يُسلّطها / علي المعموري
نظّم العراق بطولة أيرثلنك لغرب آسيا لفئة الشباب للفترة من 20 تشرين الثاني لغاية 1 كانون الأول 2021 والتي شاركت فيها تسعة منتخبات قسّمت على مجموعتين، الأولى أقيمت مبارياتها في البصرة وتكوّنت من منتخبات العراق والكويت والبحرين وفلسطين واليمن، بينما تكوّنت المجموعة الثانية التي ضيّفتها أربيل من منتخبات الأردن ولبنان والإمارات إضافة الى المنتخب السوري.
بعيداً عن الجانب الفنّي، ومستويات الفرق في البطولة ونتائجها، والتي أتّفقَ جميع مدرّبيها على أنّها محطّة إعداد لبطولات قادمة أقربها نهائيات آسيا العام المقبل، فما يهمّنا كعراقيين أبعد من الجانب الفنّي والرقمي الخاص بالفرق المشاركة، ويتعدّى كذلك طموح الفوز باللقب الذي تحقق بالفعل.
مكاسبنا من تنظيم البطولة تجاوزت جميع التوقّعات وفاقت مستوى الطموح، فنحنُ نسعى الى تكوين رؤية مختلفة لدى الآخرين عن واقعنا، واجبارهم على تغيير النظرة السائدة عن الوضع في بلدنا، تلك الرؤية التي طالما حرمتنا من الكثير من حقوقنا كبلد لا يختلف عن بقيّة بلدان المنطقة، وربّما يتفوّق عليها في الكثير من الجوانب، وخصوصاً على مستوى التنظيم والبُنى التحتيّة، والقدرة على خلق عوامل التفوّق والنجاح في مجال الأمن.
ولعلّ في مقدّمة ما خرجنا به من تنظيم هذه البطولة هو الانطباع الإيجابي الذي تكوّن لدى مُراقبي اتحاد غرب القارّة والاتحادين القاري والدولي عن قدراتنا الجيّدة في مجال التنظيم وتوفير جميع مستلزمات انجاح بطولة شاركت فيها تسعة منتخبات مثلت تسع دول مهمّة في غرب القارة الصفراء.
كما أثبتت البطولة بُطلان الجوّ الضبابي الذي يخلقهُ الإعلام الخارجي عن الوضع الأمني في العراق، وبعثت برسائل اطمئنان لجميع الجهات الفاعِلة في القارّة عن طريق الفرق المشاركة والهيئات التحكيميّة والمُراقبين الدوليين والمُقيّمين الآسيويين، رسائل لها عنوان واحد هو أن العراق بلد لا يختلف عن غيره من بلدان القارّة يتمتّع بقدرات أمنية وتنظيميّة وبُنى تحتيّة مناسبة تؤهّلهُ ليستعيد حقّه الطبيعي في استقبال الفرق وتنظيم الفعّاليات الكرويّة بعد إزالة (فيتو الفيفا) الظالم عنه.
اختيار محافظتي البصرة وأربيل لاحتضان مباريات البطولة وتنظيمها بنجاح، ومن ثم تطوّر الأمر بعد الموافقة على إقامة النهائي في العاصمة بغداد، هذه الموافقة التي جاءت تتويجاً لنجاحات البصرة وأربيل والحضور الجماهيري الذي أبهر العالم خصوصاً في ملعب (جذع النخلة) الذي وصل عدد الحاضرين فيه الى أكثر من 50 ألف متفرّج وهو رقم مهول مقارنة مع نوع البطولة وفئة الفرق المشاركة فيها، وقد يكون هذا الحضور الجماهيري هو سرّ نجاحنا وأحّد أقوى نقاط الإقناع التي فرضت واقعاً آخر وأجبرت الآخرين على إعادة النظر بمواقفهم السابقة.
نعم كنّا بأمسّ الحاجة لمثل هذه الفعّالية لاثبات قدراتنا في مجالات كثيرة تتطلّبها معايير الفيفا وشروطه لرفع الحظر ومنها النجاح في مجالي التنظيم والأمن وقد دعمت إعداد الجماهير هذه القدرات، فليس الذي ينظّم مباراة مُغلقة كالذي ينظّمها بوجود 58 ألف متفرّج من دون مشاكل تذكر! وهكذا نعتقد أن نجاحنا في تنظيم البطولة قد أسقط جميع مبرّرات استمرار الحظر على ملاعبنا.
استمرار نحس التعادلات
بعد سلسلة النتائج السلبية التي رافقت أداء منتخبنا الوطني في التصفيات الآسيوية المؤهّلة الى مونديال قطر 2022 وبعد مجموعة التغييرات التي طالت عناصره وفي مقدّمتها استقالة مدرب الفريق الأول الهولندي ديك أدفوكات وتسمية مساعديه المونتينغري زيليكو بيتروفيتش والعراقي رحيم حميد (مدربا طوارئ) لقيادتهِ خلال بطولة العرب، توقّع الشارع الرياضي أن تنعكس تلك التغييرات بشكل إيجابي على مستوى الفريق الفنّي، وبالتالي تحقيق نتائج مختلفة تتجاوز نحس المرحلة السابقة من خلال المشاركة في بطولة كأس العرب العاشرة من 30 تشرين الثاني إلى 18 كانون الأول 2021 والتي جاءت نتائجنا في أوّل مباراتين فيها مُكمّلة لما قبلها من نتائج حيث سجّلنا تعادلين مع عُمان (1-1) والبحرين (0-0) في فترة عصيبة لم تشهدها كرة القدم العراقية منذ فترة طويلة.
نعم هناك تحسّن بسيط في مستوى أداء الفريق كمجوعة، لكنّه لم يكن كافياً لتحقيق أفضلية في النتائج وتغيير الصورة القاتمة التي رافقت منتخبنا منذ تصفيات البحرين في حزيران الماضي.
بصريح العبارة.. بعد أن نجحنا في تنظيم بطولة غرب آسيا للشباب لم يعد للحظر الكروي المفروض على ملاعب أي مبرّر، كما أن مشاركتنا في بطولة العرب لم تسهم في تصويب بوصلة النتائج باتجاه تحقيق الفوز الأول بعد تسع مباريات متتالية غاب عنها فرح جمهورنا وطال فيها انتظار الفرج..
اترك تعليقك