ترجمة حامد أحمد
وسط اجراءات امنية مشددة توجه الناخبون العراقيون اليوم (أمس) الاحد نحو صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد يأمل كثيرون بانه سيدخل اصلاحات ضرورية بعد سنوات من حروب وسوء ادارة، حيث اقدم العراق على غلق مجاله الجوي ومعابره الحدودية في انتخابات عامة تعد اختبارا مفصليا لنظامه الديمقراطي.
افتتحت صناديق الاقتراع عند الساعة السابعة صباحا بالتوقيت المحلي حيث شهد احد مراكز الانتخاب في مبنى مدرسة وسط بغداد قدوم اعداد قليلة من المصوتين في الساعات الاولى من التصويت .
جيماند خالد 37 عاما، التي كانت من المبكرين للإدلاء بصوتها قالت "جئت لاصوت من اجل التغيير في بلادي نحو الاحسن، ومن اجل تغيير القادة الحاليين غير الكفوئين، لقد وعدونا بوعود كثيرة ولكن لم يحققوا اي شيء منها".
عامر فاضل 22 عاما، مصوت آخر من منطقة الكرادة وسط العاصمة بغداد قال "انا صوت لانه هناك حاجة لاحداث تغيير. لا اريد هذه الوجوه نفسها ان تبقى ولا نفس الاحزاب ان تعود من جديد ."
اجراءات امنية مشددة شهدتها العاصمة بغداد تخللتها طلعات جوية لطائرات مقاتلة جابت سماء بغداد في الوقت الذي يتم فيه تفتيش الناخبين لمرتين عند محطات التصويت. صناديق الاقتراع بقيت مفتوحة لحد الساعة السادسة مساء، حيث من المتوقع اعلان النتائج الاولية خلال 24 ساعة من موعد الاغلاق. الاتحاد الاوروبي نشر العشرات من مراقبي الانتخابات وكذلك كوادر اخرى من الامم المتحدة تم نشرهم لمراقبة وقائع التصويت.
رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ادلى بصوته مبكرا في المنطقة الخضراء حيث قال حاثا العراقيين على التصويت "هذه فرصة للتغيير، اخرجوا الى محطات الاقتراع وادلوا بأصواتكم، غيروا واقعكم، من اجل العراق ومن اجل مستقبلكم."
وقال الكاظمي مخاطبا المشككين والمترددين "اخاطب المترددين، ضع ثقتك بالله واذهب لاختيار الذين تراهم مناسبين، هذه هي فرصتنا للإصلاح".
محمد قاسم 45 عاما، عامل بأجر يومي من اهالي بغداد، يشكك بجدوى الانتخابات وهو من بين الرافضين للتصويت يقول "لن يتغير أي شيء. نفس الاحزاب التي احتج الناس وتظاهر ضدها ستفوز بالانتخابات".
في انتخابات عام 2018 كانت نسبة المشاركين بالتصويت من المسجلين بحدود 44% وكانت ادنى نسبة تصويت في حينها، ويخشى مراقبون ان يكون الحال كذلك في هذه الانتخابات.
كان من المفترض ان تقام الانتخابات حسب التوقيتات الدستورية في موعدها المقرر العام المقبل ولكنه تم تقديمها استجابة لاحتجاجات شعبية شهدتها العاصمة بغداد في تشرين الاول عام 2019 وكذلك المحافظات الجنوبية. عشرات الآلاف من ابناء البلد جلهم من الشباب خرجوا للشوارع للاحتجاج ضد فساد مستشر وخدمات متردية وارتفاع بمعدلات البطالة. جوبهت هذه الحشود بقوة مميتة من قبل قوات امنية اطلقت نيران حية وقنابل غاز مسيلة للدموع، وقع خلالها ما يقارب من 600 قتيل وجرح الآلاف منهم خلال أشهر قليلة.
يتنافس في هذه الانتخابات 3,449 مرشحا على 329 مقعدا برلمانيا، والتي ستكون الانتخابات السادسة منذ سقوط نظام صدام حسين بعد الغزو الاميركي للعراق عام 2003.
انها الانتخابات الاولى منذ العام 2003 تجري بدون حظر للتجوال، مما يعكس التحسن الكبير الحاصل للوضع الامني في البلاد بعد الحاق الهزيمة بتنظيم داعش الارهابي عام 2017. الانتخابات السابقة رافقتها نزاعات وتفجيرات مميتة عانت منها البلاد على مدى عقود.
وكذلك هي الاولى التي تعقد وفق قانون انتخابي جديد يقسم العراق لدوائر انتخابية اصغر، وهو مطلب آخر للناشطين المشاركين في احتجاجات عام 2019، ويفسح المجال ايضا لمزيد من المرشحين المستقلين.
تم نشر اكثر من 250,000 عنصر أمن في انحاء البلاد اوكلت لهم مهمة حماية عملية التصويت. عناصر جيش وشرطة وقوات مكافحة الارهاب تم توزيعهم ونشرهم خارج محطات التصويت التي احيط قسم منها باسلاك شائكة. ويتم تفتيش الناخب قبل دخوله لمحطة الاقتراع.
بعد سنوات عاشها العراقيون وهم يشاهدون الاحزاب السياسية الحاكمة قد فشلت في تقديم خدمات ولم تقم باصلاحات ضمن اداء اداري غير فعال، فانهم قد خرجوا اليوم الاحد في اختبار لمدى ثقة الناخبين بالنظام السياسي العراقي. استنادا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات فان هناك اكثر من 25 مليون ناخب مسجل .
سياسيون في المناطق ذات الغالبية السنية وعدوا خلال حملاتهم الانتخابية بالمساعدة في اعادة اعمار المناطق التي لحقها الدمار خلال المعارك التي دامت لسنوات ضد داعش .
عند محطة اقتراع في احد احياء العاصمة بغداد قال ناخبون انهم يخشون ان لاتؤدي الانتخابات الى أي تغيير.
أرشد ياسر (40 عاما) قال "انا صوت لحزب مشكل حديثا من الناشطين، انا اتمنى ان لا يخيب ظني هذه المرة، ولكنني متفائل. الناس لم يفقهوا الدرس عبر الـ 18 سنة الماضية من ان جميع السياسيين لما بعد عام 2003 هم سيئون وفاسدون."
واضاف ياسر قائلا "اطمح ان ارى تغييرا حقيقيا. اريد ان ارى العراق خاليا من مظاهر السلاح وابناءه يذهبون بدلا من ذلك للعمل والبناء وتطوير البنى التحتية ونحو الصناعة والزراعة."
مراجع دينية بارزة في العراق تقدمت لدعم العملية الانتخابية والتشجيع للمشاركة فيها. المرجع الديني الاعلى، علي السيستاني، دعا لمشاركة واسعة في التصويت مشيرا الى ان التصويت يبقى افضل وسيلة للعراقيين للمساهمة في صياغة مستقبل بلدهم.
في هذه الاثناء توجه ناخبون في اقليم كردستان للادلاء باصواتهم وكان من بين الاوائل الذين يدلون باصواتهم في عاصمة اقليم كردستان، اربيل، رئيس الاقليم نيجيرفان بارزاني، حيث دعى العراقيين للتوحد من اجل صالح بلدهم متمنيا ان توفر هذه الانتخابات مستقبلا افضل للعراق، وقال في تصريح مقتضب له بعد التصويت "آمل بعد انتهاء الانتخابات ان توحد الاحزاب في كردستان اصواتها لصالح حقوق اقليم كردستان ضمن عراق فيدرالي ."
وفي مدينة النجف جنوب بغداد ادلى رجل الدين، مقتدى الصدر، بصوته ثم غادر مركز التصويت دون ان يدلي بتصريح، وكان الصدر قد حقق اعلى نسبة مقاعد في انتخابات عام 2018.
واستنادا الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فان هناك 570 محطة اقتراع منتشرة في اقليم كردستان ستستقبل مليون و 275,000 ناخب. كذلك هناك 146 مرشحا يتنافسون على 46 مقعدا برلمانيا .
وفي مدينة سنجار حيث يقطن الايزيديون الذين عانوا كثيرا من تبعات احتلال تنظيم داعش لمناطقهم عام 2014 هناك من يشكك في جدوى التصويت في حين يدعوا آخرون منهم للتصويت من اجل التجديد.
يقول احد الايزيديين من منطقة سنجار "بالنسبة للايزيديين فان هذه الانتخابات مهمة جدا وهي تختلف عن سابقاتها، فهناك الكثير من المرشحين المستقلين ويمكن اختيار مرشحين باسمائهم."
وقال ناخب آخر من سنجار "نحن سعداء بان نرى مرشحين جدد. نحن نريد طبقة الشباب من الايزيديين ان يحققوا طموحاتهم ."
من جانب آخر يشير محللون ومراقبون الى انه من المحتمل ان تنتج انتخابات العراق البرلمانية نفس حصيلة الانتخابات السابقة، وحذر كثير من المحللين انه من المهم بالنسبة للبلدان الاوروبية ان تكون واقعية بخصوص مدى قدرة الحكومة العراقية على تفعيل الاصلاحات .
حكومة العراق الائتلافية القادمة ستضم كتلا ومجاميع ذات اتجاهات مختلفة، حيث من المتوقع ان تستمر البلاد تحاول جاهدة ايجاد حل ومواجهة لتحديات مزمنة كانت سببا في احداث اضطرابات داخلية. ورغم ان رئيس الوزراء الكاظمي قد لبى مطالب المحتجين بإقامة انتخابات مبكرة وتعديل لقانون الانتخابات، فانه من المتوقع ان تنتج هذه الانتخابات اصلاحا شاملا يتمناه المحتجون للنظام السياسي العراقي.
عن صحف ووكالات عالمية
اترك تعليقك