العمود الثامن: أعداء الاستقالة والحياة

علي حسين 2021/04/27 10:54:40 م

العمود الثامن: أعداء الاستقالة والحياة

 علي حسين

دائماً ما يلومني قرّاء أعزّاء وهم يقولون: هل تتوقع أنّ ساستنا ومسؤولينا يقرأون؟ وأنهم سيطيلون النظر في سطورك التي تُحشيها بتجارب الشعوب، وحكايات عن بلدان الرفاهية واحترام أرواح المواطنين؟

أنا أيها الأعزاء أطمح لأمر واحد، هو أن أجد أمامي مسؤولين يعرفون معنى الاستقالة، لا أقبل أن يتحسّر العراقي وهو يسمع أن مدن العراق تعاني من سوء الخدمات وشبابها بلا عمل، فيما السادة "الأكارم" في مجلس النواب مصرون على إعادة مجالس المحافظات إلى خدمة السرقة والنهب.

أيها القارئ العزيز، أنا وأنت مواطنان في بلد يستقوي عليه ساسته وإخوانهم ورفاقهم، ويحق فيه لوزير خارجية إيران أن يجتمع مع قادة السنة والشيعة ليدلهم على الطريق المستقيم، وأنا كمواطن لا أملك سوى هذه المساحة الصغيرة أبث من خلالها شجوني، أمنّي النفس بمسؤول من المؤمنين على شاكلة وزير الصحة الأردني الذي تقدم باستقالته بعد وفاة ستة أشخاص في مستشفى بسبب انقطاع الأوكسجين لمدة ساعة. وربما كنا نضحك على بعضنا حين نتوهم أن الوزير المؤمن حسن التميمي سيقدم استقالته بعد أن أكلت النار أكثر من مئة مواطن جريمتهم الوحيدة أنهم فقراء، لا يملكون ثمن العلاج، وتوهموا أن الدولة ستوفر لهم أفضل الخدمات الصحية، فاذا بلجنة الصحة النيابية التي يرأسها "العلامة" قتيبة الجبوري تقول لهم أنتم السبب في هذه المأساة، فلماذا تدخنون وتستخدمون الهيترات الكهربائية وتتناولون الطعام داخل الردهات؟، ولم تخبرنا لجنة قتيبة الجبوري الذي ظل يردد أن "كورونا" فايروس سياسي، مهمته تخريب اقتصاد العراق، وأوصانا بأن لا نقلق فما يعرض على فضائيات العالم من مشاهد للموت، هي مجرد فوتوشوب!! ، من ان الخراب الحقيقي هو في وجود مستشفيات متهالكة ، تفتقر الى الاجهزة ، والادوية ، والامان .

ربما يسخر البعض من وزير قدم استقالته لمجرد موت 7 أشخاص في الوقت الذي خاض فيه زعماؤنا "الملهمون" حروبهم الطائفية من كلّ نوع ولون، وفي كلّ اتجاه، ، احتلوا المؤسسات الحكوميّة، أبادوا مدنيّة الدولة، طاردوا الكفاءات، وضعونا على سلّم البؤس، أدخلونا موسوعة غينيس في عدد الشهداء والمهجّرين. وبعد كل موجة خراب نجدهم يجلسون ويتضاحكون ويقررون التقاط صورة فوتوغرافية، لكي يطمئن الشعب أنْ لاسبيل أمامه سوى الإذعان لصوت "الزعماء الملهمين" .

ايها القارئ العزيز ، فنحن في كلّ مرة نتجرّع الحقيقة بمذاقها المرّ، وهي أنه لا شيء مهمّ في هذه البلاد سوى سلامة كراسي المسؤولين، ومن ثم فلا تسألوا عن المتسبّب في حريق مستشفى ابن الخطيب .

لو سألتَ أيَّ مواطن عراقي عن موقف الوزيرالأردني ، فقد يموت قهراً أو ضحكاً! لأنه لا يستطيع أن يقول لاصغر مدير دائرة ، يسرق وينهب ، قدم استقالتك.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top