بغداد/ تميم الحسن
توزع أحزاب في الانبار "عقود تعيين" لشباب في المحافظة تخص مؤسستين حكوميتين منهما وزارة مهمة، فيما يعتقد ان هذه العقود وهمية لغرض جمع الأصوات.
وينفق الحزب الواحد في المحافظة مالا يقل عن نصف مليار دينار لجيش من العاملين للحصول في النهاية على 250 بطاقة ناخب.
ولا يهدف شراء البطاقات الى جمع الاصوات فقط، وانما قد يستخدم في الانبار لحرمان مرشحين آخرين من الوصول الى البرلمان.
بالمقابل يتعرض مسؤولون تنفيذيون الى الطرد من العمل بسبب رفض الترويج لحزب معين، كما تحشد فصائل مسلحة لدعم امرأة مرشحة في الانبار والا يتم فصل المنتسب.
ويتعين على بائع البطاقة أو الناخب الذي يتلقى اموالا او يجبر على التصويت لصالح مرشح معين اداء اليمين بعد منع المفوضية إدخال الهواتف الى مراكز الانتخابات.
وقررت الغالبية العظمى من نواب الانبار اعادة ترشيحهم في الانتخابات المبكرة المقبلة، للتنافس على 15 مقعدا مخصصا للمحافظة في البرلمان.
واربعة نواب فقط عن المحافظة لن يشتركوا في المنافسة على كراسي مجلس النواب، بينهم نائب انتقل الى العاصمة، وآخر حصل على منصب تنفيذي.
ويدفع التنافس في الانبار الى "عمليات انتقام" من بعض المسؤولين، بحسب مايقوله مصدر مطلع في المحافظة.
إقصاء مسؤولين
المصدر يؤكد لـ(المدى) انه تم "فصل مدير تربية هيت ومدير ناحية البغدادي، غربي الانبار، لرفض الترويج او تأييد حزب معين في المحافظة". وبحسب قائمة المنافسين فان العدد الأكبر من النواب المرشحين مجددا عن المحافظة تابعون لتحالف واحد انشئ مؤخرا.
بالمقابل تراجعت أعداد المرشحين كثيرا مقارنة بالدورة الانتخابية الماضية، حيث اعتبرت الانبار واحدة من اكثر المحافظات كثافة بالمتنافسين في 2018، حيث كان قد تنافس حينها 25 مرشحا على مقعد واحد.
وسجلت الانبار اعدادا تقل عن نصف المرشحين في الانتخابات النيابية الاخيرة، لكن احصائية الاحزاب والتيارات والترشيحات الفردية المشاركة تصاعدت بشكل هائل.
وزادت الاحزاب المشتركة نحو 50 ضعفا عن الدورة الانتخابية الماضية، كما لم تخل قائمة المرشحين من مفاجآت واسماء أثارت جدلا.
سعر صرف بطاقات الناخب
ويتراجع بالمقابل مبلغ شراء بطاقات الناخب الواحد في الانبار عن المبلغ المدفوع في الموصل الى اقل من الربع. ويشير المصدر الى ان "البطاقة الواحدة تباع بـ50 الف دينار"، بينما كانت العروض قد وصلت في الموصل الى 300 دولار. ويتحدث المصدر وهو تابع لاحد الجهات السياسية المعروفة في الانبار عن ان سعر البيع تراجع بسبب قرار المفوضية الاخير بـ"منع دخول الموبايلات الى مراكز التصويت".
ويتابع :"الحزب يدفع المبلغ لبائع البطاقة بعد ان يجلب الاخير صورة يلتقطها بالموبايل تؤكد تصويته لمرشح معين، لكن بعد قرار المفوضية استبدل الأمر بالقسم على القرآن".
وذكرت المفوضية، في بيان صدر في وقت سابق، أنه "من اجل الحفاظ على ارادة الناخب وسرية التصويت قررت منع دخول الهواتف الذكية الى داخل المحطات في يوم الاقتراع ".
وتعد الأنبار اكبر محافظة في العراق من حيث المساحة، حيث تبلغ لوحدها نحو ثلث مساحة البلاد، وعدد سكانها يقترب من المليونين، نصفهم تقريبا يحق لهم الانتخاب.
المحافظة الكبيرة قسمت الى 4 دوائر فقط، بسبب وجود مساحات كبيرة من الأنبار صحراء وخالية من السكان.
مندوبو الأحزاب
ويقول المصدر ان "30 بالمئة من سكان الانبار لايعرفون القراءة والكتابة وهي طريقة اخرى لتزوير الانتخابات".
وبحسب المصدر، ان هناك اتفاقا بين بعض الأحزاب ومسؤولين في مراكز الاقتراع، يقومون بارشاد الناخب الـ"امي" الى التصويت لصالح مرشحين معينين، مستغلين عدم قدرتهم على القراءة.
ووفقا لذلك فان عددا من المرشحين في الانبار "ليست لديهم دعاية انتخابية" او "يقومون بزيارات ميدانية الى مناطقهم".
ويشير المصدر الى ان "احدى المرشحات (تتحفظ المدى عن ذكر اسمها) تقوم بدعاية قليلة جدا بسبب صدور أوامر لأغلب الفصائل هناك بالتصويت لها وإلا يتم طردهم".
اما القسم الآخر من المرشحين فلديهم "مندوبون يقومون بجمع الاصوات لهم عن طريق فتح مكاتب مؤقتة في المدن".
يفتتح الحزب الواحد "المتنفذ"، 20 مكتبا على الاقل في الانبار، للترويج الانتخابي، ويضم كل مكتب على الاقل 20 ادرايا.
يقول المصدر "هؤلاء الشباب ليس لديهم عمل حقيقي ويحصل كل واحد على 500 الف، مقابل ان يجد كل واحد منهم 10 أشخاص".
هذه الشبكة تفرض ان يقوم كل واحد من الـ10 أشخاص بشراء 25 بطاقة، مقابل الحصول على راتب 350 الف دينار.
وقررت المفوضية في وقت سابق سحب المصادقة من أي مرشح أو حزب يثبت رسميا حصوله على بطاقات ناخبين بطرق غير شرعية الى جانب احالته الى القضاء.
وذكرت في بيان انه ستتم "معاقبة أي موظف من موظفي المفوضية ومن ضمنهم موظفو مراكز التسجيل ومراكز الاقتراع والمحطات بالفصل" اذا ثبت تعاونه بالتزوير.
وشدد البيان على "احالة الناخبين الذين يثبت تورطهم ببيع البطاقات الالكترونية الانتخابية الى القضاء". علاوة على " تسليم اي شخص يثبت حمله بطاقة الكترونية غير بطاقته الانتخابية الخاصة به في يوم الاقتراع الى الجهات الامنية لاحالته الى القضاء".
عقود تعيين مريبة
لكن طه عبدالغني، وهو مرشح فردي في الانبار، يشير الى ان عمليات بيع وشراء الاصوات لا تعتمد على الأموال المباشرة فقط.
عبد الغني يقول لـ(المدى) ان "هناك احزابا – لم يسمها- تعطي عقود تعيين في الوقف السني ووزارة الكهرباء".
ولا يعرف المرشح "مدى صحة تلك العقود"، لكنه يقول: "من المعروف ان الموازنة ليست فيها تخصيصات وظائف جيدة، وربما هذه العقود وهمية من اجل جمع الاصوات".
وعبد الغني، وهو عضو سابق في مجلس محافظة الانبار، لديه معلومات اخرى عن سبب شراء بطاقات الانتخابات، خصوصا وان بعض البطاقات لا تخص جمهور بعض الاحزاب.
ويضيف: "بعض الأحزاب تشتري بطاقات خارج دائرتها الانتخابية، والسبب هو انها ستحجب هذه البطاقات ولن تسلمها الى اصحابها في يوم الاقتراع كما وعدتهم، لمنع المرشحين الآخرين من الحصول على الاصوات".
ويعترف المرشح بان النزول بشكل منفرد في الانتخابات يواجه صعوبة التنافس مع الأحزاب المتنفذة التي تملك الاموال.
ويتابع :"اضافة الى المال هناك جهات تجير أصوات الحشود والقوات الامنية الى صالح حزب معين، والممتنع يتم فصله من العمل".
بالمقابل تقوم العشائر في الانبار، بحسب المرشح، بـ"عملية تخادم انتخابي"، حيث توجد في كل دائرة بين 20 الى 22 عشيرة وكل عشيرة لديها مرشح معين.
ويضيف عبد الغني: "تقوم العشيرة الفلانية بدعم مرشح معين على ان تقوم الاخرى بدعم مرشح العشيرة الاولى الذي يقع خارج دائرتها، او يتم الاتفاق على دعم مرشح العشيرة الثانية في الدورة المقبلة".