بغداد/ رويترز
أفادت وكالة رويترز بأن إيران استخدمت مئات المسلحين التابعين للفصائل المسلحة في العراق، لتشكيل مجاميع صغيرة "خاصة" خاضعة لسيطرة فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وتعمل على تنفيذ الستراتيجية الإيرانية في العراق.
وبحسب التقرير الصادر عن رويترز، قامت إيران العام الماضي بتدريب تلك المجاميع الصغيرة على استخدام الطائرات المسيرة ونشر الدعايات الإلكترونية بشكل مؤثر.
وأشار عدد من المسؤولين الأمنيين العراقيين، وبعض قادة المجموعات المسلحة في العراق، إلى جانب بعض الشخصيات العسكرية العراقية وشخصيات دبلوماسية غربية، إلى "مسؤولية تلك المجموعات الصغيرة عن بعض الهجمات التي شنت على مواقع تابعة للولايات المتحدة الاميركية وقوات التحالف الدولي، داخل العراق".
يرتبط هذا التكتيك الإيراني بالتراجع الذي تواجهه في العراق، وأيضاً بمقتل القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني في العام الماضي، والذي كان مسيطراً على الفصائل المسلحة في العراق. إضافة إلى ذلك يفتقد القائد الحالي لفيلق القدس، اسماعيل قاآني إلى الدراية بالسياسة الداخلية للعراق، ولا يملك نفس التأثير الذي تمتع به سليماني على الفصائل المسلحة داخل العراق.
وكانت لتظاهرات تشرين في نهاية عام 2019 وتعبير المتظاهرين عن رفضهم الكامل للتدخلات الإيرانية في شؤون العراق، تأثير على الوضع الداخلي في العراق، بشكل قلّل ظهور عدد كبير من المسؤولين عن الفصائل المسلحة التابعة لإيران، ومن وقتها زاد الانقسام بين تلك الفصائل المسلحة خصوصاً بعد مقتل سليماني، بشكل يصعب على طهران السيطرة عليها من جديد.
لذلك، تطلبت مصلحة إيران الاعتماد على هذه المجموعات الصغيرة حيث يمكن لتلك المجاميع استخدام أحدث المعدات العسكرية التي تزودها بها إيران مثل "الدرون" بشكل مؤثر أكثر.
التدريب في لبنان
قال مسؤول عسكري عراقي إن "تلك المجموعات الجديدة ترتبط بقوات الحرس الثوري الإيراني بشكل مباشر، وتتلقى أوامرها من تلك القوات وليس من قبل الأطراف العراقية".
فيما قال أحد قادة الفصائل المسلحة المقربة من إيران إن "من الواضح أن الإيرانيين قاموا بتشكيل مجموعات جديدة من شخصيات اختارتهم بعناية، لتنفيذ هجماتهم والحفاظ على السريّة، ونحن لا نعرف من يكونون".
بحسب مسؤولين أمنيين عراقيين، في سنة 2020 قامت إيران بإرسال ما لايقل عن 250 مقاتلاً من تلك المجاميع الجديدة إلى لبنان، وتم تدريبهم على يد قوات الحرس الثوري وحزب الله لعدّة شهور، على زرع القنابل واستخدام "الدرون" ونشر الدعايات الإلكترونية.
وأكد أحد المسؤوليين الأمنيين العراقيين أن "قيادات هذه المجاميع غير معروفة، وهي تعمل بشكل سرّي، وتتعامل بشكل مباشر مع مسؤولين في الحرس الثوري الإيراني".
مجموعة من المسؤولين الأمنيين العراقيين، إلى جانب مسؤولين غربيين، لفتوا إلى أن "هذه المجموعات الجديدة، تقف وراء عدد من الهجمات التي حصلت، منها الهجوم على قوات التحالف الدولي في قاعدة عين الأسد في شهر أيار الجاري، والهجوم على مطار أربيل الدولي في الشهر الماضي، وكذلك الهجومين الواقعين في السعودية في كانون الثاني من العام الماضي، وإن أحد السمات الرئيسة المشتركة بين تلك الهجمات هي استخدام الطائرات المسيرة الحاملة للمتفجرات".
الصراع مع واشنطن
تعد إيران إحدى أكبر الدول المؤثرة في الشرق الأوسط، وإن نمو دورها في العراق كان عاملاً في توسيع نفوذها في كامل المنطقة.
بعد دخول الولايات المتحدة الأميركية إلى العراق سنة 2003 وإسقاطها لنظام صدام حسين فيه، توسع النفوذ الشيعي في العراق.
وبعد سيطرة تنظيم داعش على مساحة كبيرة من أراضي العراق عام 2014، وقفت طهران إلى جانب واشنطن ضد تنظيم داعش، وقدمتا الدعم للحكومة العراقية لمحاربة داعش والقضاء عليه.
وقامت الولايات المتحدة الأميركية بإعادة آلاف الجنود والمستشارين إلى العراق، في حين قامت إيران بمساندة الفصائل المسلحة مثل عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وكتائب سيد الشهداء، في الحرب على داعش.
ويقول المسؤولون عن الفصائل المسلحة في العراق، إنه "وبعد مقتل قاسم سليماني، وخروج المتظاهرين في تشرين الأول عام 2019 وهتافهم ضد إيران، خلقت الشكوك لدى المسؤولين في طهران حول بعض الفصائل التي كانت تدعمها في العراق".
وقال أحد المسؤولين إن "إيران تشك بمشاركة أحد الفصائل المسلحة في العراق بمقتل قاسم سليماني من خلال تسريبه للمعلومات، وتشعر بظهور الانقسامات بسبب المصالح الشخصية والطمع بالمناصب".
وأردف مسؤول آخر في الفصائل المسلحة العراقية بالقول: "قلّت اجتماعاتنا واتصالاتنا الهاتفية مع الجانب الإيراني، لم تبق لدينا اجتماعات مشتركة، وهم لم يعودوا يدعوننا إلى إيران".
وبحسب المسؤولين الأمنيين العراقيين، والمسؤولين في الحكومة العراقية، وثلاث قادة في الفصائل الشيعية المسلحة في العراق، "قامت قوات الحرس الثوري الإيرانية بعد مقتل قاسم سليماني بعدة شهور، بفصل واختيار المقاتلين الذين يتمتعون بثقتها من أجل استخدامهم في تشكيل الجماعات الجديدة".
التغيير الحاصل في التكتيك الإيراني، هو انعكاس للتكتيك الذي اتبعته طهران بين عامي 2005- 2007، حينها قامت إيران بتشكيل مجموعات مسلحة لزرع القنابل والمتفجرات في العربات العسكرية الأميركية.
عودة الدبلوماسيين
بعد فوز جو بايدن بمنصب الرئاسة في أميركا، قامت إيران بإعادة قنواتها الدبلوماسية مع واشنطن والرياض، وتعتبر القوة العسكرية أحد المصادر التي تعوّل عليها طهران في مباحثاتها الأخيرة.
إيجاد وتعطيل الطائرات المسيرة التي يستخدمها حلفاء إيران ليسا بأمر سهل، وهو يشكل خطراً جديداً على 2500 جندي أميركي في العراق.
كينز مكينزي، وهو قائد القوات المركزية للجيش الأميركي، نبّه بعد الهجوم الذي وقع على مطار أربيل الدولي، في نيسان الماضي، الى "استثمار إيران استخدام الدرونات، وتحقيقها تقدماً كبيراً في هذا المجال".
وفي العام الماضي، أعلنت بعض مجموعات مسلحة غير معروفة مسؤوليتها عن تنفيذ هجمات صاروخية وزرع قنابل، وفي وقت نسب مسؤولون غربيون وأكاديميون تلك المجموعات إلى كتائب حزب الله والفصائل المسلحة الأخرى في العراق، يؤكد مسؤولون عراقيون عدم صحة تلك الإدعاءات، وأن هذه المجموعات تعمل بشكل مستقل عن الأطراف العراقية. ويفيد مسؤول في الحكومة العراقية بأنه "في عهد قاآني، تعمل إيران على تشكيل بعض جماعات تتكون من مئات العناصر فقط، لضمان ولائها لفيلق القدس حصراً".
اترك تعليقك