ممتاز توماس
من يا ترى المسؤول المباشر عن تدهور رياضتنا وتوسيع الفجوة بيننا وبين دول العالم الأخرى الأقل عدداً بالنفوس والإمكانيات الضعيفة مادياً واقتصادياً وتاريخياً مثلما كشفت دورة طوكيو الأولمبية المنتهية في الثامن من آب الجاري عن حصاد ستة وثمانين دولة بين مئتي وست دول شاركت فيها، ميداليات ملونة أغلبها تمر بضائقة معيشية مؤثرة على مجتمعاتها؟
هل الدول الحاصدة للميداليات عملت شيئاً ما مميّزاً لشعوبها وقادتها بحيث لا نستطيع نحن اتخاذ القرار الشجاع فيه وليس لدى قادتنا إيماناً عميقاً وإرادة وهدفاً وتوجّهاً وستراتيجيات متعدّدة، تهدف الى انسيابية العمل في تحقيق الإنجاز أو الوصول اليه بأقصر الطرق الناجحة؟
هذا التوجه لدى الدول الفقيرة يضع الدولة والبلد كله في حالة إيجابية بحيث تشمل كل مرافق الدولة الأهلية والحكومية والشعب واقتصادها، وتنتشر ورش العمل والتدريب تحت إشراف مدربين مختصين وإداريين محنّكين ومراقبة ومتابعة تقدّم وتطور الرياضي أو الرياضية وتصحيح الأخطاء والصعود بوتيرة التدريب والعمل وتسهيل الأمور وخلق أرضية نفسية مشجّعة وصحّية للاعبين والمدربين وكل الأطراف الاخرى المشاركة بهذا العمل الوطني والشعبي الكبير.
لماذا سبقتنا دولاً صغيرة وغير معروفة على الخارطة ولا تملك 10% مما نمتلكه نحن كدولة فيها أكثر من ١٧ كلية وجامعة للتربية الرياضىية التي من المفروض أن تخرّج أبطالاً واساتذة ومدرّبين وإعلاميين وإداريين يكونوا عماد المستقبل للبلد؟
هل فعلاً يحصل ذلك أم هناك أموراً غامضة لا نعرفها ولا نفهمها في وسطنا الرياضي أو أن الفساد عمَّ جميع المؤسّسات الرياضية ونقل العدوى للجميع من الأوضاع المزرية وأخذوا يركبون موجة الفساد والفوضى والمصالح الضيّقة والمنصب وملحقات ومزايا المنصب والإعلام الفاسد والتسلّط السياسي والحزبي والمحاصصة والعشائرية؟
يا ترى هل بقي هناك شيء لم يُدنَّس أو لم ينحرف أو لم يُدمّر مما بقي من آثار وجماجم وجروح وندب وآلام وقهر وسرطان وشبح الضياع والتشرّد والانفرادية والأنانية؟
الله يرحم رياضتنا وتعازينا لفلاسفة عصرها ونوابغ الإبداع والعمل الستراتيجي والخطط المستقبلية (مسؤولينا وقادتنا) وهم الأخوة الأعداء الذين لا يجيدوا العمل بمبدأ الجماعة، لأنهم لا يعرفون ولا يثقون الواحد بالآخر!
كل جهة أو مؤسّسة تدّعي لنفسها الأحقية باتخاذ القرارات الشجاعة لصالح الرياضة، إننا نراهم يجلسون معاً في الاجتماعات ويتخبّطون برياضتنا بدلاً من تخطيطهم لها لأنهم لا يملكون لا العقلية ولا الخبرة ولا العلمية ولا الكيفية في تصحيح مسارها، بل يتركون الحِمْل على الاتحادات الفقيرة في كل شيء في تهيئة رياضيينا ورياضياتنا من دون متابعة لتلبية طلبات المدربين واللاعبين وما تحتاجه العملية التدريبية من جهود ودعم وامكانيات فنية ومادية وصحّية وعلمية ونفسية ومعنوية.
لا يوجد أي اهتمام بالفرق واللاعبين والرياضيين المشاركين في البطولات الكبيرة، هم يعتمدون على الحظ والظروف والصلوات والمعجزات في تجميل صورتهم أولاً، فإن تحقّق ذلك (وهو بعيد المنال) فإنهم ينسبون ذلك لأنفسهم ودعمهم وتشجيعهم اللامتناهي في خدمة الرياضة والرياضيين، وإن حصل الفشل وخيبة الأمل والتي أصبحت مكرّرة تعوّدنا عليها في كل مناسبة، فإنهم يخرجون لنا بنفس الحجج الواهية التي أكل الدهر عليها وشرب، وأصبحت أسطوانة مشروخة لا تنطلي على مجتمعنا الرياضي وشارعنا الذي إبتلى بهذه السيناريوهات المُعدّة سلفاً وأصبحت أغنية ضربت في سوق الغناء والتلحين والأداء والكلمات الجميلة والرنّانة والتي حفظها الشارع الرياضي وإعلامنا، والله من وراء القصد، مع اعتذاري للجميع وليس قصدي الإساءة لأحد، بل للفت الانتباه!
اترك تعليقك