مصارحة حرة: الطب الرياضي العليل

اياد الصالحي 2021/04/24 10:53:00 م

مصارحة حرة: الطب الرياضي العليل

 إياد الصالحي

شيّع الوسط الرياضي فجر أمس السبت جثمان حارس مرمى فريق النفط لكرة القدم مصطفى سعدون، بعد إصابة مفاجئة عجز الطب العراقي عن فكّ طلاسمها برغم إشراف كادر متخصّص تعذر عليه تشخيص سبب وفاته، وعزا الأمر الى فايروس غريب لم يتم التعرّف عليه، وليس جلطة دماغية مثلما أشيع حال تدهور صحّته مساء يوم الأثنين التاسع عشر من نيسان 2021.

الزميل جمعة الثامر، المدير الإعلامي لنادي النفط الرياضي، كتب عبر صفحته الشخصية (فيسبوك) بعد ساعات من نقل مصطفى الى المستشفى: قبل الشروع بالوحدة التدريبية، تفاجأ زُملاء الحارس مصطفى سعدون المتواجدين في الملعب بسقوطه مغشياً عليه، وفوراً سارع الكادر الطبي بإجراء الإسعافات الأولية له، وتم نقله الى أقرب مستشفى، للوقوف على حالتهِ التي شُخِّصَتْ مبدئيّاً بـ”جلطة دماغية” مفاجِئة، ويرقد سعدون حالياً في مستشفى مدينة الطب، فيما تواصل إدارة نادي النفط جهودها لأجل نقلهِ بالسرعة الممكنة لأحد مستشفيات مدينة السليمانية) .

أنتهى خبر الثامر، وأبرز ما جاء في وصفه للحدث: سقوط قبل بدء التمرين، إسعافات أولية، توقّع جلطة دماغية، يرقد في مدينة الطب والإدارة تروم نقله الى السليمانية) وزميلنا هنا ينقل عن مسؤول في النادي وما يحدّثه من معلومات عن الموضوع، وهو غير مسؤول عن حالة الارتباك التي شتّت فكر إدارته بحثاً عن وسيلة إنقاذ مصطفى في ظرف تعاني مستشفيات العراق من تزاحم كبير عند أبواب ردهاتها نتيجة تزايد حالات الاصابة بفايروس كورونا الذي أثار الهلع لدى الكوادر الطبية في بلدنا وكل مستشفيات العالم بعدما خرج تفاقمت خطورته خارج سيطرتها تماماً!

حيرة إدارة النفط ما بين بقاء مصطفى في مدينة الطب أو نقله الى مستشفى في السليمانية تكشف أمام الرأي العام والحكومة خاصة سوء إدارة ملف الطب الرياضي في العراق، تلك الدائرة الروتينية في كل تفاصيل وجودها ما بعد عام 2003 لم تكن جزءاً أساسياً من منظومة سلامة الرياضيين مثلما نرى قوات حفظ الأمن تمارس واجباتها قدر المستطاع للحيلولة دون حدوث خروق تؤدّي الى خسائر بشرية لا تعوّض!

في أكثر من مشهد مأساوي وثّقه عام 2020 والأشهر الأربعة من العام الحالي، نجد متابعة صورية لوزير الشباب والرياضة عدنان درجال أثناء تفقّد الرياضيين في مستشفيات متعدّدة ما بين بغداد وإقليم كردستان يستمع خلالها لآراء الأطباء أو يُبدي استعداده للاهتمام بتخفيف معاناة الرياضيين المرضى دون حلول واقعية منه كأن يُبادر الى استحصال الموافقات الأصولية لإنشاء ثلاثة مستشفيات رياضية في الجنوب والوسط والشمال، وفقاً لأحدث المواصفات العالمية تُعنى بصحّة الرياضيين وجُلّهم من الشباب “ثروة العراق” بدلاً من تسابقه مع وزراء رياضة سابقين في افتتاح ملاعب كرة القدم والتخطيط لبناء أخرى .. (ألا يكفي) وهي تفرّغ ميزانية الدولة من مليارات الدنانير التي ينبغي تخصيص جزءٍ منها لرعاية صحّة أسرة الرياضة في عموم البلاد وليس العاصمة فقط!

دائرة الطب الرياضي، بحاجة الى التقصّي عن هيكليتها العاملة، وأهداف وجودها، وماهية ارتباطاتها الرسمية واللوجستية مع المؤسسات الرياضية سواء الأندية أو الاتحادات؟ ثم ما قيمة استمرارها إن لم يكن لها دور في حماية الرياضيين بإجراءات مُعلنة بالتنسيق مع الوزارة والأولمبية لن تسمح فيه لأي كيان رياضي الاستمرار في أنشطته ما لم يقم بفحص شهري لمنتسبيه وخاصة لاعبي كرة القدم المطالبين باللعب طوال سبعة أشهر بشكل مستمر ضمن إلتزام الدوري، وهكذا بالنسبة لجميع المنتخبات التابعة لـ 46 اتحاداً يتطلّب ارشادهم بتعليمات الصحّة ورعايتهم ومتابعة ما يطرأ على الشخوص من متغيّرات ربما تهدّدهم بأمراض مفاجئة وقاتلة كما حصل للشاب مصطفى.

إذا كان الاتحاد الدولي لكرة القدم قد هدّد الأجهزة الطبية، عقب وفاة لاعب وسط منتخب الكاميرون مارك فيفيان فويه بالدقيقة 72 في مباراة نصف النهائي مع كولومبيا لبطولة كأس القارات 2003 في فرنسا نتيجة تضخّم عضلة القلب، بعدم التساهل مع أهمال تقارير الفحص الطبي الدوري لجميع اللاعبين في العالم، فماذا سيكون إجراء الهيئة التطبيعية لاتحاد كرة القدم بعد وفاة مصطفى سعدون؟ هل ستُطلب إدارة نادي الحارس بملفه الطبي مثبّت فيه آخر تقرير فحص لشهر آذار؟ وهل ستحقّق وزارة الرياضة مع دائرة الطب الرياضي إن كانت تحتفظ بتقارير فحص الرياضيين شهرياً؟ وقبل ذلك هل طلبت الدائرة من الهيئات الإدارية الرياضية كافة اتخاذ مثل هذا الإجراء؟!

وفـّروا الجهود لأنفسكم، الطب الرياضي عليل، ولا خاسر غير الرياضي نفسه، لن تجدوا تقريراً طبياً لمصطفى في نادي النفط، ولا فحوصات دورية في عموم الأندية والمنتخبات لأي لاعب أو مدرب أو حكم أو إداري، نتيجة التكاسل وقلّة الدراية بالواجبات المهنية والإنسانية التي يفترض أن تبدأ من الشبل والناشئ والشاب ويُرحّل ملفّه الطبي معه أينما يلعب خلال محطاته الرياضية حتى يطوى باعتزاله أو موته المحتوم.

 

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top