بغداد/ تميم الحسن
في الوقت الذي كانت القيادة العسكرية تعد خطة لمحاصرة داعش في جبال مخمور – أعلن عن تفاصيلها أمس – كان التنظيم قد نقل اغلب مقاتليه خارج الجبل.
واستمر التنظيم عدة ايام في سحب العشرات من عناصره من محيط مخمور، شرق الموصل، الى مناطق اخرى في جنوب المدينة بمساعدة سكان محليين.
وعادة ما يشتكي مسؤولون وقادة امنيون من تسرب الخطط العسكرية ما يسمح لـعناصر داعش بالاختباء أو الهروب.
وقالت القيادة العسكرية، امس، انها قتلت نحو 30 من عناصر داعش في جبال مخمور، في حملة استمرت اسبوعين.
ومخمور ضمن المناطق المتنازع عليها بين بغداد وكردستان، وتقع بين جنوب اربيل والموصل والشرقاط في صلاح الدين، وتضم 3 نواح واكثر من 300 قرية اغلب سكانها من الكرد.
فرق صغيرة
ووفق مصادر مطلعة في القضاء تحدثت لـ(المدى) امس، ان "تنظيم داعش بدأ من مطلع آذار الحالي بعمليات تسلل ضمن فرق صغيرة باتجاه مناطق في جنوب الموصل".
كل فريق من عناصر التنظيم تتراوح اعداده بين 5 الى 10 افراد، لمنع اثارة الانتباه.
وجرت عملية التسلل قبل نحو 9 ايام من اعلان القيادة العسكرية الحملة الامنية الاخيرة على مخمور والتي اطلقت عليها اسم "الاسد المتأهب".
وبحسب المصدر ان "الهروب الذي استمر نحو اسبوع بدأ من قرية تدعى الخشاف على نهر دجلة، حيث تم نقلهم عبر النهر".
ويقدر المصدر اعداد الذين تم تسريبهم من جبل مخمور، بانه يصل الى قرابة الـ100 عنصر.
وبدأ تنظيم "داعش" مع انحسار نفوذه في الموصل وتحريرها في تموز 2017، بالانتقال الى جبل مخمور.
وقدر بعد اعلان التحرير اواخر 2017، وجود نحو 1000 عنصر من داعش داخل جبل مخمور، الذي كان احد محطات استراحة للتنظيم.
ووسع "داعش" خلال تواجده الطويل في الموصل، الكهوف الطبيعية في الجبل، كما انه ينزل الى الوديان بعد نهاية الشتاء.
واستغل التنظيم في هروبه الاخير، حلول الربيع حيث يسود الخضار في الوديان ويختبأ في المزروعات العالية.
ويؤكد المصدر ان المسلحين "ذهبوا الى مناطق بين حمام العليل والنمرود، جنوب الموصل"، وهذا طريق يستخدمه التنظيم للوصول الى مناطق صحراوية ثم الى سوريا.
إحصائيات
ووصل عدد القتلى بحسب بيانات القيادة المشتركة والتحالف الدولي و"البيشمركة" -التي تتواجد في بعض اطراف الجبل- منذ 2016، الى 106 قتلى بقصف اغلبه من الجو.
وبحسب بيانات تلك الاطراف في نفس تلك الفترة، فان عدد الانفاق التي دمرت في الجبل وصل الى 142 نفقا.
لكن المختلف في الحملة الاخيرة، بحسب المصدر في مخمور، هي "الاصوات العالية التي تهز المنازل الناتجة عن الصواريخ"، موضحا ان "طيران التحالف استخدم هذه المرة مقذوفات ثقيلة".
واكد المتحدث العسكري باسم الحكومة يحيى رسول في بيان امس، ان "القوة الجوية العراقية وطيران الجيش العراقي والتحالُف الدولي اشتركوا في إسناد قوات جهاز مُكافحة الإرهاب من خلال توجيه (312) ضربة جوية، كان لها دور مهم من خلال تدمير (120) كهفا وموقعا، وتسببت بقتل مسلحين بعد انهيارها عليهم وهروب آخرين". وبحسب المتحدث باسم القائد العام انه "بتوجيه من القائد العام للقوات المُسلحة، وبإشراف من قبل رئيس جهاز مُكافحة الإرهاب، ومنذ الـ 9 من آذار الجاري، انطلقت عملية (الأسد المُتأهب) في سلسلة جبال مخمور جنوب شرقي مدينة الموصل والتي استهدفت بقايا عصابات داعـش الإرهابية". وباشر جهاز مُكافحة الإرهاب بهذه العملية، بحسب البيان، "بعزمٍ عال وجُهد استخباري وعملياتي كان الأول من نوعه، إذ شهدت هذه العملية أسلوبا تكتيكيا مُتقدما من خلال نشر مفارز قناصين على مسافةٍ من مداخل ومخارج الكهوف والاوكار في المناطق الشاهقة من جبال مخمور والتي لا يُمكن الوصول إليها بالعجلات العسكرية والذي مكن بقايا داعـش من التخفي فيها".
وأضاف رسول: بعد هروبهم تلقوا الرصاص "من قناصي جهاز مُكافحة الإرهاب الأمر الذي دفع عناصر عصابات داعـش إلى إعلان استسلامهم"، فيما لم يذكر عدد المعتقلين.
ويتحرك تنظيم داعش في مساحة تصل طولها الى 25 كم بين مخمور وكوير –احدى نواحي القضاء- مستغلا الفراغ بين القوات الاتحادية و"البيشمركة".
الفراغ بين القوات
ومنذ ازمة استفتاء الاقليم في 2010، اضطرت قوات "البيشمركة" الى العودة الى خلف جبل مخمور.
وتقول المصادر ان "قوات الجيش توجد في أقرب نقطة عن مناطق تواجد داعش في مخمور بنحو 7 كم".
ويقول رشاد كلالي، وهو مسؤول حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في مخمور لـ(المدى) انه "لا يمكن السيطرة على جبل مخمور بدون التعاون بين القوات الاتحادية والبيشمركة".
وكان اول اشتباك جرى في مخمور مع "داعش" بعد اعلان النصر على "داعش"، جرى مع البيشمركة.
وهاجم التنظيم يوم 19 كانون الثاني 2017 (بعد 9 ايام فقط من اعلان التحرير الكامل) نقاط تابعة للبيشمركة قرب مرتفعات جبل قرة جوغ في مخمور، وقتل احد المهاجمين آنذاك.
ويضيف كلالي ان "عدم التنسيق بين بغداد واربيل اعطى حرية لعناصر التنظيم بالتنقل بين القرى والبلدات المحيطة حيث مازال يمتلك هناك أقارب وحاضنات ومؤيدين له".
اترك تعليقك