عاملون في القطاع الصحي ومراجعون: قناني الأوكسجين قنابل موقوتة في المستشفيات

عاملون في القطاع الصحي ومراجعون: قناني الأوكسجين قنابل موقوتة في المستشفيات

 بغداد/محمد المحمودي

أعادت حادثة مستشفى ابن الخطيب في بغداد، الحديث عن الواقع الصحي في البلاد إلى الواجهة، فعلى الرغم من التخصيصات المالية الكبيرة التي تحظى بها وزارة الصحة ضمن الموازنات المالية، إلا أن الخوف وعدم الثقة يسيطر على شكل العلاقة بين المواطن والمؤسسات الصحية، ويعاظم الحاجة إلى القطاع الخاص.

تخادم

شح الأدوية ومستوى الخدمات الطبية المنخفض، يدفع المواطن إلى اللجوء إلى العيادات والمستشفيات الأهلية، بحسب سلام جمعة، الذي قال لـ(المدى): "لا أثق بالمستشفيات الحكومية، بسبب مستوى الخدمات التي تقدمها، وعدم الثقة هذا يبدأ منذ أول لحظة لدخول المستشفى، فمستوى النظافة، والمتطلبات الدائمة من السوق التي يحتاجها المريض، تجعلني أذهب باتجاه المستشفيات الأهلية، التي كوادرها معظمهم يعملون في القطاع الحكومي، خاصة الأطباء"، لافتا الى: "احتاج إلى شراء قائمة طويلة من المتطلبات عند الرقود في مستشفى عام مع والدي، مثل الشراشف، والمنظفات والمعقمات، بالإضافة إلى العلاجات اليومية، التي يحددها الطبيب، ولا تتوفر في المستشفى".

وأضاف جمعة: "عند السؤال عن هوية مستثمري المستشفيات الأهلية، التي تقدم خدمات أفضل، دائماً تكون الإجابة بأنها تابعة لشخصية سياسية، أو قائد مجموعة مسلحة، أو زعيم سياسي، وبات واضحاً في الشارع أن المستشفى الفلاني لهذه الجهة وهكذا"، معتقدا "وجود تخادم بين مسؤولين كبار في الحكومة ومستثمرين، لإفشال القطاع الصحي الحكومي وإنعاش القطاع الخاص".

قنابل في المستشفيات

وفي السياق، سلطت حادثة أبن الخطيب الضوء على جزئية أخرى في الواقع الصحي، إذ يدور النقاش عن الأبنية الصحية ومستلزمات الحماية فيها، ودور فرق الصيانة، ومنذ عام 2009 أعلنت الحكومة عن البدء بإنشاء المستشفيات التركية بسعة 400 سرير في عدد من المحافظات، ولكن العمل متوقف لغاية الآن ولم ينجز.

ولا يستغرب ناظم حسن، ما حدث في مستشفى ابن الخطيب، وإمكانية تكراره في مستشفيات أخرى، ويعزو حسن ذلك إلى "عدم كفاءة نظام الاطفاء المركزي أو تعطله، فضلا عن النقص في الأوكسجين الذي يدفع إدارات المستشفيات إلى طلب المساعدة من خلال حملات إنسانية، أو يتكفل مرافق المريض بتوفيره".

ويضيف حسن لـ(المدى)، وهو موظف في وزارة الصحة، أن "الكميات الكبيرة من قناني الأوكسجين في المؤسسات الصحية عبارة عن قنابل بأي لحظة من الممكن أن تتسبب بمجزرة، وعملية استبدالها لا تتم بواسطة كوادر الصيانة، والتي من المفترض أن تكون مدربة على التعامل معها، واتخاذها أعلى درجات الحيطة والحذر، وإنما ينقلها عمال الخدمات، ومعظمهم يفتقرون إلى التعليم والمعرفة بخطورتها، ما يجعلهم يصفونها في طوابير طويلة في أبواب الردهات، وكثيرا ما نشاهد من يدخن بجوارها".

وتابع حسن، أنه "لا توجد لجان تتابع صيانة هذه القناني، وكثيرا ما يتعطل جهاز السيطرة والضبط الذي يوضع في أعلى القنينة، ما يدفع عامل الخدمة إلى الطلب من مرافق المريض، إحضاره من السوق، ومعظمها لا تعمل بشكل جيد، وتهرب الأوكسجين إلى الخارج، وحين وصولها الى مصادر النيران، مثل أجهزة تسخين الطعام، أو التدخين، أو المدافئ يحدث انفجار"، لافتا إلى أن "المتابعة الدورية مفقودة للأوكسجين، خاصة خلال فترة استخدامه من قبل المريض، والذي قد يرميه، أو بالحركة يفصل الأنبوب، ويبقى يتسرب إلى الخارج".

وحول كوادر الصيانة قال حسن، إن "معظم المستشفيات تعاني من نقص في أعداد كوادر الصيانة، ما يجبرها على اللجوء إلى كوادر من خارج المستشفى أو الاعتماد على قدرات موظفيها الذاتية".

من جهة أخرى، كشفت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، أمس الثلاثاء، نتائج تقصيها عن نسب إنجاز المستشفيات في بغداد والمحافظات.

وذكر بيان للهيئة، تلقت (المدى) نسخة منه، أن "فريق عمل دائرة الوقاية في الهيئة، قام بزياراتٍ إلى عددٍ من المستشفيات، وأكد ضرورة قيام وزارة التخطيط بتدقيق العقود المستقبليَّة، إضافة إلى العقود التي تبرمها الوزارات والجهات غير المُرتبطة بوزارةٍ والإشراف على تنفيذها"، مُبيناً ان "كثرة ملاحق العقود المُوقعة والتي سيتمُّ توقيعها أثرَّت سلباً على البنود الأصلية للعقود، مَّما ساهم في زيادة مدد إنجاز المشاريع لسنواتٍ طويلةٍ وزيادة في تكلفتها، كما هو الحال في مشروع مستشفيات الديوانيَّة وبعقوبة سعة (400) سرير، والقائم سعة (200) سرير".

وأضاف البيان أن "التقرير المُرسلة نسخٌ منه إلى رئاسة الوزراء ومكاتب وزيري الصحة والبيئة والتخطيط ورئيس ديوان الرقابة الماليَّة الاتحاديَّة أشر تلكؤا واضحا في عمل معظم الشركات المُنفّذة، وعدم إنهاء أعمالها ضمن المُدد المُحدَّدة لها في العقود المبرمة بينها وبين وزارة الصحَّة أو المحافظات، رغم أنَّ أغلب تلك المشاريع كان قبل الأزمة الماليَّة وتوقُّف المشاريع تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء رقم (347 لسنة 2015)، ممَّا أدَّى إلى وجود نسب اندثارٍ عاليةٍ في بعض المشاريع التي لم تصل نسبة الإنجاز فيها إلى أكثر من (30%)".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top