خاص/ المدى
بينما لايزال المشهد السياسي العراقي غير واضح المعالم بعد الانتخابات ونتائجها التي جاءت غير متوقعة، وما سببته من ارباك، مازال من غير الواضح ما اذا كانت الكتلة الصدرية ستذهب منفردة بتشكيل "حكومة الاغلبية" وتذهب القوى المناوئة الاخرى إلى المعارضة، أم انه سيتم تشكيل الحكومة بـ"التوافق".
ويتلخص السيناريو الأول، بأن تذهب الكتلة الصدرية بتشكيل حكومتها بصفتها الكتلة الأكبر الفائزة باكبر عدد من المقاعد، وبالاعتماد على الكتل القريبة منها للتصويت على مرشحها لرئاسة الوزراء، وتذهب القوى المناوئة والتي تتمثل بالاطار التنسيقي الشيعي وعلى رأسه ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والكتل الاخرى مثل الفتح والفضيلة والنهج الوطني وعمار الحكيم وحيدر العبادي، نحو "المعارضة".
اما السيناريو الاخر فهو الذهاب لـ"التوافق"، باقناع التيار الصدري هذه القوى بالتصويت لمرشحهم لرئاسة الوزراء مقابل حصولهم على حصص في الوزارات والحكومة المقبلة، وهو المبدأ المكرس طوال السنوات الماضية منذ 2003، ويتفق المختصون فضلًا عن القوى السياسية على أن هذا المبدأ هو أساس الفشل طوال السنوات الماضية لعدم تحمل جهة واحدة للمسؤولية كاملة.
#معارضة الكتل المخضرمة.. ابتزاز وإفشال الحكومة فقط
وبالحديث عن السيناريو الأول، تطرح تساؤلات عن شكل "المعارضة" التي ستنتهجها هذه القوى، في الوقت الذي تستعد القوى الجديدة المنبثقة عن تشرين بالإعداد لمشروع "معارضة" داخل مجلس النواب، وما اذا كانت قوى الاطار التنسيقي والكتل الكلاسيكية المعروفة قادرة على قيادة منهج معارضة حقيقي يقوّم عمل حكومة الاغلبية (الكتلة الصدرية الاكبر).
يقول رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري في حديث لـ(المدى)، إن "المعارضة المشهودة لاتمثل اسس المفهوم والنهج، فسبق وان شهدنا تيارات وقوى سياسية اعلنت بانها معارضة للحكومة في دورات سابقة، لكن اذا مانظرنا الى طبيعة الاداء لهذه القوى السياسية كانت بعيدة كل البعد عن مفهوم المعارضة الذي يؤسس للرقابة، بل كان الغرض من معارضتها هو الحصول على مناصب ومكاسب من الحكومة، او لانهم كانوا خارج تقسيمة المحاصصة فاختاروا خيار المعارضة.
ويضيف الشمري: "الان وعلى الرغم من ان اغلبية الاحزاب التقليدية هي من تسيطر على البرلمان ولا اتوقع انها ستسير بنهج المعارضة الرقابية البعيدة عن الابتزاز".
وعلى هذا الأساس، فأن السيناريو الأول يستبعد تحققه، وهو ذهاب هذه الكتل للمعارضة وتشكيل حكومة "صدرية"، لأن التيار الصدري يعلم جيدًا أن هذه القوى وطريقة معارضتها ستكون وفق آليات "عرقلة" و"إفشال" الحكومة الصدرية سواء بعدم تشريع القوانين التي تحتاجها الحكومة الصدرية لاداء برنامجها الحكومي، أو تشريع قوانين تنهك الحكومة الصدرية وتتطلب الكثير من الاموال لتحقيقها وتشتيت برامجها، فضلًا عن ان دور المعارضة الذي قد تتخذه الكتل السياسية المعروفة لايخرج من مبدأ "الابتزاز" غالبًا، وهو معارضة المشاريع التي من الممكن ان تعمل عليها الحكومة وعرقلتها تشريعيًا، بغرض الحصول على مكاسب، وفق مايرى مراقبون ومختصون.
من جانب اخر، يرى رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري، ان المعارضة بمفهومها الحقيقي قد نشهده لأول مرة بالبرلمان المقبل على يد القوى الجديدة والقريبة من تشرين مثل امتداد والجيل الجديد وبعض الشخصيات المستقلة.
ويبين الشمري أن "هؤلاء سيشكلون نواة حقيقية للمعارضة الوطنية، وسيؤسسون لنهج مراقبة حقيقية للبرلمان والحكومة ومؤسسات الدولة برمتها"، مبينا أن "هذا التيار الجديد يتبنى المعارضة الحقيقية واعلن عها صراحة حتى قبل اعلان وتشكيل الحكومة المقبلة التي لايعلم انها ستتشكل من أي قوى، لانه غير متحيز لقوى او توجه سياسي كلاسيكي دون غيره".
واعتبر أن هذا الحراك "يعول عليه لتقويم الاداء السياسي بشكل كامل، اما القوى التقليدية لا أمل بان يكونوا معارضة وليس لديهم ثقافة المعارضة او القبول بلعب هذا الدور"، مشيرًا إلى أن "هذه القوى تؤمن بمبدأ مهما كبرت مساحة النفوذ في السلطة التنفيذية فأن مستقبلهم السياسي سيكون مؤمنا، واذا كانوا خارج السلطة التنفيذية فسيكون مستقبلهم على المحك ولا نتوقع ايمانهم بلعب المعارضة الوطنية الحقيقية".
#الصدر "يخشى" معارضة مناوئيه
وبالعودة لايام انسحاب التيار الصدري من الانتخابات، كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد اتخذ هذا الخيار عقب سلسلة من المشاكل الامنية التي استهدفت مؤسسات خدمية مرتبطة بالتيار الصدري مثل الصحة والكهرباء، فتفجير الابراج وفاجعة حريق مركز العزل في الناصرية وغيرها، اعتبرها الصدريون محاولات تحدث بفعل فاعل من القوى السياسية المناوئة لهم، بهدف تأجيج الشارع ضد التيار الصدري وتحميلهم مسؤولية الفشل.
ولم يعود الصدر إلى الانتخابات الا بضمانات بحسب وصفه بأن يتبعد التنافس عن التسقيط، ولهذا فأن الصدر على اطلاع تام بأن تشكيل حكومة ينفرد بها دون موافقة الكتل المناوئة له من الاطار التنسيقي الشيعي، فأن حكومته هذه ستواجه مشاريع افشال وعرقلة كبيرة بنفس الطريقة التي دفعته للانسحاب عن الانتخابات، وبحسب مراقبين، فأن هذه الخشية لدى الصدر، ستمنعه من الانفراد بتشكيل حكومة، وسيذهب للتوافق مع الكتل الاخرى باختيار رئيس الوزراء وحكومته واشتراك جميع القوى بهذه الحكومة.
أو ان تبقى الامور على ماهي عليه، بالابقاء على رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، منعًا لأي تنازلات من قبل أي طرف سواء من التيار الصدري أو التيارات الاخرى المناوئة له.
اترك تعليقك