غالب حسن الشابندر
اكثر المتصدين للعملية السياسية العراقية عبارة عن أحزاب أو قيادات أستلهكها الزمن ، ليس الزمن بالمعنى الطبيعي ، اي الأيام والشهور والسنين ، بل الزمن بالمعيار الموضوعي والفكري للزمن ، الفكر والتطلعات والهويات والطموحات ،
والدليل على ذلك ان الأحزاب العريقة في هذه العملية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي وحزب الدعوة والحزب الاسلامي لم تتحف العملية السياسية ، بله الشارع العراقي بمنتج فكري عميق ، يتناسب وما يجري في العالم من حراك فكري وسياسي وثقافي ، بل هناك جدب فكري رهيب على صعيد المُنتج الذي من شانه معالجة المُشكل العراقي بكل ألوانه السياسية والثثقافية والاجتماعية ، ومراقبة بسيطة لما يصدر عن هذه المكونات الحزبية والسياسية تكشف عن هموم حزبية ضيقة للغاية ، كأن تكون حجم مشاركتها في في التشكيلة الوزارية أو عدد مقاعدها المحتملة في البرلمان ، أو مدى ظفرها بوزارة سيادية وليس عادية .
هناك دليل عملي آخر يصب في دعم هذا التصور المثير ، ذلك ان فشل هذه الاحزاب والقيادات في إدارة الدولة والحكومة ، بل وفشلها المريع في إتخاذ القرار السياسي المستقل ، النابع من حاجة المجتمع ، وبداهة السيادة الوطنية إنما لكونها احزابا مستهلكة ، رثة ، متهاوية ، وقيادات ليست بمستوى المسؤولية الوطنية. بل هناك دليل أكثر قوة وألما في نفس الوقت ، ذلك ان هذه الاحزاب والقيادات كثيرا ما تلجا الى هذه الدولة الجارة أو تلك لفض نزاعاتها الداخلية ، وترسيم علاقتها بالآخر ! هذه الاحزاب بسبب جدبها الفكري ، وعدم إمتلاكها ملكة الاستشراف المستقبلي ، وبسبب ضيق الاهداف التي تحملها وتفكر بها أدت الى خراب الاجيال ، وا نتهاك حرمة الزمن ، وإهمال الطاقة الروحية لهذا الشعب الجريح ، وفيما تتوفر كل إمكانات النهوض بالبلد من نفط وأرض ومياه وشعب حيوي نجد هذه الاحزاب والقيادات دون أي وعي بهذه الامكانات الهائلة ، ولذلك يوما بعد يوم تتعرض هذه الإمكانات للنضوب والنهب ، فإن إهمالها الوظيفي يقضي عليها ، او يجعلها لغمة سائغة في أفواه الآخرين خاصة دول الجوار . الأحزاب عندما تمر بمرحلة الشيخوخة وفيما هي على رأس السلطة تدمر العباد والبلاد ، ولنا في ا لحزب الشيوعي الروسي مثلا واضحا ، فإن شيخوخة الحزب الفكرية والقيادية كانتا من اسباب إنهيارإمبراطورية بكاملها بين عشية وضحاها ، ولماذا نذهب بعيدا وتجربة حزب البعث العراقي ماثلة للعيان ، فإن هذا الحزب بعد ان جدب فكريا لجملة أسباب ومنها تحوله الى حزب سلطة ثم عائلة ثم شخص جعلته مجرد كتاب قديم على رف قديم ، ثم انهيار بالكامل ، وتبع ذلك انهيار وطن بالكامل.
لا مناص من أحزاب جديدة وقيادات جديدة ، ,وإن على المدى الطويل..
اترك تعليقك