خاص/ المدى
منذ 1997، كان اخر تعداد سكاني اجراه العراق، واليوم وبعد مرور قرابة 24 عامًا، أي نحو عقدين ونصف، لم يتمكن العراق بعد من إجراء تعداد سكاني رغم التزايد المضطرد بعدد السكان ومايرتبط بهذا الملف من قضايا هامة عديدة منها سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها، في الوقت الذي تشير التقديرات الى وقوف اسباب سياسية في الدرجة الاولى وراء منع التعداد السكاني.
المتحدث باسم وزارة التخطيط عبدالزهرة الهنداوي وفي حديث لـ(المدى) استعرض اسباب تأخر التعداد السكاني طوال هذه المدة، فيما أكد ان معوقات سياسية أجهضت الاستعدادات الاكبر التي جهزتها الوزارة لتنفيذ التعداد في 2010.
وقال الهنداوي في حديثه لـ(المدى)، إنه "طوال السنوات الماضية كانت وزارة التخطيط تحاول الى الوصول لمراحل تنفيذ التعداد العام للسكان بدءا من عام 2010، وقد قطعنا شوطا بعيدا في ذلك العام لاجراء التعداد، ولكن كانت هناك مشاكل سياسية تمثلت بملف المناطق المتنازع عليها وقضايا اخرى لم نتمكن بوجودها من الاستمرار بتنفيذ التعداد السكاني".
وأضاف أن "المحاولة الاخرى كانت في عام 2020 بعدما اقرت الحكومة في 2019 قرارا بتكليف وزارة التخطيط بتنفيذ التعداد العام للسكان على ان ينفذ التعداد في 2020 وبدأنا استعداداتنا وعملنا لتنفيذ المشروع وشكلت لجان مختلفة وجهزنا قطاعات العمل وتم توفير الكثير من المتطلبات، لكن ازمة جائحة كورونا ومارافقها من تداعيات اقتصادية وعدم وجود موازنة بالاصل في العام الماضي بالتالي لم يكن بالامكان المضي نحو اجراء التعداد".
واوضح ان "المشروع رحل الى سنة 2021 على امل ان تتحسن الظروف الصحية والمالية للبلد لكن نفس الظروف استمرت لهذا العام وجاءت موازنة 2021 خالية من التخصيصات المالية للتعداد"، مبينا ان "الاسبوع الماضي وجه رئيس الوزراء مصطفى الكاظني اللجنة المعنية باعداد موازنة 2022 بتضمين التخصيصات المالية لتنفيذ التعداد العام للسكان وننتظر اقرار الموازنة على امل ان تتضمن هذه التخصيصات للمضي بتنفيذ التعداد مع التحسن في الجانب الصحي وانحسار الجائحة والتعامل معها بشكل طبيعي".
واوضح أن "الهدف من التعداد لايقتصر على معرفة عدد السكان تحديدا رغم انه احد الاهداف الاسياسية، الا ان الهدف الأبرز من تنفيذه هو بناء قاعدة بيانات شاملة، تفيد كثيرا في عملية التخطيط التنموي ووضع الستراتيجيات التي تقترب من الواقع".
واعتبر الهنداوي أنه "في حال اجراء التعداد السكاني قريبًا فان النتائج لن تختلف كثيرا مع تقديراتنا السنوية، فلدينا تقديرات تعتمد على معادلات احصائية ونسب الخصوبة والنمو السنوي للسكان، وتعطينا مؤشرات تقترب كثيرا من الواقع، فضلا عن المؤشرات التي تتعلق بالتعداد على مستوى المحافظة الواحدة والقضاء الواحد وكل هذه البيانات الديموغرافية متوفرة لدينا وفق التقديرات".
فضلًا عن تأكيد الهنداوي لمعوقات سياسية منعت اجراء التعداد في العام الذي كان الأكثر استعدادًا وتهيئة لمتطلبات اجراء التعداد، يشير النائب هشام السهيل إلى تفاصيل متعددة تدفع الكتل السياسية لرفض التعداد.
ويوضح السهيل في حديث لـ(المدى)، إنه "كان هناك مطالب مستمرة ودائمة خاصة من القوى المدنية العراقية الليبرالية لاجراء الاحصاء السكاني، لكن القوى المتمسكة بالسلطة والواقعة خلف الفساد، تمنع اجراء هذا الاحصاء لانه بالاخير يؤدي لكشف الاوراق في قضايا كثيرة".
ويبين السهيل أنه "من اهم هذه القضايا هي الانتخابات والاصوات والقضية الثانية هي قضية الحصة التموينية واستخدامها بشكل ينفع عملية الفساد وهذا الفساد المالي يستخدم بالحفاظ على السلطة".
واعتبر السهيل أن "الاحصاء هو قضية عصرية حديثة وحضارية وعلى اساسها يقوم كل التخطيط العمراني والصناعي وكل اشكال التخطيط المستقبلي، فالدولة التي لاتعرف عدد سكانها ولاتريد ان تعرف عدد سكانها يعني انها دولة فاشلة وغير مستعدة لوضع مناهج وبرامج ترفع من مستوى المواطن سواء في المجال الاقتصادي والمعيشي والاكاديمي والصحي".
واشار الى ان "الفلسفة التي وقعنا فيها فلسفة المكونات المقسمة الى كرد وسنة وشيعة، وكل طرف من هذه الاطراف لايريد أن يكون هناك احصاءً للشعب العراقي حتى لاتظهر الحقيقية فيما تتعلق بموضوعة الانتخابات والتقسيمات التي تتعلق بها، ليتيح الحصص السلطوية كما هي".
اترك تعليقك