د. أثير ناظم الجاسور
نعم مقبلين على انتخابات جديدة بذات الأدوات والعوامل والاليات والأحزاب والكتل والاشخاص لكن بنظام مختلف بالنسبة لنا على مقاسهم بالتأكيد، لا جديد في ان المواطن سيبقى الرصيد والمحرك لمشروعهم هذا سواء كان هذا المواطن وقوداً للصراعات والأزمات والحروب أم هو الصوت الذي سيحدد مدياتهم في البقاء كل أربع سنوات على اقل تقدير،
واقع المشهد العراقي الانتخابي والصراعي تحكمه هذه الثنائية المواطن والأحزاب من خلالها يتم قياس مستويات عدة بين صعود وهبوط فهي الفواعل الأساسية التي ترسم عملية التوازن لكن بالنتيجة الكفة لصالح القوة والمال والسلطة، وبالرغم من التأثيرات الخارجية الإقليمية والدولية التي تسيطر على القرار السياسي والقضايا المهمة إلا ان الداخل تحكمه هذه الثنائية الخطيرة اذا ما تم قياس مسالة التعامل في مختلف الجوانب عليها.
منذ الأيام الأولى من قدوم هذه الأحزاب بصحبة قوات الاحتلال الأمريكي والمواطن العراقي يتعامل معها بآليات وأدوات معروفة ، فبين المعتقد والايديولوجيا والانتماء والتخندق هي ذاتها، لكنه من غير الممكن ان نجزم ان الجميع على مستوى واحد من الوعي السياسي الذي يؤهله ان يستطيع قراءة المشهد من كل جوانبه بوسطية مثالية، قلة الوعي السياسي هذه ترجع بالأساس على العوامل التي ذكرناها بالإضافة إلى قضية الحياد المفقود الذي بات محرك عمل الأحزاب والشخصيات الحزبية، بالمقابل فان هذا المواطن الذي لازمه شعور الياس والحرمان على يقين بانه رقم صعب في معادلة الحركة السياسية العراقية لابل هو المحرك لهذه العملية التي يعرف انها مشوهة بكل تفاصيلها، وعلى يقين ان الأحزاب عملت من خلال أدواتها والضغط المستمر على عزله او بعبارة أخرى من ان يكون الجسر المُعد للعبور للمراحل الجديدة التي من خلالها تعزز سلطتها ومصالحها، واستطاعت ان تجعل من ان ترسخ في ذهنية المواطن فكرة الخوف من الاخر الذي يحمل في طياته كل أدوات العنف والقهر والظلم، وانه غير قادر على ان يجاري الاحداث وبلده لابد ان يكون رهينة الاجندات التي تتحكم بمقدراته، اما مسألة التغيير وما اذا كان هناك أملاً في تغيير الأوضاع فالعقل الجمعي ومن اللاوعي أيقن ان التغيير لابد ان يأتي بقرار خارجي لا يمتلك هو الرأي فيه، بالتالي لا وجود لتلك القدرة والاستطاعة على التغيير لان أدوات المواطن الحالية لا تمكنه من ان يرسم ويخطط ولا حتى يحلم بمستقبله وحياته.
ايضاً تتعامل الطبقة الحزبية مع المواطن من منطلق مصالحها وايضاً احتياجها له بين الحين والأخر فقضية الاحتياج تتعلق بها قضايا عدة ومتبادلة في نفس الوقت، فهذا المواطن الساخط في كثير من الأحيان هو بالمقابل محرك عملهم السياسي وفسادهم وتمركزهم في السلطة ووقود لديمومة صراعاتهم، وبالتأكيد عندما نتحدث عن المواطن لا نطلق الحكم ونقول الجميع لكن الغالبية منهم من يكون العامل المساعد على بقاء الأحزاب، هذه الأحزاب عملت على تقسيم المواطن العراقي إلى فئات الأولى هم مواطنو الحروب أصحاب الاثمان العالية وجودهم ضروري في مرحلة الازمات والحروب والصراعات الداخلية فالثمن الأول عال جداً اذ يكلف أرواحهم والثاني هو تحشيدهم للموت من قبل الأحزاب، وهذه الفئة تركن على الرف منع انتهاء الحرب او الأزمة، الفئة الثانية تتضمن مواطن الهوية متى ما كانت حاجة الأحزاب للهوية الفرعية ان تنهض يتم الاعتماد على هذه الفئة فتارة يتم تهييج الشارع من خلالها وتارة أخرى تتم التهدئة، اما الفئة الثالثة تجمع الكل في سلة واحدة يرتفع ثمنها كل مرحلة انتخابية فيتم رفعها فوق الاكتاف ومحاولة التأثير عليها من قبل محركات الطائفة والدين والقومية الخ.... من المؤثرات، بالنهاية حتى لا يتم التعامل مع حياة المواطن وفق بورصة الفكر الحزبي والبيع والشراء الخاضع لرغبة من في السلطة لا بد من اجراء عملية نقدية جادة وملئ الفراغات من خلال تغيير أدوات المواجهة والنقد من اجل صياغة مستقبل لا نقل عنه مثالي لكن يتضمن جملة من الخطوات المنطقية والعقلانية التي تحدد النقاط الأساسية في العمل غير ذلك فإننا سنكون أمام مجموعة حاكمة تعيد انتاج نفسها وبرامجها وتخبطها كل أربع سنوات حتى وان اختلفت الأوجه.
اترك تعليقك