بغداد / إياد الصالحي
مرّت الذكرى المئوية لصدور "المِضمار" أول مجلة رياضية عربية يوم الجمعة الحادي والعشرين من تشرين الأول عام 1921 والتي صادفت الخميس الماضي، من دون استذكار الصحفيين الرياضيين العرب تلك المناسبة المهمّة كعادتهم في التوثيق والاحتفاء.
مجلة المِضمار المصرية، أسّسها حبيب أسعد داغر صاحب الامتياز والمدير المسؤول، وهي مجلة مصوّرة للألعاب الرياضية والفنون الجميلة، كانت تصدر أسبوعياً كل يوم جمعة، بستة عشر صفحة، وتم تعيين محمد أفندي زكي مراسلاً لها في العراق، والرجل عمل مدرّساً للتربية الرياضية والجغرافية في دار المعلّمين ببغداد. مثّلت المجلة حينها ولادة مهمّة لأول مطبوعة رياضية عربية تُعنى بالرياضة في مختلف الألعاب، بيعت بسعر 20 مليماً، وشهدت السنة الأولى صدور أحد عشر عدداً منها للفترة من الحادي والعشرين تشرين الأول لغاية الثلاثين من كانون الأول، ثم واصلت الصدور في عام 1922 بشكل منتظم بمواد رصينة ومتنوّعة وانتقادات مُلتزمة، ووسّعت من مساحة التوزيع عربياً لتصل الى السودان ولبنان وفلسطين، منتدبة مراسلين لها في عواصم هذه الدول، زادت من كمية الطبع وموارد البيع. ما يثير الاهتمام في مجلة المِضمار، أن أغلب البحوث والدراسات التي تناولت بدايات المطبوعات العربية المتخصّصة في الرياضة لم تشر الى هذه المجلة من قريب أو بعيد، بما في ذلك الجهود التي بذلها الإعلامي اللبناني ناصيف مجدلاني الذي ذكر على هامش لقاء الإعلاميين الرياضيين العرب في الكويت عام 1982 بأنه "صاحب أول مبادرة لجمع وثائق ومعلومات عن تاريخ الصحافة الرياضية عطفاً على إصداره أول جريدة رياضية عربية في الخامس والعشرين من كانون الثاني عام 1935"!
ويُحسب للمؤرّخ العراقي والرائد الصحفي الرياضي سمير الشكرجي أنه أول من أكتشف مجلة "المِضمار" في موضوع توثيقي مهم تناوله في مجلة الرشيد عام 1987 من ثلاث صفحات، استعرض فيه كل ما جاء بمواد عددها الأول من إشارات لعناوين بارزة وفحوى مضامينها وصور مختلفة، وعرّج على حقائق أماطت اللثام عن خطأ الاعتقاد بأن فترة العشرينيات خلت من اصدارات رياضية ناضجة، وأظهر عكس ذلك، وحقّق سَبَقاً صحفياً تاريخياً خدم فيه حركة المهتمّين بحفظ التاريخ الرياضي العربي.
الغريب أن تمرّ الذكرى المئوية على صدور مجلة "المِضمار" من دون أن يتوقف الاتحاد العربي للصحافة الرياضية عنّدها ولو بكلمة يُهنّىء فيها الزملاء العاملين في المهنة، مستذكِراً مساهمات أجيال أمناء على الرسالة تركوا بصماتهم الخالدة، ومنهم من يواصل المسيرة بتوثيقات تُعد كنوز الأمة الثمينة لرياضيين روّاداً ومؤسّسات أولمبية وناديوية واتحادات وأحداث رياضية عربية وفرسان الصحافة، وهو ما تناستهم اللجنة التنفيذية للاتحاد برئاسة الأردني محمد جميل عبدالقادر في خضم شجون المهنة والظروف الراهنة، ونتمنّى أن يبادر الاتحاد بكلمة وفاء تحفظ الحقّ التاريخي والمعنوي لرائدة أزمان المطبوعات الرياضية العربية، ويتّخذ من يوم صدور "المِضمار" مناسبة سنوية لتكريم رجال التوثيق ويحتفي بهم إكراماً لجهودهم الاستثنائية ووثائقهم وموسوعاتهم المطبوعة والإلكترونية النادرة.
اترك تعليقك