بغداد/ المدى
أعلنت مفوضية حقوق الإنسان، أمس الاثنين، أن 89 محاولة اغتيال استهدفت ثلاث فئات من المتظاهرين، منذ انطلاق التظاهرات الي شهدها العراق عام 2019.
وقال عضو المفوضية، فاضل الغراوي، في بيان تلقته (المدى): "نحذر من الانحدار في منزلق خطير للبلد في حال استمرار مسلسل الاغتيالات والفوضى التي تستهدف الكلمة الحرة". وأضاف، ان "محاولة اغتيال الاعلامي احمد حسن في محافظة الديوانية هي محاولة وحشية تستهدف اسكات الكلمة الحرة وتكميم الافواه واشاعة الفوضى وخلط الاوراق واخذ البلاد للمجهول".
وأوضح الغراوي ان "89 حالة ومحاولة اغتيال حصلت منذ انطلاق التظاهرات في عموم محافظات العراق استهدفت ناشطين واعلاميين ومدونين". ودان الغراوي هذه "الجريمة النكراء مطالبا الحكومة والقوات الامنية بأخذ دورها بحماية الناشطين والاعلاميين والكشف عن الجهات التي تقف وراء مسلسل الاغتيالات وتقديمهم للعدالة". وأكمل قائلاً: "اننا نحذر من منزلق خطير للبلد يهدد الكل اذا استمر مسلسل الاغتيالات والفوضى التي تريدها قوى الشر للعراق". وقبل البيان بايام اغتيل الناشط في تظاهرات كربلاء ايهاب الوزني. وكان من المقرر ان يشارك في الانتخابات.
كان من المفترض أن يشارك الناشط العراقي، سعيد الجصاني، في الانتخابات المبكرة المقبلة ايضا عن دائرته الانتخابية في منطقة العزيزية في محافظة واسط، لكنه يقول إن "تهديدات وصلت لمنزله دفعته إلى مغادرة المنزل". ويقول الجصاني لموقع (الحرة) إنه "يستطيع التقديم رسميا ليكون مرشحا في الانتخابات، لكنه محروم من الوصول إلى جمهوره، أو مناقشة برنامجه الانتخابي بين أبناء دائرته" أو حتى "تعليق صوره".
وعلى الرغم من أن مرشحين آخرين تعرضوا للتهديد لجأوا إلى التكنولوجيا لنشر برامجهم والتواصل مع ناخبيهم، يقول الجصاني إن "جمهوره من متوسطي العمر والفلاحين والعمال غير موجودين على صفحات التواصل الاجتماعي، ومن الصعوبة الوصول إليهم بهذه الطريقة". وبالإضافة إلى الجصاني، سجلت منظمات عراقية تهديدات مماثلة بحق عشرات الناشطين، وتعرضت منازل الكثير منهم إلى التفجير أو التهديد أو المطالبة بهجر مناطقهم. وبعد مقتله برصاص مجهولين، السبت، يبدو أن كلمات الوزني وموقفه من الاشتراك في الانتخابات أثرت على قوى تظاهرات تشرين، إذ أعلن حزب البيت الوطني، واتحاد العمل والحقوق، المنبثقين من ساحات تظاهرات محافظتي ذي قار وبغداد، مقاطعة "النظام وانتخاباته". والأحد، أعلنت ست حركات وأحزاب عراقية مقاطعتها للانتخابات. وفي بيانات كتل، البيت الوطني، اتحاد العمل والحقوق، الحزب الشيوعي العراقي وحزب الشعب، بالإضافة إلى أحزاب وتيارات أخرى كثيرة، أجمع كاتبوها على أن العملية الانتخابية في العراق "غير آمنة" و"صعبة" إن "لم تكن مستحيلة". واختار بعض هذه الأحزاب، مثل البيت الوطني واتحاد العمل "مقاطعة العملية السياسية والانتخابات" وعدم المشاركة في الترشح للاقتراع المفترض إجراؤه في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر المقبل.
وقالت مفوضية الانتخابات إن مسؤوليتها تنحصر بـ"حماية الناخبين ومراكز الاقتراع" وأن "مسؤولية حماية المرشحين تقع على عاتقهم"، كما تقول الناطقة باسم المفوضية جمانة الغلاي. وقالت الغلاي إن المفوضية تنسق مع اللجنة الأمنية لحماية الانتخابات، لكن مهام هذه اللجنة تنحصر بحماية مخازن المفوضية ومراكز الاقتراع ومساحة حولها، وحماية مفوضيها وبعدها تكون حماية المرشحين والناخبين "من مسؤولية الدولة". وبحسب الغلاي فإن "اللجنة الأمنية العليا ليس لها دخل بحماية المرشحين"، مضيفة "حدود اللجنة الأمنية العليا هي حماية الناخبين حتى حدود نقطة التفتيش خارج المركز". وقللت الغلاي من أهمية المقاطعة بوصفها "ليس لها معنى" مضيفة "لدينا مرشحون وناخبون والعملية ستستمر". وأكدت الغلاي إن "مسؤولية أمن المرشحين تخصهم ولا تخص المفوضية".
ويقول المحامي محمد الديوان إن "المقاطعة لا تحمل معنى قانونيا وإن الانتخابات شرعية ولو اشترك بها 1 بالمئة من السكان".
ويضيف الديوان إنه "قد يكون للمقاطعة أثر سياسي أو احتجاجي، لكن قانونا لا تأثير لها على شرعية الانتخابات".
لكن المحلل السياسي منتصر محمد، يقول إن "المقاطعة هذه المرة أكثر قوة وتأثيرا، لأنها تنطلق ليس من اليأس من التغيير فحسب، وإنما أيضا من مخاوف حقيقية مشروعة متعلقة بالأمن الانتخابي".
ويضيف محمد "ربما تكون الانتخابات قانونية، وربما تبقى كذلك بعد المقاطعة، لكنها بالتأكيد لن تكون شرعية، خاصة وأن المرشحين ممنوعون من التواصل مع ناخبيهم". ويضيف محمد إن "الدولة أثبتت عجزها عن حماية المرشحين والناشطين والصحفيين وقوى المجتمع المدني، والانتخابات بدون مشاركة هؤلاء ناقصة وفاقدة للشرعية عمليا". ويوجد حاليا 3525 مرشحا للانتخابات النيابية، موزعين على مئات القوائم والأحزاب، الكثير منها من كان مشاركا في النظام السياسي العراقي. ومن المقرر أن تجري الانتخابات في تشرين الاول المقبل، لكن مخاوف من الأمن، وإحباطا شعبيا عاما، ومشاكل اقتصادية وأخرى متعلقة بفايروس كورونا قد تتسبب في انخفاض نسب المشاركة بشكل أكبر حتى من انتخابات 2018 التي قاطعتها أغلبية الشعب العراقي.