فايننشال تايمز: بعد 5 سنوات على تحريرها..  الأنبار تشهد حركة إعمار حثيثة

فايننشال تايمز: بعد 5 سنوات على تحريرها.. الأنبار تشهد حركة إعمار حثيثة

 ترجمة/ حامد أحمد

بعد خمس سنوات من الحاق الهزيمة بتنظيم داعش، تبرز للعيان معالم حركة نشاط اقتصادي متنام تشهده مدينة الرمادي، وعند شارع بمحاذاة النهر مضاء بأعمدة انارة يجري هناك في المدينة انشاء طرق ومراكز تسوق جديدة.

بعد ان كانت تعرف كملاذ لمجاميع مسلحة شهدت معارك منذ الغزو الأميركي للعراق واعتبرت معقلا لتنظيم القاعدة ومن ثم تنظيم داعش، فان هدوءا مؤقتا قد عاد الى الانبار، أكبر محافظات العراق.

نتيجة لذلك، فان أزيز مشاريع إعادة الاعمار يعم مدينتي المحافظة المركزيتين الرمادي والفلوجة، حيث الأسواق الصاخبة وأماكن لهو العوائل بضمنها متنزه العاب "فلوجة لاند".

بكر محمود، 33 عاما، صاحب محل أجهزة هواتف نقالة، قال وهو يلصق غطاء شاشة على هاتف احد الزبائن داخل المحل "بعد ان تحسن الوضع الأمني، بدأت الحركة التجارية تزداد نشاطا اكثر فأكثر. أفضل شيء تحقق هو اننا نسينا ما يتعلق بالطائفية".

بموقعها المتاخم للحدود السورية المسامية، وبمشاركتها للحدود مع الأردن والعربية السعودية، فان الانبار، التي تبعد عدة أميال عن بغداد، بقيت ولفترة طويلة منطقة خطرة.

الانبار، المحافظة الأكبر في العراق من ناحية المساحة، التي تقطنها قبائل عشائرية ذات غالبية سنية، كانت في الماضي مسرحا لاكثر معارك العراق ضراوة، حيث كانت تعتبر مركز مقاومة اهل السنة للاحتلال الأميركي عام 2003، وبعد ذلك سيطر مسلحو تنظيم القاعدة على الانبار الذين قاتلهم تحالف أبناء الصحوة العشائري عام 2006 والحق الهزيمة بهم. ولكن في عام 2014 سقطت الانبار بيد تنظيم داعش الإرهابي. واستنادا لمرصد، إراك بودي كاونت Iraq Body Count، البريطاني المعني بتوثيق خسائر الحرب البشرية فانه خلال الفترة الممتدة ما بين 2003 و2017 قتل ما يقارب من 20,400 شخص في الانبار، من مجموع 200,000 قتيل في كل انحاء البلاد.

بعد مرور خمسة أعوام على قيام القوات العراقية بطرد مسلحي داعش من المدن، يقول القائد العسكري، ناصر غانم، ان مسلحي داعش في اضعف مرحلة هم فيها الان. وقال غانم من داخل قاعدة عسكرية في صحراء العراق الغربية "أقول لكم بفخر انه عبر السنتين الأخيرتين لم يحصل هناك أي هجوم إرهابي كبير في الانبار. داعش هم في اضعف مرحلة الان، ولا يتجاوز عدد بقايا داعش 75 مسلحا في كل صحراء الانبار".

وأخيرا سمح تحسن الوضع الأمني لأهالي الانبار ان يعيدوا بناء حياتهم وبيوتهم. وخصصت الحكومة العراقية والوكالات الدولية أموالا كثيرة لبناء طرق افضل وتشييد جسور جديدة. اكثر من 1,5 مليون شخص نزحوا بسبب المعارك قد عادوا لمناطقهم. وقد أصدرت سلطة استثمارات الانبار مئات التراخيص للاستثمار.

ويقول احد أبناء منطقة الكرمة يعمل في مجال الميكانيك "الحياة الان افضل مما كانت عليه قبل داعش. ليست هناك مقارنة حسب نظري، الوضع الأمني وظروف العمل هي افضل الان مما كانت عليه سابقا".

مع ذلك فانه ليس الكل ممن استفاد من هذا التطور، وهناك كثيرون ما يزالون يدفعون ثمن ما حصل من معارك واضطرابات بعد اخراج تنظيم داعش من المنطقة عام 2016 خلال عملية عسكرية. فصائل مسلحة شيعية من تشكيلات الحشد التي شاركت بمحاربة داعش ما تزال تسيطر على أجزاء من محافظة الانبار.

في احدى الشوارع المتربة في الصقلاوية، ما تزال هناك بعض البيوت تقبع في الأنقاض، سعدية حميد 59 عاما، تعيش هي مع 14 طفلا من احفادها وأربع كنّات من زوجات أبنائها. حيث فقدت جميع أولادها التسعة خلال العمليات العسكرية ضد داعش عام 2016، عندما داهمت محلتهم في الصقلاوية مجموعة مسلحين ترتدي زيا عسكريا.

وقالت حميد "الحكومة لم تفعل شيئا في هذه المنطقة ولم تقدم أية خدمات، ما أزال تحت ثقل الديون التي اقترضتها من اجل اصلاح بيتي الذي تعرض للحرق اثناء النزوح. لقد اصلحت الحكومة الشارع الرئيس فقط ولكنها اهملت الشوارع الداخلية".

القائد العسكري غانم، يراوده قلق من ان الفكر المتطرف ما يزال موجودا، واكد بقوله "بينما نأى الانباريون بأنفسهم عن هذا الشيء، فانا اعتقد بان الأشخاص الذين ما يزالون يحملون هذه الأفكار سوف لن يتوقفوا".

مع ذلك فان سنوات من محاولات عودة ظهور مفترضة للتهديدات المتطرفة لم تردع، محمد سلمان، من خدمة زبائن محل شقيقه المزدحم لبيع العطور ومواد التجميل في الرمادي. بعد عقدين من السنين قضاها في السويد، عاد هذا العام وهو متفائل جدا بخصوص الانبار بحيث ان زوجته الأردنية واطفاله الأربعة ينوون مغادرة اوروبا ليلتحقوا به.

قال سلمان "اعتقد ان الانبار ستصبح أفضل في المستقبل. لا اريد ان ادخل في الأمور السياسية، ولكنني مقتنع بالأشخاص الذين يقودون الانبار الآن. أما ما يتعلق بالجانب الأمني فانه جيد جدا هنا".

• عن فايننشال تايمز

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top