ماكرون وقرداحي

آراء وأفكار 2021/12/04 10:38:33 م

ماكرون وقرداحي

 د. أثير ناظم الجاسور

إعتادت مسامع العرب على أن الغرب هم من يتحكم بمصيرهم وإدارة شؤونهم بمختلف جوانبها وطالت المشاهدات على الكيفية التي تدار تلك الشؤون وبرغبات غريبة وعجيبة من قبل العرب، مشكلة العرب لا حلول لمشاكلهم في الداخل العربي مهما صعب او سهلت تلك المشاكل وهذا راجع للمشكلة الازلية التي يعاني منها صانع القرار الذي يدور فلك احلافه وأتباعه لهذا النهج او ذاك،

فمنذ استقلال هذه الدول ولغاية اليوم وهي تخضع للمشاريع المرسومة والتي جلها طُبقت على أرضهم وبإرادة الحاكم والمحكوم بعد أن استوطن شعور الضعف في تحقيق الهدف، وما أن بدا تخول جديد او ترتيب مغاير بشكل ومضمون لعب أوراق النظام العالمي حتى باتت المنطقة العربية ومساعدة صناع قرارها جزء من هذا المخطط او داعم له بالموافقة والتمويل.

كل المشاكل والتحديات التي مرت على هذه المنطقة كانت الحلول باسوئها من خارج حدودها وبدواعي ومفاهيم وشعارات تعطي إشارات واضحة سواء بدرجات ضعف الانظمة او عملية السيطرة والنفوس التي تطبقها القوى الاقليمية او الدولية، وحتى لا نرجع للوراء كثيراً منذ احتلال العراق للكويت مرورا بأزمات عربية - عربية انتهاءً بالحروب الدائرة اليوم سواء في سوريا واليمن نجد غياب الارادة العربية التي ما لها من دور سوى انها هيمنت عليها الارادات الخارجية، اما الحلول العربية لقضاياهم الجوهرية والاساسية فالغياب والعجز سيد الموقف بعد غياب القدرة على ان تصنع الدائرة العربية قراراً عربياً خالصاً.

لسنوات طوال وهذه الدول تغوص في عمق مشكلاتها الداخلية التي تغذيها منابر سياسية ودينية استطاعت ومن خلال توزيع خطابات الكراهية والتحريض أن تدق اسفين الضعف والتشظي، وما يحدث اليوم من تفرقة وتشتت واضح من خلال تأثر الدول وتحاملها على بعض وكأنها تدير عوائل لا دول لها علم وأرض وسيادة، وما حدث في الآونة الأخيرة وتأزم العلاقة بين لبنان والسعودية دليل على هشاشة علاقة الدول العربية فيما بينها، والتي بالأساس نابعة من منطلق الغني والفقير التي لطالما لعبت عليها بعض الدول بتعاملاتها مع الدول الأخرى، فما كان من تصريح لوزير الاعلام اللبناني "جورج قرداحي" حول حرب اليمن والأحداث هناك الا دليل على تصدع العلاقات بين الأشقاء كما تسمي الدول العربية نفسها، وحتى تترطب العلاقة نوعاً ما كان من الأجدر إلا يأخذ الرئيس الفرنسي "ماكرون" استقالة قرداحي لأشقائه السعوديين لتلطيف الأجواء وإعادة المياه إلى مجاريها، فالوزير قرداحي لن يستطيع ان يدلي برأيه بحرية في أجواء عربية يسودها التسلط وغياب المنطق فحتى وان كان قرداحي وزيراً وبالضرورة لابد من ان تكون تصريحاته متوازنة إلا ان هذا الرأي كان قبل تسنمه لمنصبه لكن طريقة ادارة الشأن العربي لا تتناسب مع منطق سابقاً وحالياً، فالكرامة العربية تغضب على بعضها منطلقة من شعار الداعم والمدعوم القوي والضعيف الفقير والغني، بهذه الصيغ تُدير الدول العربية مشاكلها لا بل انها وصلت درجة التحسس فيما بينهم أن لا تتم معالجة مشاكلهم الا من خلال وسيط غير عربي حتى، وبهذه الاجراءات وغيرها تعمل دول هذه المنطقة وفق ترتيبات غير منطقية تُسّير مركب العرب صوب الضعف والتصدع.

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top