ذي قار/ حسين العامل
انطلقت في محافظة ذي قار اولى فعاليات حملة مناهضة التزويج المبكر للفتيات القاصرات، وفيما حذر المشاركون فيها من مخاطر انتهاك حقوق الطفولة والطلاق المبكر الناجم عن زواج القاصرات، دعوا الى تحديد سن الزواج بـ18 عاماً وتشديد العقوبات على منتهكي القانون.
وضمن فعاليات الحملة اقامت منظمة شباب الجنوب بالتعاون مع منظمة انتر نيوز الدولية جلسة حوارية على قاعة نقابة المعلمين بالناصرية حضرها ممثلون عن المؤسسات الاكاديمية والشرطة المجتمعية وقانونيون ومنظمات مجتمع مدني.
وعن مشاركته بالحملة والجلسة الحوارية قال رئيس منتدى ذي قار للتنمية المدنية حيدر سعدي لـ(المدى) ان "ظاهرة تزويج القاصرات بدأت تنتقل في المرحلة الاخيرة من الأرياف الى المدن ما يحمل ذلك العديد من الاسباب والقصص المؤثرة لفتيات أصبحن أمهات وهن في عمر الطفولة والمراهقة المبكرة"، واضاف "يفترض بالقانون العراقي ان يحدد سن الزواج بـ 18 سنة وان لا يسمح بالزواج دون ذلك".
واوضح سعدي الذي يشغل ايضا منصب مستشار محافظ ذي قار لشؤون المواطنين ان "المادة السابعة من قانون الاحوال الشخصية تبيح فعليا الزواج لمن بلغت عمر الـ 15 عاما طالما ان ذلك يحظى بموافقة المحكمة نفسها وولي أمر الفتاة، اما اذا كانت دون الـ 15 سنة، فان الزواج لا يسجل في سجلات المحكمة"، منوها الى ان "المادة المذكورة تضمنت شرط الاهلية والعقل من اجل عقد الزواج، وهو ما قد لا يكون متوفرا لدى فتاة في عمر طفولتها".
واكد رئيس منتدى ذي قار للتنمية المدنية "رصد حالات زواج دون سن 15 سنة لأسباب مختلفة، وان العديد من العائلات تلجأ الى خيار الزواج خارج اجراءات المحاكم الشرعية"، لافتا الى ان "القانون العراقي لا يضع شروطا قانونية صارمة على زواج القاصرات ويعرف الزواج بانه (عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا)".
واشار سعدي الى ان "ظاهرة تزويج الاطفال ما زالت واسعة الانتشار في العراق رغم اعلان منظمة اليونيسف عن انخفاضها في جميع أنحاء العالم بواقع زواج واحدة من كل خمس فتيات تزوجن بعد ان كانت زواجا واحدا من بين كل أربع فتيات قبل عقد من الزمن".
وأثارت مواجهة قضائية خاضتها امرأة مطلقة لإلغاء زواج ابنتها (اسراء) البالغة من العمر 12 عاماً ضجة في العراق مؤخرا، حيث أرجأ القاضي يوم الأحد المنصرم جلسة الاستماع في القضية لأسبوع آخر فيما تظاهرت ناشطات نسويات رفضاً للظاهرة.
وتجمعت ناشطات نسويات يوم الأحد (21 تشرين الثاني 2021) بينهن ينار محمد رئيسة منظمة "حرية المرأة في العراق"، عند محكمة الأحوال الشخصية في الكاظمية لرفض المصادقة على زواج إسراء. وهتفت الناشطات: "كلا كلا لتزويج المغتصب من الضحية" و"باطل... باطل"، كما رفعن لافتات تحمل عبارات قالت: "كلا لزواج القاصرات" و"زواج القاصرات جريمة بحق الطفولة".
وبدورهم حذر المشاركون بالجلسة الحوارية التي عقدتها منظمة شباب الجنوب من مخاطر تزويج القاصرات مؤكدين انه "اخذ يتسبب بارتفاع معدلات الطلاق بسبب عدم قدرة الفتاة على الايفاء بمتطلبات الزواج وعجزها عن مواجهة التحديات والمسؤوليات الكبيرة المترتبة عليه"، مؤكدين ان "التحديات المعيشية والاقتصادية القاسية تستدعي وجود اطراف متكافئة وناضجة لإدارة شؤون الاسرة وتأمين متطلباتها".
واشار المشاركون بالحملة الى ان "زواج القاصرات في العراق اخذ بالتزايد رغم المحاولات الحكومية للحد من هذه الظاهرة"، مؤكدين انه "ولد العديد من التحديات أمام السلطات والمجتمع الذي تتفاقم فيه حالات الطلاق، إلى جانب المخاطر التي يشكلها الزواج المبكر على صحة الفتيات نفسيا وجسديا".
واضافوا "الملفت في هذه الظاهرة ان لها اثاراً سلبية اخرى، فهي على سبيل المثال تتسبب فعلياً في حرمان الفتيات من خوض تجربة حياة الطفولة والمراهقة الطبيعية اذ تثقل عليها الحياة بالأعباء والمسؤوليات مبكرا، كما يضطر العديد منهن الى التخلي عن دراستهن بسبب الحمل او المسؤوليات المنزلية والزوجية المستجدة على حياتهن".
وفي ختام الجلسة الحوارية اشار المشاركون الى ان "تفاقم ظاهرة زواج القاصرات في العراق تحتاج الى مجموعة من الحلول والمبادرات المتداخلة لمعالجتها، تبدأ بالقوانين الواضحة والاكثر تشددا، وتمر عبر معالجة الاحكام والمفاهيم الدينية والاجتماعية السائدة، وصولا الى العمل على تنمية الوعي المجتمعي ازاء هذه الظاهرة التي تلحق الاذى بالفتيات نفسيا واجتماعيا وصحيا، وتفرض تحديات اضافية على الاقتصاد العراقي ومجتمعه".
وازاء تفاقم مخاطر ظاهرة زواج القاصرات اطلقت الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية مؤخرا حملة توعوية تضمنت نشر ملصقات تعريفية تحت عنوان اوقفوا زواج القاصرات تحذر من مخاطر تلك الظاهرة وتضمنت عبارات ومعلومات قانونية من قبيل: زواج القاصرات يعاقب عليه قانون العقوبات العراقي رقم (١١١) لسنة 1969 وفق المادة (٣٢٣) بالحبس والغرامة المالية.. زواج القاصرات شكل من اشكال الاتجار بالبشر، فالقـاصر لا تدرك ماهية الزواج ومتطلبات الطرف الآخر.
اترك تعليقك