استقواء درجال من ضُعف التطبيعية .. وانتزاع بطاقة المونديال ليس صعباً!
بغداد / إياد الصالحي
أبدى أنور جسام، المحاضر الآسيوي والمدرب الأسبق للمنتخبات الوطنية بكرة القدم، استغرابه من عدم تدخل الحكومة في منح الحقوق المادية لمدرب منتخبنا السلوفيني سريتشكو كاتانيتش بعد نجاحه في قيادة الأسود الى الدور الحاسم من تصفيات مونديال قطر 2022، مُطالباً بتشكيل "خلية الكرة" لبحث أية أزمة يُدعى لها أهل الخبرة والتجربة ممّن اسهموا في نجاح كرتنا على الصعيد القاري والدولي.
وقال جسام في حديث خصّ به (المدى) :"كان يفترض برئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي التدخّل للموافقة على صرف مستحقات المدرب كاتانيتش احتراماً للعقد المُبرم بينه وبين الاتحاد العراقي لكرة القدم الذي يمثّل واجهة من واجهات البلد، ومن غير المعقول أن تتضرّر سُمعته أمام مؤسّسات دولية كبيرة في مقدّمتها الفيفا بسبب عدم توفير ستة رواتب للمدرب مع مساعديه! هذا أمر غير مقبول، فالمدرب غير معني اساساً بتمشية الموازنة أو توقفها، والمواثيق تُلزم الاطراف المتعاقدة على الايفاء بالحقوق، وإلا فالقانون يفصُل للمشتكي ضد من تنصّل عن الدفع، وهذا ما فعله كاتانيتش باللجوء الى الفيفا لاستعادة حقه".
وأضاف :هذه ليست المرّة الأولى التي تمرّ بها الكرة العراقية في مأزق شكوى بعض مدربي منتخبنا الوطني أمام المصالح القانونية للاتحاد الدولي لكرة القدم، فقد سبق كاتانيتش البرازيليين زيكو وفييرا وكذلك النرويجي أولسن، وهي مسألة مُخجلة تنمُّ عن قُصر نظر مسؤولي اللعبة في العراق تجاه حقوق محفوظة لا تحتمل تأخير السداد أو تسويف الاعذار، فضلاً عن الاساءة التي تخلّفها هكذا أزمات على صعيد عدم ثقة المدربين الاجانب بخوض تجاربهم مع المنتخبات العراقية مستقبلاً".
توتر العلاقة
وأوضح :"لقد اختار كاتانيتش إنهاء علاقته بمنتخبنا الوطني ما بعد انتهاء مباراة إيران وتوجّهه الى عائلته، وكلّ المؤشّرات حول توتر علاقة المدرب بالتطبيعية عطفاً على مُلابَسات معسكر البصرة ومحاولة فرض الإرادة من خارج التطبيعية دَلّلَتْ على قناعة المدرب بأن القادم سيكون أسوأ ممّا مضى، وماعزّز الفتور وقطع العلاقة هو عدم مواجهة المدرب للكشف عن رؤاه ومناقشته في اسلوب اللعب ونوعية اللاعبين منذ فترة طويلة، وهذه واجبات اللجنة الفنية، ولا يمكن أن تُهمَل بذريعة تحديد الواجبات والصلاحيات، فهناك أمور تقتضي المكاشفة والمصارحة بين الطرفين طالما أن مشروع تأهيل المنتخب الى المونديال مسؤولية تشاركية".
الرجل المناسب
وكشف جسام :"ليس هناك متفائِل واحد يمكنه أن لا يقرّ بعدم استقرار عمل الهيئة التطبيعية في اتحاد كرة القدم، فخطواتها متعثّرة منذ تسلّمها المسؤولية في الرابع من نيسان عام 2020، وتفتقد الحلول الإيجابية للنهوض بواقع اللعب وتفتقر للاستعداد الكافي للنهوض بالمنتخب الوطني وتأهيله لا في مباريات التصفيات المارّة ولا الدور الحاسم الشرس الذي سيضم أقوى منتخبات القارة للظفر ببطاقتي المونديال، تلك مسؤولية صعبة تحتاج الى الرجل المناسب للمكان الذي ينسجم مع مؤهلاته وقدراته على النجاح الشخصي والمؤسّسي".
خوف .. وعبث!!
وتساءل المدرب الفائز بذهبية الألعاب العربية 1985وكأس آسيا للشباب 1988 والمساهِم في تأهّل منتخبي الشباب والوطني الى مونديالي 1989و1986 :"لماذا الخوف والقلق من انتداب شخصيات رياضية تمتلك التاريخ والانجاز، وسبق أن أرتقت بالكرة العراقية في بطولات كبيرة؟ أطمئنوا لا تهدّد مصالحكم، همّها التخطيط ووضع البرامج والنُصح بما يخدم المنظومة وارشاد المعنيين لإيجاد الحلول الناجعة لمشاكل مصطنعة أربكت المشهد ولفتت الانظار الى شخص ما أو جهة مستفيدة من هذه الفوضى غير الطبيعية التي أسّس لها مجلس إدارة اتحاد الكرة ما بعد 2003 باختيار شخوص لم يسبق أن تعرّف عليهم الجمهور والإعلام بأنهم خدموا الرياضة والكرة تحديداً فثُبّتوا وتمكّنوا وعبثوا بمصير الدوري والمنتخبات وسياقات الإدارة والتطوير بصورة مؤسِفة نتيجة الجهل والمحسوبية وغياب المُحاسبة".
واسترسل :أين اصحاب الخبرة والتخصّص من اللجنة الفنية المعنية بايجاد بيئة كروية صالحة لِازدهار الأندية والمنتخبات، ترسم سياسة تنظيمية تعزّز مكاسب المسابقات الخاصة بالفئات العمرية ودوري الكبار، وتحرص على صقل امكانيات المدربين العاملين في الأندية والمنتخبات بما يجعلهم قادرين على صناعة جيل جديد في نهاية كل موسم؟ لمصلحة مَن تم تغييب نخبة من الاكاديميين المُفرّغين للعمل في كرة القدم وآخرين ذوي الخبرة والانجاز والتجربة والمعرفة بشؤون اللعبة والذين قضوا اعمارهم في الملاعب، لماذا لم يأتوا بهم الى اللجنة الفنية؟!
مجازفة الوطني
وأكد أنه في ضوء مواجهة منتخبنا الوطني لكوريا الجنوبية وإيران المرشّحين لنيل بطاقة المجموعة الأولى، في مستهل مشواره الصعب بالدور الحاسم يومي 2و7 أيلول المقبل، فإن وضع اللاعبين لا يبشّرُ بخير وسط غياب المدرّب وعدم وضوح رؤية التطبيعية للفترة القادمة وبمن ستضع ثقتها هذه المرّة، شخصياً أرى تسمية أي مدرب وطني لقيادة المنتخب في الوقت الحاضر تُعرّضه للفشل كونه سيصبح تحت المطرقة والسندان، ونصيحتي لأي مدرب بعدم المجازفة في مثل هذه الظروف، لن يوفّر له مثلما يحظى المدرب الأجنبي بما يطلبه، وسيُقدّم ضحية ثانية بعد كاتانيتش في مرحلة حرجة لا يحتمل الجمهور صدمة عنيفة أخرى".
خلية الكرة
وذكر جسام :"في مثل هذه الأزمات، أنصح قبل وقوعها وجود "خلية الكرة" تضم شخصيات خبيرة تتعاون فيما بينها بافكار واقعية وتقدّم المشورة الصالحة للمنتخب، لكن للأسف وضع التطبيعية ينطبق عليه المثل (لا يندل .. ولا يخليني أدلّيه) فهناك من يمكن أن يُناقشهم في أمور فنية لتبادل الآراء والخروج بحلول سريعة، نحتاج الى قياديين فعليين غير ضُعفاء يدلون برأي ناجع ويتمسّكون به أمام الوزير وغيره طالما أنّ لا مصلحة لديهم سوى الارتقاء بكرة العراق بين كبار المنتخبات المشاركة في كأس العالم، أما استقواء وزير الرياضة وتفرّده بشؤون اللعبة وحمله ملف استقدام مدرب أجنبي بديل وغيرها من ملفات التطبيعية فهو ناجم عن ضُعف في شخصيتها المعنوية المستقلّة"!
تصفيات سهلة
ويرى "أن التصفيات المُرتقبة هي أسهل ما واجهت منتخبنا الوطني في الدور الحاسم عبر تاريخه، هناك ثلاثة منتخبات الإمارات وسوريا ولبنان يُمكن أن تزيد نقاطنا عبر الفوز عليها في مبارياتنا الست، ولو استعدَّ اللاعبون جيّداً لن يقف منتخب إيران عائقاً أمام طموحهم بانتزاع بطاقة التأهل ومرافقة منتخب كوريا الجنوبية الى مونديال قطر، وعليه لابد من مضاعفة الجهود تحت قيادة مدرب أجنبي لعلّه يفلح في اجتياز المجموعة سواء مباشرة أم من خلال الملحق، وأتمنى أن يسعى الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الى تأجيل موعد الدور الحاسم الى آذار 2022 كما سرّبت بعض المواقع كي تُتاح فرصة الإعداد بشكل أمثل لجميع المنتخبات".
الدوري المُملّ
وطالب جسام اتحاد الكرة المؤمّل انتخاب مجلسه الجديد في أيلول المقبل، بـ "إعادة النظر في تنظيم دوري الكرة المُملّ، لعدم استحقاق أغلب أنديته للعب في نظام العشرين فريقاً ذهاباً وإياباً، نظراً لعدم امتلاك الأندية للمدربين القادرين على الاستمرار في مهمّاتهم باستثناء من أثبتوا حضورهم وهم قلّة، ويكفي للاشارة الى عدم جدوى الدورات التدريبية هو الاخلال بمعيار الدخول اليها ممّن تجاوز عمره الخامسة والثلاثين! وهناك من يُلازمه الاخفاق مع عمله ولا يرغب في التعلّم ويلجأ الى أضعف الفرق بأبخس العقود من أجل إشعار الآخرين بأنه عامِل في الدوري، فضلاً عن ضُعف موارد نصف الأندية وعدم تمكّنها من تأمين حقوق لاعبيها ومدربيها، وغياب الإمتاع الكروي الناتج عن تكاسل اللاعبين في التمرين وعدم تطبيق بعض المدربين مناهجهم بما يعزّز قوّة الفريق ونتائجه، وهذا كلّه يؤثر على المستوى العام للعبة".
الدور الحقيقي
وختم أنور جسام حديثه بتوضيح أسباب ابتعاده عن الوسط الكروي ميدانياً :"يعرفني القاصي والداني بأنني مُنذ أن ولجتُ مهنة كرة القدم احترم قيمتي أمام الناس، ولا يُمكن لي أن أبحث عن فرصة عمل بعد عُمر طويل خدمتُ فيه عديد الأندية والمنتخبات، وحققت انجازات كثيرة لبلدي بتعاون من اللاعبين الذين يقف أثنان منهم اليوم على رأس القيادة الرياضية، وهذا أمر مفرح، لكن أتمنّى أن تدار أمور الرياضة بالحرص الذي عرفاه عنّا أيام اهتمامنا بكل تفاصيل المهام الموكلة الينا بما لا يدعُ أحداً أن يتناولنا بسوء ويتّهمنا بالتقصير، وألفت عناية الجميع إلى أننا لا نحتاج المنصب ولا المال، بل الى دور حقيقي بالمساعدة على انقاذ كرتنا من مآزق مُحرجة وذلك بالاستفادة من تجاربنا وخبراتنا المُمتدة لأربعين عاماً، عملاً بقول الله تعالى (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ).
اترك تعليقك