البروفيسور نائل حنون: لم أجد يوماً جهة رسمية تدعم مشاريعي العلمية في العراق

البروفيسور نائل حنون: لم أجد يوماً جهة رسمية تدعم مشاريعي العلمية في العراق

أبرز علماء الآثار في العراق والعالم وأول من ترجم نصوصاً سومرية وأكدية مباشرة إلى العربية

حاوره/علاء المفرجي

القسم الثاني

ولد العالم الآثاري والبروفسور والباحث والكاتب والمنقب في المواقع الاثرية نائل حنون في محافظة ميسان جنوبي العراق في عام 1952ويعد من أبرز علماء الاثار في العراق والعالم، حاصل على شهادة الدكتوراه في فلسفة اللغة الأكّدية وآدابها من جامعة تورنتو الكندية، أكثر من 50 سنة أمضاها في الدراسة والتدريس والتنقيب الاثري والبحث العلمي، نشر خلالها أكثر من سبعين بحثا ودراسة وما يزيد على عشرين كتاباً. ويعد نائل حنون تلميذاً لعالم الآثار العراقي طه باقر حيث أشرف على رسالته في الماجستير وهو أثاري متخصص حيث قرأ وترجم شريعة حمورابي مباشرة من نصها المنقوش بالخط المسماري وباللغة الأكّدية إلى اللغة العربية خلافاً للترجمات السابقة التي تمت من اللغة الإنجليزية واللغة الألمانية إلى اللغة العربية.

ونائل حنون هو أول من ترجم نصوصاً مسمارية سومرية وأكدية مباشرة إلى اللغة العربية، ومن هذه النصوص ملحمة الخلق الاولى (حينما كان في العلى) من الأكّدية إلى العربية من دون ترجمة غربية وسيطة يعد الدكتور نائل من علماء الآثار والتاريخ القديم والمسماريات واللغتان الأكّدية والسومرية، أمتاز بفك أحرف اللغات القديمة لاسيما الأكّدية والسومرية دون الرجوع إلى قواميس اللغات فهو مترجم لعدد من أهم الألواح الطينية التي كتبت بالخط المسماري تتلمذ على يد العالم طه باقرحيث اشرف على رسالته لنيل الماجستير في سبعينات القرن الماضي. حاصل على شهادة بكالوريوس في الآثار القديمة من جامعة بغداد في العام 1972م، وشهادة ماجستير في الآثار القديمة من جامعة بغداد 1976م، وفي عام 1982م حصل على شهادة ماجستير آداب في اللغات المسمارية من جامعة تورنتو الكندية ودكتوراه فلسفة في اللغة الآكادية من جامعة تورنتو في كندا عام 1986م أشرف الدكتور نائل على الكثير من الدراسات العليا من عام 1999 وحتى الان من بينها رسائل وأطاريح للماجستير والدكتوراه في مختلف جامعات العراق وسوريا وفي مدنها المختلفة، وكانت له سلسلة طويلة من المحاضرات العامة والندوات الثقافية والإثارية والتاريخية في الجامعات والمجامع العلمية واللغوية والقصور الثقافية في العراق وسوريا وليبيا وكندا وإيطاليا وفي سلطنة عمان. ويشغل الان مدير متحف الذاكرة العُمانية في مسقط، منذ عام 2018. له العديد من البحوث المنشورة في العراق، وكذلك المنشورة في (هيئة الموسوعة العربية، دمشق)، وموسوعة الاثار السورية. وكذلك عدد من المؤلفات منها: عقائد ما بعد الموت في حضارة بلاد وادي الرافدين القديمة، ونظام التوثيق الآثاري، والمعجم المسماري، معجم اللغات الأكدية والسومرية والعربية، وعقائد الحياة والخصب في الحضارة العراقية القديمة، شريعة حمورابي، ترجمة النص المسماري مع الشروحات اللغوية، زز وغيرها اضافة الى الكتب المترجمة.

 أنت الباحث الوحيد في العراق الذي ترجم نصوصاً قانونية وتاريخية وأدبية عن كلا اللغتين السومرية والأكدية، ولك رأي جديد عن نظم الشعر العمودي في النصوص الأكدية، وهذا الرأي أثار الكثير من الاهتمام والمتابعة. ومن خلال ترجمتك لأسطورة نزول عشتار إلى العالم الأسفل اتضح أن هذه الأسطورة عبارة عن قصيدة عمودية بأبيات مشطرة في الأصل المسماري باللغة الأكدية. وحافظت أنت في ترجمة هذه القصيدة على التشطير القديم نفسه. وهنا نطرح سؤالاً عن الأهمية التي تمتعت بها عشتار بحيث أن عبادتها شاعت في أرجاء الشرق الأدنى القديم؟ ومن ثم نتساءل إن كان لعبادتها تأثير في الديانات الوضعية والتوحيدية؟

لقد ترجمت بعض النصوص السومرية والأكدية إلى اللغة العربية، ولكنها لم تتعد النصوص القصيرة واقتصرت مواضيعها على الرسائل والنصوص الاقتصادية، أما النصوص القانونية والتاريخية والأدبية فلم يترجم سوى بضع منها ولكن عن اللغتين الإنجليزية والألمانية بشكل رئيسي وبدرجة أقل عن اللغة الفرنسية. وهذه مشكلة كبيرة في الدراسات المسمارية لأن هذه هي النصوص الأطول والأغنى لغوياً، وبدون التعامل معها لا يمكن فهم أي من اللغتين السومرية أو الأكدية من ناحية القواعد وبناء الجمل وحجم المفردات. وأذكر هنا مثالاً بسيطاً، وهو أن شريعة حمورابي تعد في الجامعات الأجنبية مدخلاً لدراسة قواعد اللغة الأكدية بلهجتها البابلية القديمة الأساسية. وقبل أن أقدم الترجمة الكاملة للشريعة مع شرح قواعدها وبناء جملها وتصريف أفعالها واشتقاقها وتحليل مفرداتها كان كل ما يدرس في الجامعات العراقية للمختصين لا يتعدى ست وثلاثين مادة من المواد القانونية للشريعة والبالغ عددها 282 مادة.

للأسف يوجد تقليد غير علمي في التخصص في المسماريات يجعله بأبعاد ضيقة جداً لا تجعل المختص قادراً على التعامل مع النصوص المسمارية بالشكل الصحيح والمثمر. وذلك في أن يكون التخصص في إحدى اللغتين السومرية أو الأكدية فقط وفي نصوص عصر واحد من عصور استعمالهما وفي موضوع واحد من مواضيع نصوصهما. لقد مهدت لتجاوز هذه العقبة الكأداء بتقديم كتابين مهمين أولهما «قواعد اللغتين السومرية والأكدية» لجميع عصور هاتين اللغتين ولهجاتهما وخطوطهما ومواضيعهما. والكتاب الثاني «نصوص مسمارية تاريخية وأدبية» ضمنته عشرين نصاً تاريخياً وأدبياً باللغتين السومرية والأكدية مع استنساخ هذه النصوص وقراءتها وترجمتها إلى العربية وشرحها لغوياً. وقد اخترت هذه النصوص من عصور مختلفة من تاريخ حضارة وادي الرافدين الكتابي الذي دام ثلاثة آلاف سنة. والغاية من هذا تمكين المختصين والباحثين الجديين على التعامل مع مختلف النصوص المسمارية. وهنا يقتضي أن أوضح أن الكتبة القدماء في حضارة وادي الرافدين كان لزاماً على كل منهم أن يتقن القراءة والكتابة باللغتين السومرية والأكدية معاً حتى يكون كاتباً ناجحاً، فما بال معاصرينا متأخرين عن هذا الوعي؟

يتضمن كتاب “نصوص مسمارية تاريخية وأدبية” قصيدتين شعريتين مشطرتين، إحداهما أسطورة نزول عشتار إلى العالم الأسفل والأخرى قصيدة لأمجدن رب الحكمة. والقصيدة الثالثة العمودية هي قصة الخليقة البابلية التي ترجمتها في كتابي الأخير “أسطورة الخليقة البابلية: ترجمة النص المسماري الشعري”. المواضيع التي تدور حولها هذه القصائد الثلاث هي مواضيع مهمة، ومنها موضوع نزول عشتار إلى العالم الأسفل. والسؤال هنا هل أن هذه الأهمية مترتبة فعلاً على أهمية الموضوع المتصل بالعالم الأسفل أم على أهمية دور عشتار في المعتقدات القديمة لحضارة بلاد الرافدين؟ بدون شك شغلت عشتار مساحة واسعة في الأدب الأسطوري القديم على الرغم من أنها لم تكن ذات مكانة كبيرة أو مهمة في مجمع الآلهة القديمة أو في مجمل العبادات الرسمية في بلاد الرافدين القديمة. كانت هناك إلاهات أكثر أهمية منها في تلك العبادات مثل الإلهة الأم ننخرساج، والتي عرفت بأسماء ونعوت مختلفة مثل ننماخ وأرورو،إلهة الطب والشفاء جولا، وإلهة الغلة والحبوب نِسّابا. أما عشتار فلم تكن في الديانة الرسمية مسؤولة عن طاقة أو عنصر كوني، وإنما هي تجسيد للأنثى في جميع حالاتها العمرية والنفسية باستثناء الحمل والولادة التي كانت من مسؤوليات الإلهة الأم. كما أوكلت بها مسؤولية بعض المهن الخاصة بالمرأة مثل الغزل والنسيج فضلاً عن ضمانتها للعلاقات الجنسية. غير أن مكانتها الكبيرة جاءت في المعتقدات الشعبية بتأثيرها على الذكور. وقد سبق أن شرحت حقيقة دورها في بحث لي نشر في مجلة سومر في السبعينيات. في وقتها كانت هناك معارضة بلا استدلال علمي لتفسيري هذا، ولكنه أصبح الآن هو الرأي المقبول في أوساط العلماء الغربيين.

إن هذه الأهمية الشعبية هي التي جعلت من دور عشتار والنصوص التي تدور حوله مصدر إلهام للكثير من أساطير الحضارات الأخرى من دون أن تكون هناك عقيدة مشتركة فيما بينها، ومن دون تبني العقيدة الخاصة بعشتار في ديانة بلاد الرافدين. أما في الديانات التوحيدية فلم يظهر أي تأثير لعبادة عشتار إذ أنها اقتصرت على الديانات الوضعية. ومن البديهي أن لا يظهر لها أثر في الديانات التوحيدية التي تختلف مثلها كلياً عما اقترن بعشتار من أفكار وممارسات. ولقد وضحت كل جوانب عبادة عشتار، ومغزى النصوص التي تدور عنها وكذلك أوجه المقارنة فيما بينها وبين إلاهات أخريات في حضارات الشرق الأدنى القديم، وذلك في كتابي “عقائد الحياة والخصب في الحضارة العراقية القديمة”.

وإذا عرجنا على موضوع الشعر العمودي في النصوص المسمارية يقتضي أن نوضح بأن هذا الشعر ظهر في النصوص الأدبية الأكدية (وليس السومرية) منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد. أي بنحو 1800 عام قبل ظهور القصيدة العمودية العربية. وهذا ما يحتم إعادة النظر في تاريخ الشعر العمودي وكيفية ظهوره. ومن الجدير بالذكر أن الشعر العمودي الأكدي غير مقفى ولكنه موزون وبحوره موجودة في الشعر العربي.

 للآلهة الذكور في المعتقدات القديمة أهمية خاصة في الديانات الوضعية، وقد كان للأساطير الخاصة بهم تأثير ملموس في مجالات الإبداع الأدبي والتشكيلي والمسرحي. ومن المعروف أن لك قراءة خاصة عن الإله تموز (دموزي)، ما هي أبعاد هذه القراءة؟

كان الرأي القديم عن عشتار يعدها إلإلهة الأم وينسب إليها مسؤوليات وقدرات خاصة بالأ لهة الأم. ولما عرف أن زوجها كان تموز فقد افترض أنه إله الخصب باعتبار من أجدر من زوج الإلهة الأم أن يكون إلهاً للخصب. ثم أن تأويل النصوص المسمارية ذات الصلة وسعي علماء قدماء، مثل عالم الأنثروبولوجي جيمس فريزر، إلى مطابقة هذا الإله مع آلهة آخرين مثل أدونيس وأوزيريس وفاقاً لنظرة شمولية لا تهتم لتفاصيل لها دلالات مخالفة. منذ السبعينيات قدمت الأدلة الواضحة والحاسمة على أن تموز لم يكن إلهاً للخصب أو مسؤولاً عن طاقة كونياً وإنما كان إلهاً راعياً انضم إلى آلهة العالم الأسفل وكان موجوداً به بدون قيامة موسمية مثل أدونيس أو قيامة طقوسية مثل أوزيريس. والأكثر من هذا قدمت في أكثر من بحث وكتاب الأدلة الحاسمة على وجوده مع أخته بعلة صيري (أو جشتن – أنّا) ضمن مجمع آلهة العالم الأسفل المقيمين فيه. واليوم كم أشعر بالرثاء لتلك المعارضة المحمومة والخارجة عن الحدود الأخلاقية التي قادها شخص لقبوه «شيخ السومريات» على الرغم من أنه لم يقرأ في حياته نصاً سومرياً واحداً باستثناء نصوص الرسائل الثلاث التي قرأها في أطروحته للدكتوراه في الولايات المتحدة. ومبعث رثائي أن المراجع الغربية الحديثة عن آلهة حضارة وادي الرافدين القدماء أخذت تتبنى تفسيري نفسه وتعزف عن عد تموز إلهاً للخصب أو أنه كان الإله الذي يبعث ويقوم من العالم الأسفل سنوياً. ما يقود البحث العلمي هو الدليل، وأي رأي لا يستند على الدليل العلمي هو مجرد ادعاء ليس من العدل الاتكاء عليه أو المحاججة به.

 أنت الآن في سلطنة عُمان وانجزت مشروعاً مهماً، لماذا غادرت العراق؟ ألم تجد جهات رسمية داعمة لأعمالك البحثية الجديدة؟

- هذا صحيح أنا في سلطنة عُمان أعمل وفقاً لعقد لتأسيس متحف جديد كبير. وهذا المتحف على وشك الافتتاح واسمه «متحف الذاكرة العُمانية». يضم هذا المتحف سبع عشرة قاعة مع ملحقات بنائية كثيرة، وستعرض فيه مئات الآلاف من المقتنيات. من المنجزات التي اقترنت بتأسيس هذا المتحف هو ابتكاري لنظام توثيق متحفي صالح للتطبيق في جميع أنواع المتاحف. وباستعمال هذا النظام استطعنا توثيق جميع القطع المتحفية، ولدينا الآن أكثر من 21000 استمارة موثقة. هذا النظام التوثيقي هو الأول من نوعه في العالم ومعد باللغتين العربية والإنجليزية، وقوامه سبع عشرة استمارة تخصص كل واحدة منها إلى مجموعة من المجموعات التي تقسم إليها مقتنيات كل انواع المتاحف مع استمارة خاصة بالسجل العام. وكل استمارة من الاستمارات الثماني عشرة تكون بنسختين ورقية وإلكترونية. وقد أمكن تدريب فريق عمل المتحف على استعمال هذا النظام بوقت قياسي. علماً بأنه لا يوجد نظام عالمي موحد للتوثيق المتحفي وإنما توجد طرق مختلفة لتسجيل مقتنيات المتاحف في بطاقات متحفية بسيطة وسجلات وصفية. وقد جعل مجلس المتاحف العالمي التوثيق أمراً لازماً في جميع المتاحف بعد كارثة المتحف العراقي غداة احتلال العراق وإسقاط النظام السابق. فحينها اتضح أنه لم يكن هناك توثيقاً صحيحاً وكاملاً للمتحف، رغم كل التبجح الذي أدمن الكثيرون عليه. ولذلك لم يستطع أحد أن يحدد بالضبط عدد القطع المنهوبة والمتبقية وكم كان العدد الكلي لمقتنيات المتحف. طبعاً من السهولة أن تجد من يتشدق بالكلام عن سجلات وعن توثيق مبدع، ولكن حين تأتي إلى الواقع لا تجد شيئاً يعتد به.

في الحقيقة أنني لم أجد يوماً جهة رسمية تدعم مشاريعي العلمية في العراق. غير أنني وجدت الدعم الكامل من لدن جهة من أشرف الجهات، وهي العتبة العباسية. ففي العام 2018م تبنت العتبة العباسية الشريفة مشروعي الخاص بموسوعة المدن القديمة من خلال مركز العميد الدولي للدراسات والبحوث والمرتبط بقسم الشؤون الثقافية في الأمانة العامة للعتبة العباسية. ووجدت تفهماً عميقاً دعماً لا حدود له ورعاية كريمة من قبل سماحة السيد ليث الموسوي والأستاذ الدكتور رياض طارق العميدي وجميع الأخوة الفضلاء العاملين معهما في قسم الشؤون الثقافية وفي مركز العميد الدولي. لقد كان ذلك الدعم الكريم يفوق ما كان يمكن أن تقدمه أرقى جامعة عالمية بحيث مكنني من إقامة مركز للبحوث الأثرية واللغوية في مدينة الديوانية وتشغيل أربعة مساعدين. وبدأ هذا المركز باستقبال الباحثين وطلبة الجامعات والمثقفين وكل المهتمين بحضارة وادي الرافدين. وركيزة المشروع الأساسية كانت العمل على الموسوعة التي أسميتها “موسوعة العميد للبلدان القديمة” وقد أنجزت فهرسها الذي ضمه أحد مجلداتها الستة. وهذا الفهرس هو عبارة عن معجم كامل بمدخلات الموسوعة البالغ عددها نحو خمسة آلاف تشمل ما ورد ذكره في النصوص المسمارية من مدن وبلدان وأقوام وقبائل ومعالم طبيعية فضلاً عن المواقع الأثرية التي تم التنقيب فيها ضمن المناطق التي انتشرت فيها حضارة وادي الرافدين ووثقتها نصوصها المسمارية باللغتين السومرية والأكدية. ومن الجهل أن يكتب البعض ممن يدعون التخصص بهذه الحضارة بأنها محصورة في حدود العراق التي وضعتها صفقة سايكس – بيكو، وأن كل موقع وراء هذه الحدود هو خارج نطاق حضارة وادي الرافدين القديمة.

لقد غطى توثيق هذه الحضارة العظيمة بحسب المصطلحات الحديثة العراق، سورية الطبيعية، مصر، الجزيرة العربية، إيران، تركيا وقبرص. وهكذا فإن موسوعتنا تشمل جميع هذه المناطق. ولا استطيع الآن التوسع في الحديث المفصل عن الموسوعة التي يحتاج عرضها إلى حوار منفصل. ومن المهم أن أذكر هنا أن مجلد الفهرس أنجز أولاً على الرغم من أنه سيكون المجلد السادس، والسبب وراء انجازه أولاً هو أن يمثل أيضاً دليل العمل على مفردات الموسوعة التي ستخصص لها الأجزاء الخمسة الأولى. وحين اكتمل مجلد الفهرس أودعت نسخة منضدة منه في مركز العميد الدولي. وحين قارب المجلد الأول من الإنجاز طرحت فكرة طباعته ونشره. وهنا اختلفت آراء أساتذة كثيرون في المركز حول دار النشر وشروط النشر، ولم يكن هناك اتفاق على شيء على الرغم من انقضاء اشهر وتقدم أكثر من دار نشر لتولي موضوع الطباعة والنشر. وتمنيت لو أن القرار كان بيد سماحة السيد ليث الموسوي والأستاذ الدكتور رياض طارق العميدي وأنا حتى يحسم.

في تلك الأثناء من العام 2019م جاءني عرض العمل في سلطنة عُمان، وهو العرض الذي كنت احتاجه بسبب ظروفي الشخصية ولكون مقر المركز مستأجراً وأراد صاحبه إنهاء عقد الإيجار. فطلبت الإذن من العتبة العباسية لإيقاف العمل بالمشروع حتى أنهي عقد عملي في السلطنة ونرى إمكانية إقامة المركز ثانية بعد عودتي. وقد بات واضحاً أن مثل هذا المركز يتطلب مقراً دائماً ومساعدين على ملاك ثابت وصلاحيات في الطباعة والنشر حتى ينجز الموسوعات المخطط لها.

 سأل الكثير من المثقفين حول لوح جلجامش المكتشف والذي تسلمته وزارة الثقافة.. ما هو نص هذا اللوح؟

- إذا كان السؤال يخص كسرة من أحد ألواح ملحمة جلجامش فالإجابة عليه بسيطة جداً إذا ما نحينا الضجيج الإعلامي جانباً. للأسف لم أجد من بين ما أذيع وكتب الكثير من الطرح الموضوعي الرصين والمخلص للحضارة وللعراق والذي ينم عن معرفة وعلم. قرأت لشخصيتين ما هو مهم ومرشد للطريقة الصحيحة في التعامل مع موضوع هذا اللوح. وأقصد بذلك ما كتبه الأستاذ حسين الهنين وما طرحه الشاعر والكاتب الأستاذ عبد الرزاق الربيعي. فقد ذهب الأستاذ الربيعي إلى ترجمتي لملحمة جلجامش، وهي الوحيدة عن النص المسماري مباشرة، وجميع أسطر ألواحها مرقمة مع بيان الألواح والكسر التي ترجمت منها وأرقام الأسطر المفقودة، ومضمونها إن كانت موجودة على ألواح لم يتم الوصول إليها، أو أرقامها ومواضعها إن كانت لم يعثر عليها بعد. وهكذا اكتشف بأنني قد أعددت ما يشبه الخارطة للملحمة لوضع أي قطعة منها تكتشف مستقبلاً في موضعها الصحيح. بعبارة أخرى أن معرفة مكان هذه القطعة المستردة لا تحتاج إلى جهد كبير للتعرف عليها.

تعليقات الزوار

  • محمد صابر حسن

    يستحق البروفيسور دكتور نائل حنون كل التقدير والاجلال لما مايملكه من قيمة علمية عظيمة وجبارة وهو مِن النخبة التي يجب احتضانها ودعمهما والاستفادة منها يعتبر ثروة علمية في هذا الاختصاص في الآثار فهو قامة كبيرة لا مثيل له

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top