اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الرأي > العمود الثامن: صاحب الفكاهة والحزن

العمود الثامن: صاحب الفكاهة والحزن

نشر في: 29 مارس, 2021: 10:25 م

 علي حسين

محمد حسين عبد الرحيم الفنان الذي ملأ ذاكرة العراقيين بالبهجة . كان العراقيون ينتظرون أن ينشر البسمة من على شاشة التلفزيون، فإذا به يثير حزنهم وهو طريح الفراش، ويثير حيرتهم لأن الفنان الذي استطاع أن يُضحكَ، الصغار والكبار، يشكو ضيق الحال، وضيق المكان، وضيق الهوية، ويطالب وهو الفلسطيني الذي ولد في العراق، بأن تمنحه هذه البلاد جنسيتها، بعد أن منحها البسمة والفرح. فاذا بها تقول له عليك أن تنتظر " حق العودة " .

الفنان الذي كانت الناس تتوقع أن يسكن قصراً شيبهاً بالقصور التي يسكنها ساسة البلاد ونوابهم، اتضح أن سنوات عمره التي قضاها في العمل الفني لم تمكنه سوى من السكن في شقة صغيرة جداً، في حي من أحياء بغداد.

وأنا أشهد محمد حسين عبد الرحيم يفترش الأرض، تذكرت هذا الفنان عندما كان اسمه، ملء السمع والبصر، وأيام كانت الناس تنتظر ماذا سيقدم لها على شاشة التلفزيون.

مأساة محمد حسين عبد الرحيم، هي صورة مصغرة لمأساة الفلسطينيين الذين عاشوا حلم الدولة، فإذا بهم يعيشون في ظل بلدان كانت ذريعتها الوحيدة لاضطهاد الشعوب هي قضية فلسطين التي يرفع شعارها الثوار الكذبة الذين وصفهم مظفر النواب أصدق وصف :من باع فلسطين سوى الثوّار الكتبة؟.

جاء هنري كسينجر إلى أميركا صبياً ولم يصبح مواطناً أميركياً، إلا بعد أن بلغ الثامنة عشرة من عمره، لكنّ هذا لم يمنع البيت الأبيض من أن يسلّم مفاتيح سياسته الخارجية بيد هذا الألماني القصير القامة، بعد كسينجر حملت البولونية أولبرايت هموم الخارجية الأميركية، فيما سُلّم للأفغاني زلماي خليل ملفاً خطيراً ومهماً مثل ملفّ العراق.

ولا أريد أن أُذكّر جنابكم الكريم بأن الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي ابن مهاجر من المجر، ولم تقم قائمة الإعلام ولا الفضائيات حين قالت الحاجة الكينية سارة عمر، جدة الرئيس الأميركي أوباما التي اعلن عن وفاتها اليوم : اللهمّ أدخل حفيدي أوباما الإسلام. وقد جعلت فرنسا رشيدة داتي وزيرة للعدل من دون أن تسألها لماذا ولدت في المغرب.

لقد ألغت الأنظمة الحديثة الحدود الجغرافية، وأصبح البحث عن الأصول اختراعاً عراقياً بامتياز، حُرم مئات الآلاف من العراقيين من حقوق المواطنة وهُجّروا وبيعت ممتلكاتهم، لأنّ القائد المؤمن كان يشك في أصولهم!.

تخيل جنابك أن محمد حسين عبد الرحيم يستجدي العلاج، ويطالب بالإنصاف، في الوقت الذي يقيم فيه أبناء المسؤولين الفلسطينيين في بلدان اوربا يتمتعون بالجنسية والثروة ، فيما قادة "النضال" حولوا القضية الفلسطينية الى مقاولات ومشاريع ومساعدات امريكية واوربية .

سيقول البعض حتماً: يارجل، لا تزال القدس القضية المركزية للعرب، ونقول ولايزال المواطن الفلسطيني الذي يعيش يحلم بالحياة الكريمة للمواطن الفلسطيني، مثلما يحلم العراقي بان يتخلص وباء السياسة ووباء الشعارات الكذابة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. khalidmuften

    فنان قدير يفترش الارض وعسر الحال واميون لصوص وسراق يسكنون في فلل لبنان وعمان ودبي .تبا للقدر .

ملاحق المدى

!!العمود الثامن: وثيقةعالية نصيف

 علي حسين كنت أتمنى أن لا أعود إلى الكتابة عن النائبة عالية نصيف ، لكن ماذا أفعل ياسادة والسيدة النائبة خرجت علينا مؤخراً لتتقمص شخصية الفنان الراحل توفيق الدقن وهو يردد لازمته الشهيرة...
علي حسين

باليت المدى: الأمل الأخير

 ستار كاووش كان مروري في الشارع الأخضر بمدينتي القديمة كافياً لإعادتي لتلك الأيام البعيدة، فها أنا بعد هذه السنوات الطويلة أقف بمحاذاة المقهى القديمة التي كنتُ أرتادها صحبة أصدقائي. مازالت رابضة في مكانها...
ستار كاووش

قناديل: لقطات!

 لطفية الدليمي لقطة أولى بعد أيام قلائل من 9 نيسان 2003 خرج أحد العراقيين ليبحث عن فرن صمون يبتاع منه بعض ما يقيتُ به عائلته في تلك الايام المشحونة بالفوضى والخراب.
لطفية الدليمي

قناطر: الأمل.. جرعة المورفين التي لا تدوم طويلاً

طالب عبد العزيز أولئك الذين يأكل أرواحَهم الاملُ ما اشفق الرَّبُّ عليهم! وما الطفه بهم، وإن لا يبدو الاملُ متحققاً في المدى القريب. تلتقط الكاميرا على الجادة بفلسطين وجه شيخ، طاعنَ السنوات كثيراً، أشيبَ...
طالب عبد العزيز
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram