رأيك وأنت حر: القيادة الرياضيّة الشابّة

احمد عباس إبراهيم 2021/11/21 11:53:09 م

رأيك وأنت حر: القيادة الرياضيّة الشابّة

 أحمد عباس*

أحياناً تتسرَّع فتجرَح..فأَوزن كلامك قبل أن تتكلّم كي لا تندَم!

خلال إحدى الحِصص الدراسية، سأل المُعلّم أحّد التلاميذ "ماذا يعمل والدك"؟ صمتَ التلميذُ ولم يُجبه، فسأله المعلّم مرّة أخرى "ماذا يعمل والدك يا فلان"؟ فأكتفى الطالب بالصمت ولم يُجبْ! عندها صرخ المُعلّم بوجهه أمام التلاميذ "يا غبي ألا تعرف ماذا يعمل والدك؟ عندها رفع التلميذ رأسه وقال "بلا .. أنه نائم في قبره"!

أقول لمثل هؤلاء..عليك أن تعرِف كيف تتصرّف ولا تتسرّع بإصدار الاحكام بحقّ الآخرين، فهناك حقائق وأشياء لا يمكن اصلاحها، ولا تُسترجَع الكلمات بعد نطقها، كما لا يمكن إعادة الفرصة بعد ضياعها، ومن البديهي أنه ليس بالامكان استرجاع الشباب أو الوقت بعد أن يمضي.

هذه بعض الحقائق التي غالباً ما يتجاهلها البعض بسبب الغرور أو العنجهية التي يمارسها من تقلّد منصباً لا يُقدِّر أهمّيته ولا يدرك حساسيّة ما يصدر عنهُ من قولٍ أو فعلٍ أو تصرّف!

استمعتُ قبل أيام من أحد الإخوة الإعلاميين في برنامج رياضي قيام أحد المسؤولين في اتحاد الكرة بصبّ جام غضبه على اللاعبين وحمّلهم مسؤولية الخسارة أمام المنتخب الكوري الجنوبي في الوقت الذي كان يُثني على المدرّب (الزائر) الذي نشهد بأنه مدرّب مشهور وكفوء ولكنّه يقود منتخبنا استناداً الى العقد الغريب التي تم توقيعه معه في إسبانيا بصيغة مدرب زائر يحضر قبل المباريات بأيامٍ معدودات ونحن لا نعتب على الهولندي، ولكن عتبنا واستغرابنا على العراقي الذي وافق على هذه الصيغة من العقد ووقّعها مع ابتسامة عريضة تشبه ابتسامة المنتصر!

لا ندّعي هنا بأنّ اللاعبين قد بذلوا ما ينبغي، وخاصة في المباراة الاخيرة، ولكن يجب أن نكون مُنصفين ونشّخص العوامل والاسباب التي جعلت منتخبنا يظهر بهذه الصورة التي آلمَت العراقيين، وهذه لعمري خطوة جادة يجب على الاتحاد اتخاذها فوراً وقبل فوات الأوان (إذا لم يفت) وذلك بدعوة الصفوة من الأكاديميين والخبراء لمناقشة وضع المنتخب الوطني ووضع الحلول لانتشاله من حالة الضياع التي هو عليها الآن.

القيادة الرياضية الشابة خطوة صحيحة ومطلوبة ويجب تفعيلها وتطويرها، ولكن ليس كل النجوم تصلح لأن تقود كما أن ليس كل النجوم تنجح في الجانب الفني أو التدريبي! وهذه حقيقه لا تحتاج الى دليل.

أذكر في عام 1990 تم انتخاب الكابتنين حسين سعيد وعدنان درجال عضوين في اتحاد كرة القدم، وكانا مستمرّين باللعب، وسافرنا الى الكويت للمشاركة في خليجي 10 وبعد انسحابنا المعروف من هذه البطولة بفترة قصيرة تقرّر تسمية درجال لمنصب أمين عام الاتحاد ثم بعد حين صدر قراراً بتسمية حسين سعيد بمنصب النائب الثاني للاتحاد وكان عمريهما حينذاك ثلاثين سنة أو أكثر بقليل، يعني قيادة رياضية شابّة عملت مع رموز كروية عملاقة منهم على سبيل المثال لا الحصر الاستاذ هشام عطا عجاج والدكتور عبد القادر زينل والدكتور جمال صالح وكنت أشغل حينذاك منصب الأمين المالي للاتحاد

أرغب هنا في التوسّع بالحديث عن الكابتن حسين سعيد الذي شغل منصباً قياديا في الاتحاد (النائب الثاني) فقد مارس واجباته بكفاءة وكياسة وقدرة عالية برغم حداثة سنّه وقتها، ولكن وجدنا فيه صفات القيادة التي فاقت سنوات عمره وأظن أن شهادته الدراسية العليا التي يحملها وثقافته الذاتية وراء تعامله الناجح والملتزم مع نماذج رائعة من مدرّبين تربويين منذ بدايته (داود العزاوي وأمثاله) ثم مع مدرّبين أكفاء في ناديه أو المنتخب أمثال (عمو بابا وأنور جسّام وأكرم سلمان وجمال صالح وغيرهم) هذا الرجل هو مثال واقعي ونموذجي للقيادة الرياضية الشابة حيث استطاع بعد حقبة أن يقود الاتحاد بنجاح، وكذلك تسلّم مناصب مهمة في الاتحادات الدولي والآسيوي والعربي وغرب آسيا بكفاءة عالية.

هذه هي القيادة الرياضية الشابة التي نتمنّاها وهي أمنية يمكن تحقيقها بيسر لأننا نمتلك منهم الكثير الذي لا يحتاج سوى الابتعاد عن الغرور والتجبّر والخيلاء!

* أمين السرّ الأسبق لاتحاد كرة القدم

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top