ألعاب القوى وكرة السلة تودّعان الباسل جبار كامل

ألعاب القوى وكرة السلة تودّعان الباسل جبار كامل

 أهدى الإمارات نجوم الفئات .. وأوصى الشرطة بلقب الموسم.. وطالب درجال بحق الرواد!

 بغداد / إياد الصالحي

ودّعت أسرتا كرة السلة وألعاب القوى، الرائد الرياضي جبار كامل العزاوي، عن عمر ناهز74 عاماً، خدمهما لاعباً منذ أواخر عقد الخمسينيات حتى اعتزاله مطلع الثمانينيات، ليكمِل مسيرته مدرّباً سلوياً كفوءاً،

قاد فرقاً محلية وعربية عدّة، مُحقّقاً مُنجزات لافتة مع الصغار والكبار، قبل أن يُباغته القلب بعجز تام ، ليُنهي حياته تحت تراب الأغراب، بعيداً عن وطن الطفولة والشباب، بعد رحلة التحديات قضاها مُخلصاً ووفياً للبلاد، معطاءً بلا حدود، حتى في أخطر سنوات انتكاساته الصحّية لم يتخلَّ عن لعبته التي تنصّل قادتها عن أصول الاهتمام بالرعيل الأول مثلما فضفض كامل لنجله "كرار" عن حقائق كثيرة كشفها الأخير في حديثه للمدى وهي تسجّل أبرز محطّاته المهنية، وما جرى في الساعات الأخيرة قبل أن يلفظ أنفاسهِ مودّعاً أهله بصمت، تاركاً حكايته للتاريخ كي يروي بفخر عن أحد بواسل الرياضة مقدرة وخلقاً وصبراً.

اعتزال

يقول كرار جبار في البداية :"أسدل والدي الستار عن لعبة ألعاب القوى عام 1979 باعتزال رسمي بعد مشاركات كثيرة سجّل خلالها أرقاماً جيدة لمختلف الفعاليات، وكذلك كان يمارس في تلك الفترة لعبة كرة السلة وطوى ملف مشاركاته عام 1981 باعلان انتقاله الى التدريب، مصطحباً فريق الشرطة عام 1982 الى الدورة العربية في تونس وخطف له المركز الثاني، فكانت الدورة فأل السعد عليه ليواصل مشواره مع الكرة البرتقالية بعزم كبير".

حرب

ويضيف :"باشر والدي تجربته كأول مدرب سلوي محترف في الإمارات عام 1989 مع نادي الشباب الرياضي في دبي تحت 22 عاماً، وأحرز معه لقب البطولة المحلية، وبعد نشوب حرب الخليج عام 1991 شُمِل والدي بقرار دولة الإمارات بإنهاء إقامة العراقيين وتسفيرهم خارج أراضيها، وعاد الى العراق، وتوجّه لتدريب فريق الشرطة من عام 1993 لغاية عام 1995 برفقة المدرب حكمت محمود نديم، وسجّل سبقاً كونه أول مدرب لنادي الشرطة ينتزع له بطولة الدوري الممتاز موسم 1994-1995".

مفاتحة

وتابع :"عاد عام 1997 الى الإمارات ثانية، ليدرب فرق الفئات العمرية في نادي الإمارات الرياضي، وحقق لهم لقب الدوري موسم 1998-1999، ثم انتقل لتدريب نادي رأس الخيمة الرياضي للفئات العمرية عام 2001، ويُحسب له أنه قدّم لاعبين موهوبين بقيمة النجوم تمكّنوا من تمثيل منتخب الإمارات الأول في البطولات العربية والقارية، وظلّ متواصلاً في أنشطته السلوية هناك مُحقّقاً لهم مراكز متقدمة في البطولات المحلية حتى عام 2013 حيث أنتهى عقده وتم مفاتحته من مُقرّبين لنادي الشرطة الرياضي للاستفادة من خبرته، فقرّر العودة الى بغداد، وتسلّم المدرب فرقد جبار (شقيقي) المهمة بدلاً عنه في رأس الخيمة".

لجوء

وأشار كرار الى أنه :"تولى قيادة نادي الشرطة لكرة السلة في نهاية موسم 2013-2014 بعقد رمزي، وكانت نتائج الفريق سيّئة قبل تولّيه المهمة، وتمكّن من تثبيته في مركز جيد بالمقدمة، ووعدته الإدارة بالتعاقد معه في الموسم التالي بمبلغ يتناسب مع خبرته، لكنها أخلفت وأبرمت العقد مع المدرب التونسي ماهر خنفير، عندها شعر والدي بورطة عودته فقرّر عدم البقاء في العراق، وتوجّه للاقامة في تركيا لغرض تقديم معاملة اللجوء الى إحدى الدول الأوروبية قناعة منه أن الواقع الرياضي للبلد لن يشهد أي تغيير في التعامل مع الرياضيين الروّاد الذين يعانون التهميش وقلّة فرص العمل وبخس الحقوق، وها نحن نمضي في الإقامة هنا قيد الانتظار منذ سبع سنوات".

حرية

وكشف نجل الراحل جبار كامل :"لم يتواصل اتحاد كرة السلة مع والدي طوال مدّة وجوده في الإمارات وتركيا، وكان يرى أن سياسة الاتحاد لم تكن موفّقة في عديد الملفات، منها ما يخصّ المدربين الوطنيين الأكفاء مثل عباس خضير ونضال غانم وغيرهما حيث أصدر عقوبات بحقهما لمجرّد أنهما انتقدا عمله، بينما والدي كان يتمنّى أن يعزّز الاتحاد حريّة الرأي دون امتعاض"!

تغيير

ويواصل حديثه :"أغلب أعضاء قيادة السلة العراقية قضوا فترة طويلة في مواقعهم واللعبة بحاجة الى تغيير وجوه إدارة نظامها بصورة عامة، هذا ما كان يؤكد عليه والدي أثناء اتصالات روّاد كرة السلة والمدربين الشباب معه، علماً أنه ليس لديه موقفاً سلبياً مع رئيس الاتحاد أو أي عضو في الإدارة، بل وجد أن تغيير قيادة اللعبة كل دورتين أمر إيجابي يُبعدها عن المشكلات الشخصية التي تتراكم وتنعكس على التعامل وتصريف شؤون المنظومة من لاعبين ومدربين وحكام وإدارات أندية ومنتخبات".

نصيحة

وعن ظروف معاناة والده في تركيا، قال كرار:"سبع سنوات هنا، ظلّ والدي من دون عمل لعدم السماح له بذلك وفقاً للقوانين التركية، كما لم يحدث أي تواصل من قبل الأندية العراقية معه، سوى لقاء وفد فريق الشرطة للعبة أثناء فترة معسكره التدريبي في تركيا آذار عام 2016، فيما مرّت السنين منشغلاً في معالجة مرضه".

وذكر :"سبق له أن أجرى عملية جراحية في قلبه لوجود انسداد بالصمام الأبهر وتم استبداله بإحدى مستشفيات الإمارات عام 2010 ، ونصحه الأطباء بالتوقف عن العمل الرياضي كونه يؤثر على تضخّم القلب، ولديه ضعف في عضلته حيث تبلغ نسبة كفاءتها 40%، وعانى من مضاعفات ما يسمّى (فشل القلب الاحتقاني) دفعه لإجراء عملية سحب ماء الرئة (Thoracentesis) أكثر من مرة في تركيا، ما أثر عليه في عدم التنفس بانتظام، ولم يكن مرتاحاً أثناء المشي لمسافة قصيرة".

وفاة

وبيّن نجل الراحل :"تحسّنت صحّته منذ عام 2020 وحتى حلول شهر رمضان المبارك الحالي، لم يشكُ من أي عارض صحّي، لكنه لم يستطع الصوم لحاجته الى تناول الأدوية في عدّة أوقات ولا يمكن تـأجيلها، وصادف يوم الأربعاء الموافق الثامن والعشرين من نيسان 2021 أنه ذهب الى السوق عدّة مرّات لشراء مايلزم العائلة لمأدبة الإفطار كالمعتاد، وبعد عودته أدّى فريضة الصلاة، وتناول وجبة الغداء، وذهب الى فراشه ليأخذ غفوة منتصف النهار، لاسيما أن مفعول أدويته قوي جداً، وبعد دقيقتين نادى على والدتي بصوتٍ مرتبك، طالباً حضورها، ولما وصلت إليه وجدت تغير لون وجهه الى الأزرق، وهرولت لي مضطربة كي أتصل بسيارة الاسعاف بسرعة، وبالفعل حضر عدد من المُسعفين حاولوا إجراء عملية التنفس الصناعي له لكنهم لم يفلحوا وأبلغونا لحظتها بوفاته بسبب عجز في القلب".

مناشدة

وناشد كرار وزارة الشباب والرياضة، قائلاً :"يتقاضى والدي منذ سنين طويلة راتبين أحدهما عن هيئة التقاعد والآخر عن وزارة الشباب والرياضة كونه رائداً رياضياً مشمولاً بقانون منح الرياضيين الأبطال والرواد بناءً على ما أقرّه مجلس النواب وصادق عليه رئيس الجمهورية في الثاني والعشرين من كانون الثاني عام 2013، وأطالب وزير الشباب والرياضة الكابتن عدنان درجال بتسريع تفعيل المادة ( 4 ) من هذا القانون والتي تنص على تخصيص المشمولين به قطعة أرض سكنية بمساحة (200) متر مربع في مسقط رأسهم، كون عائلتنا التي تتألف من ثلاثة أولاد وبنتين وأم لا تملك مسكناً لها بعد مغادرتنا العراق، وكثير من الرواد ماتوا ولم يستفيدوا من هذه المزيّة".

وصية

وفي الختام قال كرار جبار كامل: كان والدي يتحمّس أثناء مشاهدة مباريات فريق الشرطة لكرة السلة تلفازياً، وتمنّى أن يرى احتفال لاعبيه وهُم يرفعون درع الدوري السلوي للموسم 2020-2021 وهذه فرصة لتحفيزهم ببذل جهودٍ كبيرة لتنفيذ وصيته وإهداء اللقب لروحه، كما أتوجّه بالشكر باسم عائلتي لإدارة نادي الشرطة الرياضي لإقامتها مجلس عزاء أول من أمس الأثنين بالتنسيق مع وكالة الأنباء العراقية المستقلّة".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top