بغداد/ حسين حاتم
مع اقتراب موسم الامطار ما يزال شح المياه يحيط ببعض المناطق العراقية، وعلى الرغم من تلويح العراق بتدويل قضية المياه مع إيران إلا أن الجانب الإيراني ما يزال يرفض إطلاقَ حصص العراق المائية وسط تحذيرات من ازدياد المناطق المعرضة للجفاف في البلاد.
وحذرت أوساط سياسية مرارا وتكرارا من السياسة المائية المتبعة والتي أدت الى هدر كميات كبيرة من المياه، داعين الى إعادة النظر بالسياستين المائية والزراعية.
ومنذ عدة سنوات، عمدت إيران، التي تعاقدت في الثلاثين عاما الماضية على بناء 600 سد على الأقل في البلاد، إلى قطع أو تحويل مجرى الأنهر التي تنبع من أراضيها وتدخل الأراضي العراقية.
المستشار في لجنة الزراعة والمياه والاهوار النيابية عادل المختار يقول في حديث لـ(المدى)، إن "ازمة المياه التي عصفت بالعراق تقع مسؤوليتها في الدرجة الأولى على عاتق وزارة الموارد المائية تحديدا"، مستدركا "الوزارة هي من تحدد الزراعة وصرفيات المياه".
ويؤكد المختار أن "وزارة الموارد المائية لا تمتلك أية سياسة زراعية او ستراتيجية واضحة للمياه"، مبينا أن "سوء الإدارة أوصل الحال الى ما هو عليه الآن".
ويضيف المستشار الحكومي، ان "اعتماد العراق على وسائل الري القديمة وهدره للمياه بدون سياسة زراعية تسبب في خسارة كميات كبيرة من المياه".
ودعا الخبير المائي والزراعي الى، "إعادة النظر بالسياسة الزراعية"، مردفا "من الواجب على رئيس الوزراء ووزير الموارد المائية، الاجتماع بالمختصين والخبراء لإعادة النظر في السياسة المائية".
ويشير المختار الى ، أن "تلويح العراق بتدويل قضية المياه مع ايران، ربما يتم عبر مباحثات دون نتائج، كما حدث في المفاوضات والمباحثات السابقة"، داعيا "الى استثمار مياه الموسم الشتوي بطرق حديثة لتفادي الجفاف والشحة".
وفي أيلول الماضي، قال وزير الموارد المائية، مهدي رشيد الحمداني، إن بلاده بدأت بإجراءات "تدويل الملف عبر إرسال مذكرة رسمية لوزارة الخارجية العراقية من ثماني صفحات معدة بشكل محكم".
وأضاف الحمداني في تصريحات للتلفزيون الرسمي أن "وزارة الخارجية تعمل حاليا على استكمال تدويل هذا الملف وتقديم شكوى ضد إيران لمحكمة العدل الدولية".
في عام 1975 تم توقيع اتفاق مع شاه إيران، عرف باسم "اتفاقية الجزائر"، يتعلق بترسيم الحدود ويتضمن بنودا خاصة بتنظيم إمدادات المياه بين البلدين.
بعد عام 2003 ونتيجة لسقوط نظام صدام حسين، لم تعترف الحكومات العراقية المتعاقبة بالاتفاقية، وطلبت في أكثر من مناسبة مناقشة تعديل بنودها او تنظيم اتفاقية جديدة. لكن الإيرانيين يرفضون ذلك ويصرون على التمسك باتفاقية الجزائر التي يعتقد كثير من العراقيين أنها "مجحفة".
ووفقا للحمداني فإن "العراق أبلغ الإيرانيين أن اتفاقية عام 75 لا تعطي الحق لهم ببناء أنفاق تحت الأنهر أو وتحويل مجاريها كما يحصل اليوم في نهر سيروان" الذي ينبع من إيران ويصب ببحيرة دربندخان في شمالي العراق. كما عمدت إيران، بحسب الوزير ، إلى "تحويل مياه نهر الزاب الأسفل إلى بحيرة أروميا وتغيير مجرى نهر الكارون الذي يصب في شط العرب".
ويؤكد الحمداني، أن ما تقوم به إيران "مخالفة قانونية دولية، لأنه يعني تحويل مجرى نهر طبيعي أسست على أساسه مجتمعات ومدن وقرى".
الى ذلك يقول الخبير الجيولوجي ظافر عبد الله إن المشكلة تكمن في أن "الجانب العراقي غير قادر على الاعتراف صراحة باتفاقية الجزائر، لأنها تتضمن بنودا من شأنها أن تجعلنا نخسر أراضي جديدة مهمة".
ويتابع عبد الله، أن "البنود المتعلقة بالمياه في الاتفاقية لا بأس بها وتمكن مناقشتها، لكن العقبة الأكبر تتمثل بالأراضي، لأنها (الاتفاقية) تحدد الحدود الدولية بين البلدين".
ويشير عبد الله إلى أن "المشكلة تتعلق تحديدا بخط التالوك الذي يعطي لإيران نصف شط العرب بمسافة محددة، واليوم هذا الخط انسحب إلى داخل الأراضي العراقية بنحو كيلومترين، مما يعني أن ميناء العمية سيصبح لهم".
ويرى الخبير أن "الحل يكمن في أن يكون للعراق موقف داخلي موحد من هذه الأزمة"، مضيفا أن "هناك معارضة من أطراف فاعلة داخل الحكومة عندما يتعلق الأمر بتوجيه اللوم للجانب الإيراني".
ويتابع أن "العراق يمتلك عدة أوراق ضغط لاستخدامها مع إيران، ومنها الملف الاقتصادي حيث تبلغ التبادلات التجارية معها مليارات الدولارات".
اترك تعليقك