إيران تنسحب من مفاوضات ترسيم الحدود مع العراق وتبتلع 2 كيلو متر مربع

إيران تنسحب من مفاوضات ترسيم الحدود مع العراق وتبتلع 2 كيلو متر مربع

 بغداد/ المدى

اتسمت اللقاءات العراقية الإيرانية بشأن ترسيم الحدود المائية بين الدولتين، بشيء من التوتر بعد تجاهل طهران لمطالب الحكومة العراقية المتكررة بضرورة تعديل بعض من بنود اتفاقية الجزائر التي أبرمت في العام 1975.

وُتتهم طهران من قبل المسؤولين في بغداد بأنها تتعمد في اتباع سياسة مائية معينة تمكنت خلالها من استقطاع أكثر من (2) كيلو متر من شط العرب من ضمنها ميناء العمية، والعديد من المنشآة النفطية وضمها إلى الأراضي الإيرانية.

وحيال هذا التصعيد الخطير تقف الحكومة العراقية موقفا خجولا لا تستطيع فيه مواجهة هذه التغييرات والتجاوزات وحلها بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات، ولا حتى اللجوء إلى الأمم المتحدة التي تشترط لوائحها وقوانينها موافقة الجانبين.

ومع كل هذا علقت إيران مفاوضاتها مع الجانب العراقي في الجزئية التي تهدف إلى إجراء تعديلات على بنود اتفاقية الجزائر.

نهر سيروان مهدد بالجفاف

ويقول عون ذياب مستشار وزارة الموارد المائية في تصريح لـ(المدى) إن "خزيننا المائي في سدودنا وخزاناتنا على نهري دجلة والفرات جيدة يؤهلنا لتأمين احتياجاتنا في فصل الصيف القادم وحتى بداية فصل الشتاء المقبل"، مستدركا بالقول: لكن نحن قلقون من موضوع نهر ديالى الذي يتغذى من سدي دربندخان وحمرين اللذين يتغذيان من نهر سيروان القادم من دولة إيران.

ويتابع أن "كميات المياه القادمة من المصب قليلة جدا (نهر سيروان)، إضافة إلى قلة الأمطار الساقطة في حوض محافظة ديالى وتكاد تكون محدودة" لافتا إلى أن "هذه المشاكل والأسباب تثير قلقنا في تأمين مياه نهر ديالى".

وقبل اقل من أسبوع تقريبا لمست وزارة الموارد المائية نقصا كبيرا جداً في إطلاقات مياه نهر سيروان من 47 مترا مكعبا في الثانية إلى سبعة أمتار مكعبة في الثانية، مما يجعله مهددا بالجفاف خلال موسم الصيف القادم.

وينبع نهر سيروان من داخل الأراضي الإيرانية بطول يبلغ (445 كم) ثم يدخل في محافظة السليمانية وصولا إلى محافظة ديالى وقد بني عليه سدان كبيران، الأول هو سد دربنديخان في محافظة السليمانية والثاني هو سد حمرين في محافظة ديالى.

إيران ترفض الحوار

وتعثرت المفاوضات الجارية بين الحكومة العراقية والجمهورية الإسلامية، بشأن التجاوزات الحاصلة على حصة العراق المائية، وكذلك أيضا حول ترسيم الحدود المائية والبرية وامكانية حل اشكالياتها منذ سنوات سابقة.

ويعلق مستشار وزارة الموارد المائية على تعثر هذه المفاوضات بالقول "إن المفاوضات بين الجانبين شبه متعثرة بسبب اتفاقية 1975، التي يصر الجانب الإيراني على الالتزام ببنودها، في حين تعتقد الحكومة العراقية أنها اتفاقية موقعة في زمن النظام السابق، وبالتالي غير مصادق عليها".

وابرم العراق وإيران اتفاقية صلح في الجزائر في العام 1975 نصت على تسوية الخلاف الحدودي بين البلدين حول شط العرب والمناطق الحدودية الأخرى، وللمرة الأولى تنازل العراق عن حقوقه في المعاهدات السابقة بالسيادة على الممر المائي واعتماد خط التالوك أساسا لترسيم الحدود في شط العرب.

ويلفت المستشار الحكومي إلى أن "تطبيق بنود اتفاقية الجزائر أمر صعب وإلغاؤها أيضا أمر صعب، لكن ما يهمنا في الوقت الحالي الدخول في مفاوضات مع الإيرانيين لتسوية الخلافات على الأنهار الحدودية المشتركة معهم"، منوها إلى أن "الاتفاقية فيها برتوكول ملحق يتعلق بوجود هذه الأنهار الحدودية".

ويصف عون ذياب التحركات العراقية بشأن معالجة هذه الإشكالية مع الإيرانيين بأنها "غير نشطة"، موضحا أن "وزارة الخارجية هي الجهة المعنية بحسم (ترسيم الحدود البرية) هذا الموضوع والاتفاق على تجاوز كل هذه المشاكل والخلافات الحدودية المشتركة".

وينوه إلى أن "الحدود البرية مرسمة باستثناء الاختلافات على بعض النقاط الممكن معالجتها (هناك دعامات مثبتة بينها مناطق متموجة تحتاج إلى وجود دعامات فرعية)، مشيرا إلى أن مشكلة ترسيم الحدود المائية هي المشكلة الرئيسة والمعلقة بين الجانب العراقي والإيراني، وتحديدا حدود شط العرب".

تغيير خط التالوك

وشكل موضوع ترسيم الحدود المائية بين العراق وايران، في شط العرب مصدرا للتوتر بين الدولتين أدى في العام 1980 إلى إعلان الحرب بينهما استمرت إلى ثمان سنوات، بعد ان ألغيت الاتفاقية من طرف الحكومة العراقية آنذاك.

ويتحدث ذياب عن هذه المشاكل والخلافات قائلاً إن "المشكلة تدور في شط العرب وفي فوهة الخليج (المنطقة التي تمتد إلى داخل الخليج)"، مؤكدا على أن "اللجنة الحكومية لم تصل إلى اتفاق بشأن حسم هذه المواد العالقة مع الإيرانيين".

ويتابع أن "خط التالوك وهو النقطة العميقة في شط العرب والتي تعد النقطة الحدودية الفاصلة مع إيران (حسب اتفاقية الجزائر) بدأت تتغير (انسحبت وزحفت نحو الأراضي العراقية) بسبب الترسبات التي يحملها نهر الكارون".

ويوضح أن "ما نطالب به حاليا تعديل بعض فقرات اتفاقية الجزائر مع إيران"، لافتا إلى أنه "بعد توقيع هذه الاتفاقية تغير الكثير من الأمور".

رفض إيران لتعديل اتفاقية الجزائر

من جهته يوضح مصدر مطلع على تفاصيل المفاوضات أو اللقاءات التي جرت بين الوفدين العراقي والإيراني "أن الحكومة العراقية تطالب بتعديل اتفاقية الجزائر الموقعة مع إيران كونها ألحقت ضررا كبيرا بالعراق"، منوها إلى أن "الحكومة تتخوف من ردة فعل جماهيرية في حال الاعتراف بهذه الاتفاقية في ظل هذه الظروف".

ويبين المصدر الذي رفض الكشف عن هويته لحساسية الموقف في تصريح لـ(المدى) أن "مشكلة الاتفاقية تكمن في فوهة شط العرب داخل الخليج التي عادة ما تكون حركة المياه متعرجة (تنعطف يمينا أو يسارا) مما تسبب بدفع مسار مياه شط العرب بنحو (2) كيلو متر داخل الأراضي العراقية"، مضيفا أن الإيرانيين يعتبرون هذه التغييرات طبيعية استنادا إلى اتفاقية الجزائر.

ويؤكد المصدر المطلع أنه "بعد هذه التغييرات الطبيعية في مسار شط العرب أصبح ميناء العمية العراقي تابعا إلى إيران بعد سحب او دفع خط التالوك على الأراضي العراقية" مؤكدا على أن النقطة الخلافية الحالية بين العراقيين والإيرانيين عن أن هذه التغييرات في التالوك هل هي طبيعية أو ليست طبيعية".

ويتشكل شط العرب من التقاء نهري دجلة والفرات عند منطقة القرنة ثم يصب في الخليج، ويبلغ طوله 204 كم، أما عرضه فمتفاوت فهو عند المصب يبلغ أكثر من كيلو مترين، ويصل عرضه عند مدينة البصرة إلى حوالي الكيلو متر الواحد.

وقد منحت المعاهدات التاريخية التي ورثها العراق عن الدولة العثمانية له الحق في السيادة على هذا الممر المائي عدا مناطق محددة أمام المحمرة وعبادان.

تغييرات ليست طبيعية

ويرى أن "هذه التغييرات ليست طبيعية لان الإيرانيين تعمدوا بقطع انهار الكرخا والكارون وقطع اغلب الروافد التي تصب في شط العرب مما اثر على منسوب المياه مما اثر أو تسبب في تغيير خط التالوك ودفعه نحو الأراضي العراقية".

ويضيف أن "تعديل هذه الاتفاقية المصادق عليها في الأمم المتحدة أو إلغاؤها يشترط موافقة الجانبين العراقي والإيراني" مضيفا أن "المباحثات الحالية لا تعدو أكثر من لقاءات متباعدة لم ترتقِ إلى مستوى الحوارات والمفاوضات".

ويتابع أن "هذه التغييرات تسببت في خسارتنا للعديد من المنشآت النفطية (منصات نفطية لنقل النفط) من ضمنها ميناء العمية"، مؤكدا على أن "هذا الميناء وخط مرور نقل النفط أصبح في الأراضي الإيرانية بسبب هذه التغييرات".

وكان السفير الإيراني في بغداد طالب من الحكومة العراقية في العام 2009، بضرورة عدم استخدام ميناء "خور العمية" النفطي كونه جزءاً من الأراضي الإيرانية.

وينقل المصدر عن احد اللقاءات السابقة مع الإيرانيين في طهران أن اللجنة الإيرانية انسحبت من الاجتماع بعدما طالب الوفد العراقي بتعديل اتفاقية الجزائر.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top