 بغداد/ أفراح شوقيتصوير/ سعد الله الخالدي لم تكترث (أم رونق) بنظرات أبنائها عندما كانت تهم بنقل كرسيها وطاولتها المتهالكة من مطبخ بيتها الى الشارع، وبالتحديد قرب مدخل محكمة البياع للأحوال الشخصية، لتكمل (بسطيتها) الجديدة بنصب مظلة فوقهما تشبه تماماً مظلات العرضحالجية القريبين منها لتكون بذلك أول امرأة تمارس مهنة كتابة العرائض في العراق، وصارت تشتهر بأسم (العرضحالجية) أم رونق.
ولم تمض على بسطيتها أيام معدودة حتى صار لها زبائن كثر معظمهم من النساء المتظلمات من أزواجهن والراغبات بإقامة دعاوى التفريق أو النفقة أو حضانة الأولاد، وهي تقول ان عملها لم يكن غريباً عليها لأنها تعرفت على جزء كبير منه عندما اشتغلت في كشك صغير قبالة المحكمة لاستنساخ أوراق الدعاوى والمستمسكات الرسمية قرابة سنتين ونصف.(أم رونق) لم تكن مستعدة للحديث الى الصحافة ورفضت تصويرها ايضاً معللة ذلك بأنها تريد ان تكسب قوتها وقوت أولادها الأربعة دون ان يشير اليها احد، فحادثة زوجها الذي خطفه العنف الطائفي عام 2007 لا تزال تثير في نفسها الكثير من الوجع والخوف، وتنتقل ببصرها نحو الأفق لتخبرنا بصوت خفيض: أنا امرأة، ولا أريد من حياتي اليوم سوى العيش بكرامة مع أولادي، واكملت لتقول: لولا الحاجة ما كنت عملت هنا في الشارع.كنت الحظ محدثتي وهي تحاول أنجاز عملها بدقة وحرص على إبداء النصيحة والملاحظات لزبائنها بوجه مبتسم، غير عابئة بسياط الشمس التي تنالها خلال ساعات عملها منذ بداية الصباح وحتى نهاية النهار.وحول استقبال عملها من قبل زملائها العرضحالجية قالت: لم تكن البداية سارة وحتى ألان، فهم مستاؤون من عملي، وغالباً ما يسمعوني كلام العتب والتقريع مثل (أنها مهنة الرجال ما الذي اتي بك اليها، او أنت لا تقدرين على تحمل ظروف العمل ولا تفقهين شيئاً منه،والذي أحزنني أكثر أنهم عمدوا الى محاربتي بالتلميح الى ان عملي غير شرعي كوني من طائفة مسيحية، وغالباً ما يحذرون الزبائن مني بتلفيق الاكاذيب، لكن القضاة متعاونون معي ويتساهلون ومنحوني إجازة ممارسة المهنة.وهل ترك لك زوجك راتباً تقاعدياً؟ سألتها فقالت: تركني المرحوم دون أي راتب او ضمان، وانا اسكن في مشتمل صغير للإيجار، وفي يوم وليلة وجدت نفسي المسؤولة عن إعالة أولادي الأربعة، وأكبرهم عمره 15 عاماً، وعن مشاكل عملها تقول: أنا أحب مهنتي، وأحاول مساعدة النساء لينلن حقوقهن وإرشادهن، ولمست فيها ان معظم النساء مظلومات من قبل الرجال، وتدور أمامي كل يوم الكثير من القصص والقضايا التي غالباً ما تكون الزوجة هي الضحية والخاسرة.
اترك تعليقك