبدأ التسامح والتعايش السلمي في البلد وتعزيز المكانة والطبيعة التاريخية للمسيحيين في العراق والعالم العربي .
البابا فرانسيس الذي يدعو الى ثقافة التقارب سيصل العراق كحاج للسلام الذي سيعمل على تعزيز صلة التعايش ما بين الاقلية المسيحية في البلد مع الغالبية المسلمة.
"الكل هم اخوة" هو العنوان الرسمي للرحلة، وان الشعار الرسمي لزيارة البابا سيتضمن بوسترا للبابا مع حمامة تطير فوق نهري دجلة والفرات مع صورتين لعلم الفاتيكان والعلم العراقي .
تقول الفورن بولسي ان البابا يأمل من زيارته ان يكون راعيا لكل من الشعبين المسيحي والمسلم في العراق الذين عاشا مراحل حروب متوالية وتجاهل وعدم استقرار. الزيارة البابوية قد تكون بمثابة مؤشر نادر على الوحدة في بلد عرف دائما بالانقسامات والتناحر .
جولة الاربعة ايام من 5- 8 آذار ستكون اول رحلة خارجية للبابا منذ ملازمته منزله في تشرين الثاني 2019 بسبب اجراءات الوقاية من تفشي وباء كورونا. سيصل البابا اولا الى بغداد حيث سيلتقي برئيس الجمهورية برهم صالح ومن ثم يلتقي بالمرجع الديني علي السيستاني في النجف وبعدها يذهب لزيارة مكان موقع مولد النبي ابراهيم في مدينة أور، ثم يقوم بزيارة سهل نينوى ليطلع على مناطق تواجد المسيحيين ومنها بلدة قرة قوش التي تعرضت وبلدات اخرى مجاورة للايزيديين الى هجمات مسلحي داعش وجرائم بحقهم، ومن ثم في اربيل .
كان البابا الراحل جون بول الثاني قد خطط لزيارة مدينة أور في عام 2000 لتكون منطلقا لزيارات اخرى للارض المقدسة في ذلك العام، ولكن تلك الزيارة كانت قد الغيت بعد تدهور المباحثات مع رئيس النظام السابق في حينها صدام حسين. خليفته البابا بيندكت السادس عشر تمت دعوته فيما بعد من قبل الحكومة العراقية لزيارة العراق، ولكن الظروف الامنية حالت دون الموافقة على الدعوة .
الان وعلى الرغم من الهجمات الصاروخية الاخيرة في اربيل والتفجيرات الانتحارية في بغداد، مع تعرض البلاد لموجة تفشي جديدة لفايروس كورونا وارتفاع حالات الاصابة بالمرض، فان البابا فرانسيس سيحاول القيام بما لم يقم به أي زعيم للكنيسة الكاثوليكية من قبله .
من جانب آخر قال رئيس الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية الكاردينال، لويس رافائيل ساكو، في حديث لصحيفة كورير ديلا سيرا الايطالية بان زيارة البابا فرانسيس للعراق من 5- 8 آذار ستكون بمثابة "حدث استثنائي" بالنسبة لما يقارب من نصف مليون مسيحي يعيشون في البلد.
وقال ساكو، الذي نصبه البابا فرانسيس عام 2018 برتبة كاردينال: "كنا بانتظار زيارة يقوم بها بابا الفاتيكان للعراق منذ عقود. نحن متشوقون كثيرا لهذه الزيارة بعد كل سنوات الظلام تلك. زيارة البابا للعراق تبعث بمؤشر للأمل ليس لبلدنا فقط وليس للطائفة المسيحية فقط بل لجميع منطقة الشرق الاوسط ."
وقال ساكو "انه سيأتي ليقول لنا بان الدين لايفرقنا بل على العكس انه يوحدنا. ستساعد الزيارة في ايجاد لغة حوار ديني مشتركة، البابا سيأتي ليخبرنا باننا جميعا اخوة ."
وقال ساكو انه لا يعتقد بان البابا سيكون في خطر خلال تواجده في العراق، مؤكدا بقوله "الاجراءات الامنية المتخذة رائعة. وان داعش قد فقد قوته ."
وكان الكاردينال ساكو اول من حفز البابا فرانسيس للقيام بزيارة للعراق وذلك عند أول لقاء به بعد يومين من تنصيبه بابا للفاتيكان في عام 2013. وقال ساكو "قال البابا انه يتطلع لزيارة بلدنا وهو مكان انطلاق النبي ابراهيم في رحلته. وعندما قلت له بان في بلدنا تعرضت 57 كنيسة لهجوم وسقط 950 شهيدا، قال لي انه يشعر بألم تجاهنا ."
عن: صحيفة هيرالد ومجلة فورن بولسي
اترك تعليقك