إبراهيم رئيسي رئيس إيران الثامن.. من هو وماذا ينتظره؟

إبراهيم رئيسي رئيس إيران الثامن.. من هو وماذا ينتظره؟

فاز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ13، حسب النتائج الأولية التي أعلنتها وزارة الداخلية الإيرانية، بعد حصوله على أكثر من 17 مليون صوت من أصل 28 مليونا و600 صوت تم فرزها، لكن مصادر إيرانية “مطلعة” كشفت لـ”العربي الجديد” عن أن رئيسي سيحصل على قرابة 20 مليون صوت من أصل قرابة 32 مليون صوت شارك في الانتخابات، أي أنه سيحصل على أكثر من 62 في المائة من الأصوات.

فوز رئيسي حتمي، والعشرة في المائة المتبقية من الأصوات ستزيد من أصواته حسب ما قالت المصادر، ولن تنقصها.

بعد تهنئته كلاميا خلال جلسة اللجنة الوطنية لمكافحة كورونا، توجه الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي لم يتبق على ولايته سوى 45 يوما، إلى مقر السلطة القضائية التي يرأسها رئيسي لتهنئته حضوريا. كما أن المرشحين الثلاثة الآخرين أيضا هنأوه في رسائل منفصلة، ما يعني أن جدلا لن يرافق نتائج هذه الانتخابات على غرار ما حصل عام 2009.

فوز رئيسي بالانتخابات كان متوقعا بنسبة كبيرة، وتوقعه لم يكن بحاجة إلى عناء، وذلك لكونه مرشحا بلا منازع إلى حد كبير، لم يكن بإمكان أقرانه منافسته. رئيسي كان مرشحا رئيسيا للتيار المحافظ على الرغم من تأكيده أنه ليس محسوبا على تيار بعينه، وهذا التبني، ضمن له أصوات أبناء التيار في المجتمع، فضلا عن أصوات شرائح أخرى.

يرى التيار الإصلاحي، أن الانتخابات “لم تكن تنافسية” بعد استبعاد جميع مرشحيه من السباق، بالإضافة إلى مرشحين بارزين آخرين، أمثال الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، ورئيس البرلمان السابق علي لاريجاني.

لكن الدعوات الإصلاحية المتصاعدة خلال الأيام القليلة قبل الانتخابات، من أمثال الرئيس الأسبق محمد خاتمي، والشيخ مهدي كروبي، للتصويت لصالح همتي، سخنت الأجواء الانتخابية قليلا، ومنحتها درجة من التنافسية، لكنها فشلت في إقناع القواعد الإصلاحية بالمشاركة في الانتخابات، فكانت النتيجة حسب الإعلان الرسمي، هي احتلال همتي المركز الرابع بعد رئيسي والأصوات الباطلة والمرشح محسن رضائي. علما بأن الجسم الموحد للإصلاحيين، “جبهة الإصلاحات”، رفض تبني المرشح الإصلاحي عبدالناصر همتي مرشحا رسميا له.

نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، حسب إعلان السلطات، تتجاوز 50 في المائة، وهذا في حال تأكيدها ستكون نسبة جيدة بالمقارنة مع حجم دعوات المقاطعة للانتخابات، لكنها ستبقى أقل من الدورة السابقة التي بلغت 73 في المائة في انتخابات تنافسية شارك فيها رئيسي نفسه فحل ثانيا بعد روحاني الذي حصل على نحو 24 مليون صوت.

تنتظر رئيسي أزمات وتحديات كبيرة، داخليا وخارجيا، وعد أن يحلها اعتمادا على القدرات الداخلية للبلاد، لكن مراقبين يشككون في ذلك، ويرون أن هذه الأزمات متشابكة جدا ويصعب حلها من دون تحقيق انفراجة في العلاقات الخارجية الإيرانية بالذات مع الغرب، أما الأوساط المحافظة فتتحدث عن أن بمقدور البلاد تجاوز هذه العقبة عبر تنمية العلاقات مع الشرق، وخاصة روسيا والصين.

الأزمة الاقتصادية تتصدر أزمات إيران، والتي أصبحت مرتبطة بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران منذ أكثر من ثلاث سنوات، فضلا عن مشاكل بنيوية في الاقتصاد الإيراني.

كما أن رئيسي المحسوب على التيار المحافظ المتحفظ على المفاوضات النووية، التي تجري راهنا بشكل غير مباشر بين طهران وواشنطن في فيينا، سيكون أمامه هذا الملف الصعب للغاية، إن لم يكن محظوظا لتتوصل الحكومة الحالية إلى اتفاق مع الولايات المتحدة خلال 45 يوما مقبلا، المدة المتبقية من ولايتها. لكن إذا حالفها الحظ وحصل هذا الاتفاق سيستلم الحكومة المقبلة، في ظل رفع العقوبات والتحرير عن الأرصدة الإيرانية في الخارج، البالغة نحو 40 مليار دولار. أما إن لم يحصل ذلك، ففي ظل مواقف تياره المتشدد من التفاوض والاتفاق النووي سيواجه مشاكل وتحديدات كبيرة أكثر مما تواجهها إيران حاليا في التوصل إلى الاتفاق. مع ذلك، فالقرارات الصعبة حول السياسة الخارجية، يتخذها عادة الطرف القوي في المعادلات الداخلية، وانطلاقا من ذلك، ليس مستبعدا أن تبدي مختلف أركان الحكم تعاونا مع رئيسي لم تمنحه لحكومة روحاني.

إيران باختيار رئيسي رئيسا لها تكون قد وجهت رسائل خاصة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية، الأطراف الرئيسية في مفاوضات فيينا، ربما تدفع هذه الأطراف إلى استعجال التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الحالية، لكن المفاوضات تواجه صعوبات كبيرة، ليس واضحا بعد إن كان ممكنا حلها خلال الفترة القليلة المقبلة.

من هو رئيسي؟

إبراهيم رئيسي رجل دين محافظ، ولد في مدينة مشهد شرقي إيران عام 1960، ودرس في الحوزة العلمية في مشهد، قبل مواصلة دراسته الدينية لاحقا في مدينة قم، العاصمة الدينية للثورة الإسلامية الإيرانية، والتي تخرج منها ودرّس فيها كبار قادتها، في مقدمتهم آية الله روح الله الموسوي الخميني، مؤسس الثورة.

ومن رجال الدين الذين درس عندهم رئيسي المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، فضلا عن أنه يحمل شهادة الدكتوراه من جامعة شهيد مطهري بالعاصمة الإيرانية.

كان رئيسي إبان انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 في التاسعة عشرة من عمره، ولذلك لا يعتبر من قادتها، وتشير التقارير الإعلامية إلى مشاركته في الاحتجاجات والمسيرات المناهضة للنظام البهلوي السابق إلى جانب زملائه في الحوزات العلمية الإيرانية.

رئيسي متزوج من بنت رجل الدين الإيراني أحمد علم الهدى، المعروف بمواقفه المتشددة في السياستين الداخلية والخارجية، والذي يمثل الولي الفقيه في محافظة خراسان الرضوية، فضلا عن عضوية علم الهدى بمجلس خبراء القيادة المخوّل تعيين وعزل المرشد.

لم يسبق أن تولى رئيسي منصبا سياسيا أو تنفيذيا في السلطة التنفيذية، وهو يمتلك بالأساس خبرة قانونية وقضائية، وتدرج في السلك القضائي بعد أن انضم إلى الجهاز القضائي الإيراني بعد عام على انتصار الثورة في 1981، ليصبح في العشرين من عمره مدعيا عاما لمدينة كرج القريبة من العاصمة، من ثم تولى المنصب ذاته في مدينة همدان غربي البلاد.

انتقل رئيسي عام 1985 إلى طهران، فأصبح نائب المدعي العام الثوري فيها. وخلال عمله في الادعاء العام بطهران، أثار عمله إعجاب مؤسس الجمهورية الإسلامية، ليتلقى منه عام 1988 مراسيم حكومية خاصة لمعالجة المشاكل القضائية في بعض المحافظات في العقد الأول من الثورة.

وحسب تسجيل صوتي لرجل الدين المعروف الراحل آية الله حسين علي منتظري، الرجل الثاني في الثورة بعد مؤسسها قبل أن يعزله، سرّبه ابنه أحمد منتظري عام 2016، كان رئيسي عضوا بلجنة قضائية أقرت أحكام الإعدام بحق معارضين للثورة عام 1988.

ومن العام 2004 إلى 2014، تولى رئيسي منصب نائب رئيس السلطة القضائية، ثم عُيّن في منصب النائب العام في البلد، واستمر فيه عامين تقريبا، قبل أن يعينه المرشد الإيراني الأعلى سادن (خادم) العتبة الرضوية في مشهد، مرقد علي بن موسى الرضا، ، وهو من أهم المناصب الدينية في البلاد.

وبعد ذلك، منذ آذار/مارس 2019، عيّنه المرشد الإيراني رئيسا للسلطة القضائية خلفا لصادق آملي لاريجاني، الرئيس الحالي لمجمع تشخيص مصلحة النظام.

كما أنه أيضا في الوقت الراهن يشغل منصب نائب رئيس مجلس خبراء القيادة المخول دستوريا تعيين وعزل المرشد، وعضوا اعتباريا في مجمع تشخيص مصلحة النظام، بالإضافة إلى أنه عضو جمعية رجال الدين المحاربين المحافظة.

بعد تعيينه رئيسا للسلطة القضائية، أطلق رئيسي مشروعا لإجراء إصلاحات في السلطة، عرف بمشروع إحداث التحول فيها، ليبدأ في إطاره مكافحة الفساد في السلطة واعتقال قضاة ومسؤولين فيها وإخضاعهم للمحاكمة، كان في مقدمتهم نائب الرئيس السابق للسلطة أكبر طبري، الذي حكم عليه بالسجن 31 عاما خلال مارس/آذار الماضي.

كما أنه، في خطوة غير مسبوقة في الجهاز القضائي الإيراني، أدرج أسماء من تصفهم السلطات بـ”السجناء الأمنيين” في قوائم سجناء يطلب رئيس الجهاز من المرشد الإيراني إصدار العفو عنهم في المناسبات الداخلية.

هؤلاء السجناء من المشاركين في الاحتجاجات ومعارضون، فخلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، صدر العفو القضائي عن 157 محكوما مشاركا في الاحتجاجات الإيرانية خلال الأعوام الماضية، والتي كانت أكبرها احتجاجات نوفمبر 2019.

خطوات رئيسي الإصلاحية في الجهاز القضائي الإيراني، واعتياده خلال السنوات الأخيرة على زيارة المحافظات الإيرانية لمعالجة المشاكل القضائية، لقيت استحسانا داخليا، على الرغم من أنها لم تنه بعد الانتقادات لأداء الجهاز وهي مستمرة.

جرّب رئيسي حظوظه في السباق الرئاسي عام 2017، ونازل الرئيس حسن روحاني كأحد أهم المرشحين المحافظين، لكنه لم يفز وحلّ ثانيا بعد حصوله على 16 مليون صوت، وفاز روحاني لولاية ثانية بعد حصوله على 24 مليون صوت بدعم من الإصلاحيين.

وفي بيان الإعلان عن ترشحه، قال رئيسي إنه يترشح للانتخابات “مستقلاً، لإحداث التحول في إدارة السلطة التنفيذية ومكافحة الفقر والفساد والاحتقار والتمييز”، مؤكداً أنه يحترم جميع المرشحين والتيارات السياسية.

وبعد تسجيل ترشحه بالداخلية الإيرانية، ركز رئيسي على الأزمة الاقتصادية في البلاد و”البطالة والغلاء”، مؤكدا “إنني أرى نفسي منافسا للفساد والأرستقراطية وليس لتيار أو أحزاب سياسية”. وأضاف أن “لا انسداد في البلاد».

عن / بي بي سي

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top