اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > النساء العاملات في الجنوب: ما يزال المجتمع ينظر إلينا بـ «نظرة دونية»

النساء العاملات في الجنوب: ما يزال المجتمع ينظر إلينا بـ «نظرة دونية»

نشر في: 3 إبريل, 2021: 09:42 م

 محمد أل عمر

المرأة صنو الرجل وشريكته في بناء المستقبل والحياة، ولهذا فإن دورها في الحياة والعمل لا يقل أهميةً عن دور الرجل، بل إنَّ المجتمع بحاجة إلى عمل المرأة، ولا شك أن الإسلام جاء بإكرام المرأة والحفاظ عليها وصيانتها عن ذئاب بني الإنسان.

وتواجه المرأة في جنوبي العراق تحديات بمجال عملها فهي تتحدى المجتمع وتنزل للميدان رغم الظروف البيئية والعائلية المحيطة، حيث إن البعض من الناس ما يزال يعتبر المرأة التي تعمل في السوق (امرأة ذات سمعة غير جيدة) فالمجتمع لا يتقبل عمل المرأة، رغم إن هناك الكثير من النساء لم تستطع أن تكمل مسيرتها وتوقفن عن العمل بسبب هذا الأمر، كما تروي إيمان إحدى العاملات في أسواق محافظة ذي قار.

وتقول إيمان وهي صاحبة صالون نسائي (كوافير)، لـ»المدى»: إن « الأهل لديهم ثقة بالتأكيد على ابنتهم لكنهم يخافون من كلام الناس ، بعض العوائل كانت سنداً لبناتها في العمل، فمثلاً أنا شخصياً لم اهتم بكلام الناس وجعلت من دعم عائلتي لي سبباً للنجاح حيث عملت في البداية كعاملة في إحدى الصالونات النسائية وتعلمت مهنة العمل الذي يرتكز على تزيين النساء و العرائس وأعمال تجميل مختلفة وحتى تأجير بدلات العرائس بعدها قمت بفتح صالون في المنزل كانت محاولة مني للاستقلال بالعمل وتطويره أكثر، وتمكنت من ضبط المهنة ثم اتجهت بعد عامين من العمل المنزلي الى افتتاح صالون خاص بي شخصياً بعدما أتممت الإجازة الصحية المطلوبة، والآن أملك عاملات اثنين في الصالون، وأعمل على تطويره مستقبلاً ليكون مركز تجميل، إلا أنه يحتاج إلى مختصات في المجال الطبي».

وتتابع إيمان حديثها، « أعرف الكثير من النساء التي تعمل في الأسواق فهناك من تمارس بيع الخضار والسمك، وبعضهن يعملن في مكاتب استنساخ أو كوزمتك، كذلك أعرف نساء يعملن في منازلهن بمهنة خياطة الملابس وبيع الحلويات والمعجنات».

وتبين الشابة علياء من محافظة ميسان لـ»المدى»، أنه « في عام 2010 حينما دخلنا نحن كفتيات إلى المجال الاجتماعي والاحتكاك بالرجال في المحافظة قد تعرضنا لشتى المضايقات من قبل الرجال وبمختلف الأعمار وبعضهم شخصيات كبيرة في المجتمع حينها، الأمر الذي أنهى حياة الكثير من الفتيات المبدعات بعد أشهر من دخولهن العالم الاجتماعي الثقافي في المحافظة، خوفاً مما شاهدنه خلال تلك الفترة حيث رجعن مسرعات إلى بيوتهن ولم نعد نسمع لهن أي كلمة في المجتمع».

وتتابع، أن « القليل جداً من النساء في المحافظة ممن دخلن بالاحتكاك مع الرجال في ميسان عام 2010 بقين مستمرات حتى الآن، رغم أن حضورهن اقتصر على المهرجانات فقط»، مؤكدة أن « أسباب وجود المضايقات والتحرش بالنساء كان يعود إلى أن ميسان منطقة عشائرية وذات طابع قبلي، وإن تدخّل الطبقات الواعية في المحافظة خلال السنوات الماضية ساهم بتوعية المجتمع وضرورة تواجد المرأة في المجتمع وكذلك الحد من مضايقتها».

في هذا الإطار، تقول مستشار محافظ ذي قار لشؤون المرأة والطفل، إن “ واقع المرأة في الجنوب هو جزء من واقع البلد ونتيجة حتمية لما مر به البلد من ظروف انعكست سلباً على الأسرة والمرأة تحديداً وقد وجدت نفسها أمام تحديات كبيرة منها كونها متعلمة وترغب بإثبات ذاتها ومشاركة الرجل في بناء المجتمع والبلد، ومنها غير المتعلمة التي أجبرتها الظروف الاقتصادية والاجتماعية على البحث عن فرصة عمل تساعد فيها وتساهم في إعالة أسرتها وانتشالهم من الفقر والعوز من هنا كان للنساء تجارب كثيرة في الجنوب تحديداً في هذا المجال”.

وتضيف الشمري في حديث لـ”المدى”، “ لقد لجأن الكثير من النساء إلى فتح مشاريع متعددة وتعلم المهارات لإتقان العمل واكتساب الخبرة لأن العمل في المجال الحر والسوق بحاجة إلى مهارات خاصة من هذه المشاريع التي قامت بها بعض الفتيات والنساء في الجنوب هو مشروع إعداد المأكولات المنزلية ومحلات الزهور، وهناك من كان لهن خطوة متقدمة بالمدارس الأهلية التي تحتاج إلى رؤوس أموال، كذلك فتح مكتب للسياحة والسفر، حيث لاحظنا أن بعض الشابات لديهن مثل هذا التوجه، فضلاً عن عملهن كمندوبات لشركات بيع وترويج وهناك الكثير من المشاريع مثل الأعمال اليدوية والمشاركة في البازارات”.

وتتابع “ لكن تبقى هذه المشاريع بسيطة ولا تتوافق مع طموح المرأة الجنوبية خاصة والعراقية بشكل عام، ولا تتوافق أيضاً مع حاجة سوق العمل لوجود معرقلات كثيرة من هذه المعرقلات إن سوق العمل في المحافظة له خصوصية في الاحتياج قد لا تتناسب مع نوع المنتج ومن الأسباب الأخرى إن الدولة لا تمتلك رؤية ولا نية حقيقية لتمكين المرأة من خلال وضع الحلول وتنفيذ برامج خاصة وإنشاء برامج خاصة لتأهيل وتمكين المرأة بالرغم من كل الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها العراق بما يخص المساواة وتمكين المرأة ومنها القرار الأممي 1325 “.

وتؤكد الشمري أن “ زج المرأة في سوق العمل من خلال قروض ميسرة ذات فائدة رمزية هذه هي بعض الأمور البسيطة التي من الممكن أن تجعل المرأة تقبل على العمل وتنزل إلى سوق العمل بشكل قوي وبطموح كبير”، مبينة أنه “ توجد الكثير من المعرقلات منها الروتين والتعقيدات التي تمر بها المرأة في حال الحصول على أي موافقة على مشروع معين خلال مراجعتها للدوائر، إضافة إلى نُدرة فرص العمل في القطاع الخاص وعدم ثقة الأهالي أيضاً به لصعوبته مجتمعياً”.

وتتهم الشمري الحكومات بــ”انعدام الرؤية الجادة لتأهيل المرأة وتمكينها لذا نرى أن رغبة الأغلب في التعيين وفرص العمل تكون حكومية وهذا التكالب في المطالبات بالتعيين الحكومي يأتي للأسباب التي ذكرناها، فضلاً عن قلة الاستثمار حتى أصبح ترهلاً في مؤسسات الدولة بسبب كثرة التعيينات التي هي نتيجة توافقات سياسية ومحاصصاتية وكل حزب يُرضي جمهوره بفرص العمل قد تكون هي عبئ على الدولة ولكن الأسباب السياسية لها أثر كبير جداً”.

وتلفت الشمري إلى أنه “لا يوجد بعد نظر لدى الحكومات المتعاقبة سواء كانت محلية أو مركزية لأهمية نزول المرأة لسوق العمل”، مضيفة أنه “في الدول المجاورة يلاحظ أن المرأة خطت خطوات كثيرة في هذا المجال.. المرأة لا تعمل لأجل التمرد أو الحاجة إنما المرأة الآن في الدول الأخرى لها بصمة خاصة ولديها طاقات معينة فالمرأة لها قدرات معينة كما أن الرجل له قدرات معينة فكل منهما يساهم ببناء مجتمعه وبلده بطريقته وفكره الخاص”.

وتبين مستشارة محافظ ذي قار، أن “ الاستثمار الأكبر في كل دول العالم اليوم هو استثمار الموارد البشرية عبر بناء الإنسان قبل الأوطان لأن الإنسان هو الذي يبني الوطن، وعلينا استثمار طاقات النساء، المرأة العراقية كانت سباقة وفي الريادة بالعمل ومشهود لها كأول وزيرة وأول قاضية وطبيبة وكانت سباقة بالعمل في الوطن العربي فيما سبق من العقود “، مقترحة “ إنشاء مركز حكومي خاص في كل محافظة، وليس منظمة مجتمع مدني لتأهيل وتمكين المرأة وإعدادها بشكل صحيح وهذا المركز يمكن أن يكون له منتج مهني وفكري كبير يقوم بتأهيل النساء ويحل الكثير من مشاكلهن وهو معمول فيه بالعديد من البلدان كمصر والإمارات وغيرها “.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

12-09-2023

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي

تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي.

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram