 بغداد/ وائل نعمة

من المرجح ان تقوم جهات سياسية بالطعن في قرار مفوضية الانتخابات الذي اعلن عنه امس والذي ينص على الغاء انتخابات الخارج المنصوص عليها في قانون الانتخابات المشرع قبل نحو 4 اشهر.
واعتذرت المفوضية قبل 6 اشهر من الموعد الرسمي للانتخابات عن تنظيم الاقتراع بالخارج لاسباب مالية وفنية وانتشار وباء كورونا فضلا عن احتمالات تزوير النتائج.

وسيبقى امام المفوضية في حالة الطعن بقرارها اما تحديد موعد جديد للانتخابات –وهو افتراض ضعيف- او المضي باي طريقة لاعادة انتخابات الخارج.

ويقدر عدد العراقيين بالخارج بنحو 6 ملايين شخص - يمثل غالبيتهم الاقليات- موزعين على 21 دولة، 2 مليون منهم يحق لهم التصويت.

وقالت المفوضية بعد يوم من اعلان استعدادها لاجراء الانتخابات في تشرين الاول المقبل، ان مجلس المفوضين "قرر عدم إجراء انتخابات مجلس النواب للعراقيين في الخارج".

وذكرت المفوضية في بيان امس، أن "قانون انتخابات مجلس النواب العراقي ينص على أن يصوت عراقيو الخارج عبر استخدام البطاقة البايومترية حصراً"، موضحة أنها واجهت عدة معوقات فنية ومالية وقانونية وصحية.

هل هناك مخالفة قانونية؟

لكن النائب صائب خدر وهو عضو في اللجنة القانونية في البرلمان يقول لـ(المدى) انه "بالتأكيد ستقوم جهات سياسية بالطعن في القرار لانه يخالف القانون" الذي شرعه البرلمان في تشرين الاول الماضي.

وتنص المادة 39/ رابعا في قانون الانتخابات على أن "يصوت عراقيو الخارج لصالح دوائرهم الانتخابية باستخدام البطاقة البايومترية حصراً". ويعتقد خدر انه في حال الطعن بالقرار: "ستكون المفوضية ملزمة باجراء الانتخابات بالخارج باي طريقة"، معتبرا الغاء تلك الانتخابات هو "سلب لحق عراقي مكفول في الدستور بالمشاركة السياسية".

ويستبعد النائب اقتراح المفوضية موعدا جديدا للانتخابات لحين اكتمال تنظيم انتخابات الخارج، معللاً ذلك "بسبب قرار البرلمان الاخير الذي وعد فيه بحل نفسه في تشرين الاول المقبل والاجواء العامة التي تذهب صوب عدم تأجيل الموعد مرة اخرى".

وكان من المتوقع، بحسب قول خدر، ان تعتذر المفوضية عن اجراء انتخابات الخارج. واضاف: "قبل تحديد الموعد السابق للانتخابات والذي كان في حزيران، قالت المفوضية خلال نقاشاتها مع اللجنة القانونية بانها ستحتاج الى سنة لاكمال البطاقات البايومترية في الخارج".

وذكرت المفوضية في بيانها الاخير أن من أبرز المعوقات امامها، هو إكمال عملية تسجيل الناخبين في الخارج بايومترياً بمراحلها كافة تحتاج إلى 160 يوماً تقريباً في الظروف المثالية، بينما المدة المتبقية هي 40 يوما فقط.

وأشارت إلى أن "وزارة الخارجية اعتذرت عن إجراء عملية التسجيل والاقتراع في السفارات والقنصليات لاستحالة إقامتها في المرحلة الراهنة ولهذه الدورة الانتخابية، إضافة الى ما ستستغرقه عملية فتح حسابات جارية باسم مكاتب المفوضية في خارج العراق، وما يتطلبه ذلك من موافقات أمنية ومالية من تلك الدول".

وبررت المفوضية عملية إلغاء التصويت بأن العملية الانتخابية في الخارج تجرى في أماكن غير خاضعة للسيادة العراقية ما يجعلها خاضعة لقوانين تلك الدول، ولا ولاية للقضاء العراقي على المخالفات والتجاوزات التي قد تحصل خلال إجراء العملية الانتخابية. كذلك اعتبرت أن إرسال موظفي المفوضية إلى دول أخرى في ظل الظروف الصحية الحرجة المتمثلة بانتشار جائحة كورونا يعرض سلامتهم إلى الخطر.

وأعلنت المفوضية يوم الاثنين الماضي، وضعها نماذج لأوراق الاقتراع، فيما أكدت استعدادها لإجراء الانتخابات في شهر تشرين الأول المقبل.

وذكرت الناطقة الاعلامية الرسمية للمفوضية، جمانة الغلاي، في تصريحات صحفية أن "المفوضية وضعت توقيتات وجداول زمنية استعدادا لاجراء الانتخابات في تاريخها المحدد 10-10-2021".

وأوضحت، أن "المفوضية باشرت منذ شهر كانون الثاني الماضي بتحديث سجل الناخبين وتوزيع البطاقات البايومترية، فضلا عن استقبال طلبات تسجيل التحالفات السياسية وقوائم المرشحين". وكان مجلس الوزراء قد صوت على تحديد 10 تشرين الاول المقبل موعدا لإجراء الانتخابات المبكرة.

دعوة لعراقيي الخارج

بدوره، قال رياض المسعودي، النائب عن سائرون لـ(المدى) ان "المفوضية اتخذت قرارا فنيا صحيحا، ويمكن للعراقيين في الخارج التصويت في داخل البلاد".

واضاف المسعودي انه "لا يمكن ان يسلب حق العراقي في الانتخابات، لكن بسبب ظروف كورونا ومخاوف التزوير يمكن ان يحضر العراق من الخارج ليصوت بالمراكز في الداخل".

وسجلت انتخابات 2018 (الاخيرة) مشاركة مليون عراقي في الخارج من اصل نحو 2 مليون يحق لهم التصويت.

وقال النائب عن سائرون ان اكثر المراكز التي تؤثر في نتائج الانتخابات في الخارج هي: "ايران، تركيا، سوريا، الاردن، لبنان، ومصر".

واكد المسعودي ان "كل تلك الدول حدثت فيها عمليات تزوير وخروقات في الانتخابات الاخيرة".

وفتحت مفوضية الانتخابات في 2018، 130 مركزا في 21 دولة، تم الغاء 67 مركزا منها بعد ذلك لاسباب تتعلق بحدوث حالات تزوير، اكثرها في امريكا حيث الغت المفوضية 31 مركزا هناك. وشهدت انتخابات 2018 عمليات تزوير واسعة باعتراف الامم المتحدة والحكومة العراقية وقتذاك.

وأعلن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق آنذاك يان كوبيتش، عن رصد عمليات "تزوير وترهيب" من مجموعات مسلحة في الانتخابات البرلمانية التي جرت 12 أيار 2018. كما قال رئيس الوزراء حينها حيدر العبادي، في حزيران 2018، إن اللجنة المكلفة من مجلس الوزراء كشفت "حالات تزوير في بعض مراكز الاقتراع أثناء إجراء الانتخابات"، محملا آنذاك مفوضية الانتخابات المسؤولية.

جمهور الأقليات

الى ذلك قال النائب المسيحي عمانوئيل خوشابا لـ(المدى) ان "المسيحيين والمكونات الاخرى ستكون اكثر المتضررين من الغاء انتخابات الخارج، نظرا لهجرة اغلب جمهور هذه الفئات خارج العراق".

وانخفض عدد المسيحيين في العراق إلى أقل من 50% بعد عام 2003، حيث كانت اعدادهم قبل ذلك التاريخ تقدر بنحو 1.5 مليون مسيحي.

ودعا خوشابا مفوضية الانتخابات الى "ايجاد وسيلة اخرى غير الغاء صناديق الخارج، لضمان تصويت العراقيين بالخارج بطريقة سليمة وعن طريق بطاقات البايومتري".

وكانت شكاوى كثيرة قد وصلت الى الحكومة العراقية في انتخابات 2018 تتعلق بعدم قدرة المواطنين في الخارج على التصويت بسبب عدم امتلاك اغلبهم وثائق عراقية.

ويعتقد النائب المسيحي ان عملية الطعن بالقرار "ستكون صعبة خصوصا وان المحكمة الاتحادية المسؤولة عن النظر في تلك القضايا مازالت غير مشكلة بعد".