حسين جبار
تناولت بعض وسائل الإعلام عدداً من الاعتراضات على المسودّة الأولية لقانون الأندية والذي عطلّت التصويت عليه أطراف لبعضها مصالحها تتقاطع مع تشريع القانون وبالأصل تتقاطع مصالحها مع المصلحة العامة في تطوير الرياضة العراقية وأطراف أخرى لها تحفّظات حول حقوق تمليك الأراضي للأندية
متناسين أن المادة 22 من قانون 18 النافذ تعطي الحق ذاته ولا زالت نافذة برغم اجتهادات البعض في تفسيرها والاعتراض على تطبيقها حتى وصل الأمر بأحد الأندية إلى طلب فتوى مجلس الدولة الذي أجاز في قرار صريح وواضح له في العام 2019 تمليك الأندية للأموال المنقولة ومنها الأراضي.
وقد وردت ضمن القانون مواد كثيرة لو شاءت الظروف أن يُمرّر فسيكون طوق النجاة لإنقاذ الأندية من أزماتها المالية المزمنة، ومع مواد الدعم التي تضمنها القانون فقد وضِعت محدّدات منها شرط العمر الذي سنتناوله بإيجاز حيث ورد في قانون الاتحادات النافذ 24 لسنة 2021، وكذلك ورد ضمن شروط الترشح للهيئات الإدارية للأندية في مسودة القانون، والذي يعكس استيعاب من اسهم في إعداد مسودّة القانون للمتغيّرات في الأنظمة واللوائح الدولية المنظمة للعمل الرياضي.
فاصل التحديد ليس اجتهاداً او إقصاء للخبرات والكفاءات العراقية كما صوّره البعض، بل أن الهيئات الرياضية الدولية إبتداء بالأولمبية الدولية قد حدّدت عُمر المرشّح ضمن الميثاق الأولمبي الصادر في العالم 2015 والذي يعتبر دستور الحركة الرياضية وأخذت الاتحادات الرياضية الدولية والقارية تنحو هذا المنحنى وتلتزم بالميثاق الأولمبي من خلال وضعها بنوداً ومواداً تحدّد ذلك ومنها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في نظامه الأساس في إصداره للعام 2018 وكذلك الاتحاد الآسيوي في نظامه الاساس للعام 2019 لينتقل هذا الشرط فيما بعد الى الأنظمة الأساسية للاتحادات الوطنية وأقرب الأمثلة الاتحاد السعودي لكرة القدم الذي حدّد عُمر المرشح بأن لا يزيد عن 65 ولا يقل عن 30.
وهذا التعميم لم تلتزم به جميع الاتحادات الدولية فلا زال الاتحاد الدولي لكرة الطائرة مثلاً يعطي المرونة لغاية سن 75 عاماً لجميع مسؤولي الاتحاد الدولي للكرة الطائرة المنتخبين أو المرشّحين لأي موقع المسؤولية على المستوى العالمي والقاري، أما الاتحاد الدولي للدراجات فنظامه الأساس أكثر مرونة إذ حدّد أن أي مرشّح لمنصب الرئيس أو للإدارة ألا يكون قد بلغ عُمر 74 عاماً وقت الانتخابات أي يُمكن أن يستمر لغاية عمر 79 عاماً على اعتبار أن الدورة الانتخابية أربع سنوات.
ومع هذا التحديد للعمر في تشريعاتنا الرياضية نتساءل أين ستذهب هذه الخبرات؟ وهل ستركن على رفوف النسيان لنستذكر دورها فقط عند وفاتها؟
وهنا نشير إلى أن الأمم تنهض من خلال استثمار مواردها المختلفة ومنها المورد البشري أي استثمار الإمكانات والخبرات المتراكمة للأفراد في مختلف القطاعات ومنها القطاع الرياضي فليس من المستحيل او الصعب على الاتحادات الرياضية استحداث وحدات تنظيمية ضمن هيكلها التنظيمي بمستوى لجان أو روابط استشارية للخبراء في مختلف الرياضات تكون مهمّتها الأساس إعداد الخطط الستراتيجية والمرحلية لبناء وتطوير الرياضة التي يرعاها الاتحاد الرياضي ولمختلف الفئات العمرية والمنتخبات الوطنية، وكذلك تقديم المشورة العلمية والفنية للاتحاد بما تضمن مواكبة أحدث التطوّرات وتؤمّن تطبيقها من قبل فرقنا الرياضية فضلاً عن إعداد قواعد بيانات ورقية وألكترونية عن الخبرات الرياضية العراقية المُهاجرة وتخصّصاتها، والسعي لبناء حلقات اتصال وتواصل معها لاستثمار ما تملكهُ من خبرات ومعارف في دعم وتطوير الرياضية العراقية، ويُمكن بعدها وصل هذه اللجان أو الروابط في جميع الاتحادات من خلال الأولمبية الوطنية لرسم ستراتيجية وطنية لتطوير الرياضية العراقية بعد إضافة خبرات مالية وإدارية لتشكيلها.
والأهم من الواجبات والمهام إيصال رسالة إنسانية لرواد الرياضة العراقية وخبرائها مفادها أن اتحاداتهم التي أفنوا أعمارهم في خدمة رياضتها وفرقها لازالت تحمل الوفاء لهم والعرفان لجهودهم.