في ندوة حوار استعرضت تاريخ كرة السلة العراقية..عبدالمهدي: أدخلها الآباء اليسوعيون في المدرسة 1919.. واتحادها يفتقد أرشفة مسيرة العباقرة!

في ندوة حوار استعرضت تاريخ كرة السلة العراقية..عبدالمهدي: أدخلها الآباء اليسوعيون في المدرسة 1919.. واتحادها يفتقد أرشفة مسيرة العباقرة!

 بطولة تلفزيون بغداد 1955 من أهم ملتقياتها .. وأمام مصر والأردن شهدت أقسى نكباتها!

 بغداد / إياد الصالحي

أكد الخبير الرياضي د.باسل عبدالمهدي، أن تاريخ كرة السلة العراقية يُعد من أهم الواجبات المهنية التي يتوجّب مراعاتها ليس لكون اللعبة تمثّل مجتمعاً مثقّفاً بحدّ ذاتها، بل تمتلك التاريخ الواضح والمُعرّف والجميل قرابة مئة عام، داعياً اتحادها لتشكيل لجنة توثيق أزمانها ورموزها".

وقال عبدالمهدي خلال محاضرته في ندوة حوار تابعتها (المدى) أقامها اتحاد كرة السلة في قاعة الشعب للألعاب الرياضية بحضور رئيس الاتحاد د.حسين العميدي وعدد من رواد اللعبة وأعضاء لجنة المدرّبين أن :"عُلماء الاجتماع يؤكّدون (إذا لم تأخذوا التاريخ بنظر الحسبان في سلوككم ومنهجكم لا تستطيعون أن تصنعوا المستقبل) ويمكن القول أن اتحاد كرة السلة الأكثر حيوية، إذا ما تمّت مقارنته مع بقية الاتحادات الرياضية، فهو اتحاد قريب من قواعد ألعابة، ويواصل نشاطاته، ومجموعته متآلفة ومتجانسة وليس بينها أية مُشكلة مثل بعض الاتحادات، لكن كوجهة نظر وليس انتقاد، يفترض أن يهتمّ اتحاد كرة السلة بتاريخ لعبته قبل كل الاتحادات، ولو كان الحديث هنا يخصُّ المصارعة أو الملاكمة أو رفع الأثقال أو كمال الاجسام لما تحدّثتُ لكون الوضع الاجتماعي لهذه الألعاب يختلف عن الوضع في كرة السلة العراقية".

ظاهرة الأولمبياد

وذكّرَ عبدالمهدي الحضور بأنَّه :"عندما يُنظّم بلد مثل العراق بطولة العالم العسكرية بكرة السلة عام 1967 في ملعب الشعب بمشاركة أمريكا وإيطاليا ومصر وتركيا ودول أخرى، ثم ينظّم بطولة العرب الأولى بكرة السلة عام 1974في الملعب نفسه بمشاركة ثلاثة عشر بلداً عربياً، ويذهب الفريق السلوي للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية عام 1948بلندن وليس فريق كرة القدم، عندها يجب أن ندرس أسباب هذه الظاهرة ومَنْ مثّل العراق فيها وما صفتهم؟ هي مسائل تبقى محطّ اعتزاز العالم للاحتفاظ بها".

الآباء اليسوعيون

وبيّن أن :"لعبة كرة السلة العراقية بدأت بالظهور في فترة سبقت الحرب العالمية الأولى، بعكس كرة القدم التي دخلت إلى العراق بعد أنتهاء تلك الحرب عن طريق القوات البريطانية التي أستقرّت في معسكري الهنيدي (الرشيد) وسنّ الذبّان (الحبّانية) وتعلّم الناس المهارات من جنودهم وأخذوا يقلّدونهم، بينما كرة السلة سبقت ذلك بزمن طويل عندما بدأت ممارستها أول مرّة في مدرسة الآباء اليسوعيين التي أصبحت لاحقاً (كلية بغداد) وكذلك في مدرسة (فرنك عيني) اليهودية بجوار محل "شربت زبيب حجي زبالة" محلة (الحيدرخانة) في شارع الرشيد، وتشير المعلومات التاريخية الواردة في كتاب (دليل العراق عام 1930) أنه في (حوش المدرسة) أي فناؤها قبل دمجها مع مدرسة شمّاش التي تحوّلت إلى مدرسة (إيرانية عراقية) باسم "المدرسة الابتدائية والثانوية الإيرانية" كان الآباء اليسوعيين يلعبون كرة السلة من خلال وضع سلة واحدة في رأس عمود خشبي يرمون اليها كراتهم، وجرى ذلك عام 1919".

مفاجأة في لندن

وكشف عبدالمهدي :"عندما تقرَّرَ مشاركة العراق في دورة الألعاب الأولمبية في لندن عام 1948، كان نصف أعضاء الفريق من طلبة كلية بغداد وهم (سلمان مهدي، كنعان عوني، جوزيف يونان، حنا جورج، صالح فرج، ودود خليل جمعة، هاشم عبدالجليل وسلمان دلة علي ونشأت ماهر ومطر مجيد) وحدّثني الأخير على هامش إحدى المناسبات الرياضية أن الفريق تفاجأ هناك بطريقة اللعبة وقانونها غير المعتادين للاعبينا في أثناء المباريات، ولهذا خسروا بفارق نقاط كبير في مبارياتهم الخمس من الفلبين (30-102) ومن تشيلي (18-100) ومن بلجيكا (20-98) ومن الصين (25-125) وأخيراً من كوريا (20-120)".

وتابع "بعد أن سافر فريقنا السلوي الى لندن لم يكن الاتحاد العراقي للعبة مؤسَّسْ بعد، لكن ذهب مع الوفد أكرم فهمي وضياء حبيب ومجيد السامرائي ونوري أحمد والتقوا باسماعيل محمد الذي كان يواصل دراسته هناك، وأعلنوا عن تشكيل الاتحاد".

بطولات الثانويات

واسترسل "يمكن أن نتوقّف عند المراحل التي مرّت بها كرة السلة العراقية قبل التأسيس حيث كانت الأندية تلعب ضمن منافسات ودّية فيما بينها مثل أندية المنصور والأعظمية والهواة والميناء، ثم جاءت حقبة الخمسينيات من خلال بطولات الثانويات مثل لقاء الإعدادية المركزية وكلية بغداد في النادي الأولمبي المحاذي لشارع عمر بن عبدالعزيز، الذي كان يجذب جمهوراً كبيراً لمتابعته، أما بطولة تلفزيون بغداد عام 1955 فقد كانت من أهم ملتقيات السلة، ولعب في النهائي فريقا الأعظمية والهواة بشكل مثير في ملعب دار المعلمين الابتدائية في الأعظمية وتميّز في المباراة اللاعب الفذ حمزة مسلم".

واستدرك "بعد مرحلة التأسيس، أندمج الاتحادان السلة والكرة الطائرة في اتحاد واحد، ولم يُفكّ الارتباط بينهما إلا بعد دورة الألعاب العربية في بيروت عام 1957، وترأس اتحاد الطائرة مهدي المدامغة بينما رأس اتحاد السلة نوري أحمد صالح، وكان سكرتير الاتحاد محمود القيسي".

تقهقر

واستذكر عبدالمهدي أقسى نكبات كرة السلة العراقية، بقوله "لا يمكن أن ننسى مجموعة اللاعبين النادرين مهاريّاً وجسمانيّاً، ونادراً ما يخسر جبار كامل ومهدي علي أكبر وفريدون فيليبب ومحمد عربو وحكمت محمود نديم وزهير محمد صالح، وقد فازوا على جميع فرق بطولة العرب الأولى ببغداد عام 1974 لكنهم تقهقروا أمام مصر بفارق 39 نقطة وأمام جمهورنا! وكذلك نهائي دورة الالعاب العربية في المغرب عام 1985 مثل كرتنا محمد مصطفى وعامر طالب وعدنان ناجي وغيرهم خسروا أمام الأردن (78-80) بعد ان كان منتخبنا متقدماً بـ13 نقطة قبل ثلاث دقائق من نهاية المباراة التي مثلّت الولادة الحقيقية لكرة السلة الأردنية"!

تأسيس الاتحاد العربي

وتحدّث حول تأسيس الاتحاد العربي لكرة السلة، قائلاً :"الوثائق الرسمية تشير الى أن الاتحاد أسّس في مؤتمر بيروت عام ١٩٧٣، ومثّل العراق فيه كل من المرحومين د.حكمت محمد الطائي وطارق حسن (رئيس الاتحاد العراقي وسكرتيره حينها على التوالي) وأسفرت الانتخابات عن فوز انطوان خوري لبنان برئاسته، وكان في ذات الوقت رئيساً للجنة الأولمبية اللبنانية، كما فاز المرحوم أحمد فهد الجابر الصباح (الكويت) بموقع النائب الأول، والمرحوم د.حكمت محمد الطائي بموقع النائب الثاني، وتقرّر في المؤتمر الموافقة على تكليف الاتحاد العراقي لتنظيم بطولة العرب الأولى لكرة السلة في بغداد عام ١٩٧٤بعد إنتهاء دورة الألعاب الآسيوية التي نُظِّمت في العاصمة الإيرانية العام نفسه".

حالة حضارية

ووجّه عبدالمهدي كلامه لرئيس اتحاد حسين العميدي "يجب أن يباشر الاتحاد بتشكيل لجنة لتدوين النتائج واسماء العاملين في كرة السلة عبر العقود الماضية، يفترض أن تكون لديكم صورة كبيرة في مقر الاتحاد لأعضاء فريق السلة المشارك في دورة الألعاب الأولمبية 1948 في لندن، كونها تمثل تاريخ العراق وليس شخصاً بعينه، ولا أدري كيف يفتقد الاتحاد صور كبيرة لعباقرة اللعبة وأرشيف مسيرتهم مثل سهيل النقيب وأحمد الحجية وحكمت محمد وفالح أكرم وجبار راشد نفتخر بها أمام العالم كحالة حضارية لبلد يحترم تاريخه، لا أن تنصبّ كل جهودي في الاتحاد كيف أفوز في الانتخابات وأثبّت موقعي؟ بل كيف احفظ تاريخ الاتحاد كي يختارني عضو الجمعية العمومية لهذا السبب حتى لو بقيت مئة عام".

توثيق

وختم د.باسل عبدالمهدي حديثه :"أحرصوا على توثيق كل صغيرة وكبيرة في تاريخ كرة السلة العراقية، فها أنا تحدّثتُ لكم بما عاصرتُ من وقائع وشخوص، وأبلغُ من العمر 82 عاماً، وغداً نرحل كلّنا عن الدنيا كغيرنا من روّاد اللعبة، فمن سيتحدّث ويستذكِر تاريخها، ولا نمتلك غير وثيقتين مهمّتين هما كتابي مهدي أحمد ود.ضياء المنشئ؟"

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top