متابعة / إياد الصالحي
رفع الاتحاد القطري لكرة القدم الحرج عنه، وقدّم درساً كبيراً في فن التعامل الاحترافي مع ملف تنظيم بطولة كأس الخليج العربي الخامسة والعشرين المقرّر إقامتها في مدينة البصرة “مبدئياً” أواخر العام 2021 في حال هيّأ العراق كافة متطلّبات الضيافة المشروطة بلائحة الاتحاد الخليجي في ضوء ما تتّخذه لجنة التفتيش من توصيات عقب زيارتها المرتقبة الى المدينة قُبيل اتخاذ القرار الحاسم في اجتماع رؤساء الاتحادات الخليجية أواخر نيسان/ أبريل القادم.
الرسالة القطرية الصادرة يوم الاثنين التاسع والعشرين من آذار 2021 جاءت في توقيت ذكي ومدروس، وبقدر ما أفرحتْ الجماهير العراقية كونها قدّمت دعماً صريحاً للبصرة قلّما يصدر عن اتحادات كروية شقيقة في ملفات رياضية هُضِم حق العراق فيها غير مرّة، فإنها تركت أسئلة كثيرة يبحثُ عنها المهتّمون بمصير المنافسة 25 من كأس الخليج العربي، البطولة الأشهر في المنطقة منذ انطلاقها أول مرّة في العاصمة البحرينية المنامة عام 1970.
تجديد الثقة
المكتب التنفيذي للاتحاد الخليجي لكرة القدم برئاسة القطري حمد بن خليفة، كان قد أرجأ قراره الى نهاية شهر نيسان المقبل، خلال اجتماعه عبر تقنية الفيديو يوم الأربعاء السابع عشر من آذار الجاري في العاصمة القطرية الدوحة، بانتظار ما تسفر عنه الاستعدادات العراقية النهائية لإشعار المكتب التنفيذي بالجاهزية، لتحقيق أمرين مهمّين، أولاً تجديد الثقة بالاتحاد العراقي لكرة القدم ممثلاً بالهيئة التطبيعية التي يرأسها إياد بنيان بغية تهيئة الملف بالشكل الأفضل من جميع النواحي، وثانياً قطع الطريق أمام المشكّكين الذين استغلّوا مشكلة تأخّر منح أحد أعضاء اللجنة التفتيشية تأشيرة الدخول في الزيارة المُلغاة منتصف كانون الثاني الماضي، لإثارة موجة مفتعلة من الاستياء ضد ما سمّوه بـالقرار المُبيّت لسحب ملف التنظيم من البصرة!
هجوم إعلامي!
وبدلاً من أن تركّز وزارة الشباب والرياضة والهيئة التطبيعية ومحافظة البصرة الجهات الثلاث المسؤولة عن ملف خليجي 25 على تقييم العمل في الميدان وتجتمع مع الحكومة لتضع أمامها أبرز النقاط المُلحّة المادية واللوجستية التي تعيق تنفيذ البصرة معايير الاتحاد الخليجي وتُطمئِن الأشقاء بسلامة تواجد وفودها طوال مدّة تضييفهم في البصرة، انشغلت بتزويد بعض وسائل الإعلام المقرّبة منها بمعلومات تبنّت طرحها عن مصدر خاص أن العاصمة بغداد ستضيّف اجتماعاً لرؤساء الاتحادات الخليجية لحسم القرار الخليجي فيها، ورأت وسائل أخرى أن هناك دولاً خليجية لا تؤيّد إقامة البطولة في العراق، فيما هاجم البعض نجل رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم السابق بتهمة نقل معلومة الى الاتحاد الخليجي تفيد بتسمّم لاعبي أحد أندية بغداد المتبارية في الدوري المحلي أثناء تواجدهم في البصرة، ولم تخل تلميحات بعض رجالات الكرة من وجود مؤامرة خليجية تُحاك ضد كرتنا بهدف إضعافها!
الدعم القطري
ووسط الجو العراقي المشحون بين تفاؤل قليل وتشاؤم أكثر، أنبرى الاتحاد القطري لكرة القدم بموقف مسؤول، وأكد لأمين عام الاتحاد الخليجي للعبة جاسم سلطان الرميحي أنه يدعم تضييف العراق البطولة الخليجية لما تمثّله من أهمية حيوية للشعب العراقي وجماهيره الكروية وأنه “يعتذر عن تضييف النسخة 25 كدولة بديلة”، رامياً الكرة في ملعب الاتحاد الخليجي للتحقّق كما نرى من “أوّلاً متابعة مدى جاهزية البصرة بتأمين الملاعب والفنادق والنقل والاحترازات الأمنية بشكل لا يُعرِّض البطولة الى الفشل أو حدوث ما لا يُحمد عقباه! وثانياً تسمية المدينة البديلة حسب النظام الأساسي للاتحاد وما تنظر به لجنة دراسة الملفات الخاصة باستضافة كأس الخليج بعد اعتذار قطر ونأيها عن (القيل والقال) في حال خلُصَ تقرير المفتشية عن عدم أهلية البصرة وأوصى بنقلها الى مدينة أخرى، وما يُمكن أن يُثار حينها بوجود مصلحة قطرية وراء ذلك لاختبار منشآتها المُخصّصة لبطولة كأس العالم لكرة القدم بنسختها الثانية والعشرين المؤمّل تضييفها للفترة ما بين 21 تشرين الثاني و18 كانون الأول عام 2022 في خمس مُدن تضم ثمانية ملاعب هي (خليفة الدولي، لوسيل، البيت، راس أبو عبود، الثمامة، الجنوب، المدينة التعليمية والريان) .
معلومات بصرية
لذلك، لا مجال لهدر مزيد من الوقت، فأمام وزارة الشباب والرياضة عمل كبير تستهّله بالتشاور مع الحكومة لتشكيل لجنة عليا تضم ممثلين عن مجلس الوزراء ووزارة الرياضة والهيئة التطبيعية ومحافظة البصرة فضلاً عن الوزارات والمؤسّسات الساندة التي ترى اللجنة ضرورة وجودها لإنجاح الملف، فما يرد من معلومات بصرية تشير الى وجود صعوبات كثيرة أمام مدينتهم تتطلّب معالجتها، وفي مقدمتها التوتر الأمني وسوء الخدمات وعدم وجود أولوية لكرة القدم في حياة الناس من مختلف الطبقات بقدر تطلّعهم لمعيشة كريمة تؤمِّن مستقبل أولادهم وبناتهم في أعمال وظيفية يعتاشون منها، فضلاً عن تحسين المزاج المجتمعي العام بقرارات حكومية تفكّر جدّياً بأهمية موقع المدينة كمنفذ اقتصادي ستراتيجي للبلد يورّد مليارات الدولارات للخزينة لم تغيّر من واقعها المرير!
ورشة عمل
ليس بالدعاية الإعلامية وحدها ينظم العراق خليجي 25، تذكير مُلح لوزير الرياضة عدنان درجال، وعليه تحويل المساندة القطرية بخطاب التنازل عن التنظيم كدولة بديلة الى ورشة عمل لتجاوز تحديات عدم اكتمال ملعب الميناء الأولمبي وتذليل معوّق عدم تطبيق العراق تقنية (VAR) الخاصة بحكام اللعبة، والتنسيق مع وزارة الصحة لتهيئة ملاكات وأجهزة اختبار (PCR) للتأكد من خلو المشاركين في البطولة من كورونا بدءاً من يوم استقبالهم وأثناء إقامتهم حتى موعد مغادرتهم، إضافة الى الاتفاق مع الاتحاد الخليجي لكرة القدم على تأجيل تنظيم البطولة الى الفترة من 31 أيار لغاية 15 حزيران عام 2022 المخصّصة (فيفا دي) من قبل الاتحاد الدولي في روزنامة أنشطته للدورة (2021-2024) كونها فترة مثالية تبتعد عن الرُبع الأوّل من العام المقبل المضغوط بمنافسات الدوريات المحلية والقارية للاتحادات الخليجية، وعن الربع الأخير من العام نفسه لانشغال العالم بمنافسات المونديال، ومن المتوقع أن يصدر مجلس الفيفا تعميماً يخص إيقاف الأنشطة قبل شهر واحد أي اعتباراً من 1 تشرين الأول.
الرهان الأول
بلا لف أو دوران، لتعلن وزارة الرياضة موقفها الحاسم من ملف البصرة بعد انتهاء مُهلة الشهر في مؤتمر صحفي وليس عبر تسريبات إعلامية كونه ملفّاً وطنياً يلقى اهتماماً شعبياً واسعاً، تُبيّن فيه كل أوجه الصعوبات التي تقف في طريق تنظيم البطولة الخليجية مادياً وإدارياً وأمنياً قبل أن يُعلن الاتحاد الخليجي لكرة القدم موقفه النهائي استناداً لتقرير المفتشية وما تصله من معلومات وافية تزوّده بها منظمات دولية وإقليمية معتمدة، فالرهان الأول على الإرادة العراقية وحجم الدعم الحكومي ومدى ثقة الجماهير بقدرات الوزارة والاتحاد والمحافظة على توفير مقوّمات تميّز البطولة، وليس على نتيجة تصويت رؤساء الاتحادات الخليجية المرتبط بموافقات سلطات بلدانهم.
اترك تعليقك