متابعة المدى
يشارك العراق لأول مرة في بينالي البندقية للعمارة 2021،اعتباراً من 22 أيار إلى 21 تشرين الثاني،
بمشروع الفنان والباحث رشاد سليم "إعادة تخيل سفينة الطوفان - برؤية جديدة: الجناح الاستكشافي" بإشراف فني من "مشاريع سفينة"، وبدعم إرشادي من مجتمع جميل ، فكرة الجناح تهدف للعودة إلى أصول التراث المعماري العراقي، ليحتفي بأساليب العمارة الشعبية وتصميم القوارب والمراكب التي تجوب نهري دجلة والفرات، وأسس الإبداع ومبادئه التي انبثقت منها أساليب العمارة المبكرة، وتجدر الاشارة الى أن هذا العام يصادف الذكرى المئوية لتأسيس دولة العراق الحديثة.
ومن خلال نقد وتجاوز صور الرافدين والخليج آنذاك النمطية والأوصاف المكتوبة والثابتة للسفينة وفق الأساليب الأوروبية لبناء السفن والقوارب، يضع سليم تصوره لبناء "سفينة تحاكي مكانها وزمانها"؛ ومن خامات طبيعية من بيئة العراق وتصميم مستمد من تقنيات البناء الشعبية في محاكاة وإعادة تخيل لسفينة نوح (ع) في عهد الطوفان القديم، وارتفاع في مستوى سطح البحر منذ حوالي 10 آلاف عام، نتج عنه ما يُعرف اليوم بالخليج.
يوظف "الفن الاستكشافي" لدى الفنان والباحث رشاد سليم مفهوم السفينة في مسعاه البحثي في تراث العراق الثقافي. ومنذ عام 2016، وقَد استعان مشروع إعادة تخيل سفينة الطوفان - برؤية جديدة: الجناح الاستكشافي بالحرفيين من جميع أنحاء وسط وجنوبي وغربي العراق بغرض إحياء وتوثيق ما تبقى من ممارسات بناء القوارب التقليدية وما يختص بها من هندسة معمارية وحرف يدوية، فقد شارف هذا التراث، المستمر عبر العصور ومنذ أقدم تاريخ مسجل، على الاندثار خلال العقود الأخيرة التي كانت مليئة بأنواع من الصراعات المدمرة والصدمات المجتمعية والبيئية. وبتقديم مجسمات خارجية ومفردات رقمية، يتفاعل الجناح الاستكشافي بشكل إرتجالي تحسسي مع موقعه، ليستكشف الروابط بين بيئة دلتا لوادي نهر بو الأراضي اللدنة في البندقية والتراث الملاحي المشترك في القوارب، وتلك الموجودة في البصرة و الأهوار في جنوبي العراق، فعلى نحو مماثل لما تعانيه البندقية، يواجه جنوبي العراق الآن التحدي الحاسم المتمثل في الأنثروبوسين، وهو حدث مناخي (أي الاحتباس المناخي والارتفاع الحراري) يضاهي الفيضان القديم. وهكذا فإن مشروع إعادة تخيل سفينة الطوفان - برؤية جديدة يتناول أزمات عصرنا من خلال إبراز العمليات التحويلية التي صاغت الثقافة الإنسانية وتبقى ذات صلة وثيقة بمستقبل ضبابي ينتظرنا والعمل لمواجهة التحدي.
ومن مهمات المشروع هي جمع الموارد والأفراد في حوار بين الثقافات شرقاً وغرباً. وعن هذا، يقول الفنان والباحث رشاد: "يتماشى مشروع إعادة تخيل سفينة الطوفان - برؤية جديدة: الجناح الاستكشافي مع شعار بينالي العمارة لهذا العام "كيف نعيش معاً؟" وذلك بتطبيق مبدأ التجمع، ومحور المشروع هو نمط هندسي موجود في كل مكان؛ في الطبيعة وفي العلوم، ويذكرنا هذا النمط بتلك الرُقية المعروفة في العراق باسم الـ "سبع عيون"، والتي لا تزال تستخدم للأطفال في العراق حتى اليوم، وهكذا، فإن الرسالة الأصلية للسفينة هي رسالة اتحاد وتوحيد. إنه مشروع فني ثقافي قائم على حفظ وصون التاريخ والتراث".
يُذكر أن جناح المشروع وتوثيقه يجري تحت رعاية صندوق صحة الثقافة العراقي الذي أسسه مجتمع جميل وضمن صندوق رعاية الفنانين، لتوفير الدعم المالي والإنتاجي لمشاريع الفنانين التي تساهم في تحسين الصحة النفسية والصحة المجتمعية والصحة البيئية التي نتجت عن جائحة كوفيد-19، يتم تطوير برنامج الجناح مع مبادرة هيلينك ارتسs بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وضمن برنامج الذكرى الخامسة والسبعين لإنشاء الأمم المتحدة (UN75)، في عام 2020، تم توثيق مشروع إعادة تخيل سفينة الطوفان - برؤية جديدة بشكل رسمي من قبل مبادرة (UN75) كنموذج لمشروع يقوده الفنان لتنفيذ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
والفنان رشاد سليم ولد في العاصمة السودانية الخرطوم لأب عراقي وأم ألمانية وهو ابن الفنان نزار سليم، تربى في عائلة فنية فعمه الراحل جواد سليم رائد الفن المعاصر في العراق. وهو أصغر عضو في عائلة سليم الفنية سافر كثيراً قبل أن يستقر في العراق عام 1971، درس الكرافيك في معهد الفنون الجميلة في بغداد في عام 1980، انتقل بعدها إلى لندن لدراسة السمعية والبصرية في كلية سانت مارتن للفنون في عام 1983، خلال العامين 1977 و1978 أصبح سليم عضو في بعثة مركب القصب النرويجي ثور هيردهال من نهر دجلة إلى جيبوتي، يعيش رشاد سليم ويعمل في إنجلترا.