للمرة الخامسة.. تعديل  الأحوال الشخصية  يثير سخط المنظمات الحقوقية

للمرة الخامسة.. تعديل الأحوال الشخصية يثير سخط المنظمات الحقوقية

 بغداد/ حسين حاتم

تعاني نور، التي مضى على انفصالها عن زوجها أكثـر من عام، من مشكلات أكثـر من المشكلات التي حصلت معها عندما كانت في بيت زوجها، بحسب تعبيرها.

وتقول نور (اسم مستعار) والحزن واضح على ملامحها، "استمرت فترة زواجي حوالي قرابة الثلاث سنوات، وبدأت المشكلات بعد الأشهر الستة الأولى، وحينها كنت حاملاً".

وتضيف في حديثها لـ(المدى)، "مرت في السنوات الثلاث من زواجي مشكلات عديدة، أبرز أسبابها هو تدخل عائلة زوجي بشؤوننا، ما اضطرني لترك المنزل واللجوء إلى بيت عائلتي لأكثر من مرة"، مشيرة إلى أنها مكثت في بيت عائلتها فترات طويلة بعيدة عن زوجها، قبل ان تعود إلى بيته.

ومضت نور بالقول، "بعد طلاقي حدثت خلافات عديدة بشأن النفقة التي هي من حقي الشرعي والقانوني، إذ كان هناك تجاهل متعمد من قبله (الزوج)".

والنفقة هي التزام قانوني على الرجل، لتوفير الدعم المالي للزوجة بعد الطلاق. وينبع الالتزام من قانون الطلاق أو قانون الأسرة في كل دولة. وتقليديا، يتم دفع النفقة من قبل الزوج إلى زوجته السابقة.

وترى نور انه "لا يوجد قانون منصف يقف مع المرأة"، مشيرة الى أنه "رغم وقوف القانون مع الرجل ما يزال البرلمان والقضاء يطالب بتعديل القوانين الخاصة بالأسرة، وجعلها لصالح الرجال".

وانتقدت نور، بشدة تعديل قانون الاحوال الشخصية واصفة التعديل بـ"المجحف بحق المرأة".

وأنهى مجلس النواب، الخميس الماضي، القراءة الاولى لمقترح قانون تعديل قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، الذي ينص على "منح حق الحضانة إلى الأم استنادا الى نص المادة (57) فقرة 1 والتي نصت على أن (الأم أحق بحضانة الطفل وتربيته)".

ولكن تعديلات أجريت على القانون ليست الأولى من نوعها، اثارت سخط منظمات المجتمع المدني والمنظمات المهتمة بشؤون المرأة والطفل، إذ يعد القانون مسرحا دائما للصراع بين الاسلاميين داخل البرلمان والمنظمات الحقوقية المدنية والنسوية، إذ ان هذا الصدام يعد الخامس من نوعه بعد رفض مقترح قانون الاحوال الشخصية المدني في العام 2006 الذي قدمته مجموعة من المنظمات النسوية، ورفض مقترح قانون الاحوال المدنية الجعفري في العام 2013 الذي قدمته كتلة الفضيلة، ورفض مقترح مشابه تقدم به النائب حامد الخضري من كتلة المواطن في العام 2018، ورفض في المرة الأخيرة بعد ان قدمته منظمات مدافعة عن حقوق المرأة والطفولة في العام 2020.

الناشطة والمدافعة عن حقوق المرأة سارة جاسم تقول في حديث لـ(المدى)، إن "تعديل قانون الأحوال الشخصية على وفق الفقرات التي وضعها مجلس النواب مجحف بحق الام والطفل".

وتضيف جاسم، أن "الطفل يكون احتياجه الى الام بالدرجة الاولى أكثر من احتياجه للاب في مرحلة طفولته ومراهقته"، مشيرة الى أن "فقرات القانون لم تستند الى استشارة خبراء نفسيين او منظمات مختصة بالطفولة".

وترى أن "الام احرص على طفلها من أي شخص آخر"، لافتة الى أن "الطفل في حال ذهابه الى بيت ابيه سيقضي أكثر وقته بعيدا عن الاب بسبب الانشغالات الحياتية للاب".

وطالبت جاسم أن "يكون تعديل القانون منصفا بحق الام والأب من ناحية الحضانة والنفقة وغيرهما من الأمور المشتركة".

بدوره، يرى المختص بالشأن القانوني علي التميمي في حديث لـ(المدى)، أن "القراءة الاولى لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ يعد مسكا للعصا من الوسط ويحاول إرضاء الام والاب من حيث مدة الحضانة حيث أعطى للام السبع سنوات الأولى ثم نقلها إلى الاب في السبع الثانية، قبل ان يخير المحضون في الـ14 سنة".

ويضيف التميمي، أن "المشرع خلق حالة إنسانية تراعي علم النفس في اساس تربية الاطفال في السنوات الـ15 من العمر وحاول أن يجد حالة إنسانية عن طريق عواطف الصغار الفطرية في رأب الصدع بين الطرفين وإنهاء الخلاف، وهو، اي المشرع، ارجعنا إلى ما قبل تعديل قانون الأحوال الشخصية وهو توجه إيجابي يرضي كل الأطراف في هذه النقطة".

ويأمل المختص بالشأن القانوني ان "يفرق مشروع القانون بين المحضون الذكر والأنثى"، لافتا الى ان "الاعم الاغلب من المذاهب فرقت في مدة حضانة الأنثى لدى الام بـ9 سنوات والذكر بـ7 سنوات لأسباب فسيولوجية تتعلق بالأنثى".

ويعتقد التميمي أن "انتقال الحضانة إلى الجد (والد الاب) عند وفاة الاب ويكون للام المتابعة والتربية والمبيت وأجاز سفر المحكوم بموافقة الطرفين والمحكمة تفاصيل تحتاج إلى لمسات في القراءة الثانية للمشروع". لافتا الى أن "المشروع لم يشر إلى إلزام الدولة بدفع أجرة الحضانة عند إعسار الاب".

من جهته، يقول عضو مفوضية حقوق الانسان فاضل الغراوي، في حديث لـ(المدى)، إن "هناك العديد من الملاحظات بشأن قانون الأحوال الشخصية الموجود في مجلس النواب"، مشيرا الى أن "المفوضية والجهات ذات الصلة قدمت ملاحظاتها إلى البرلمان".

وطالب الغراوي، مجلس النواب بـ"جعل هذا القانون يستهدف بشكل أساسي الاستقرار الاسري وابعاد الأسر عن المناكفات والمشكلات التي تحدث نتيجة التفسيرات الخاطئة للقانون الحالي".

ويرى الغراوي، أن "القانون الجديد سيضع مسألة حضانة الأطفال وحل النزاعات حول هذا الموضوع"، مبيناً أن "البرلمان يحتاج إلى وقت طويل لتمرير قانون الأحوال الشخصية".

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top