الحسناوي : نخشى أن تتحوّل الرياضة الى وسيلة للتفرقة بين مكوّنات المجتمع!
العبد : ما يؤلمنا أنّ المحسوبين على نجوم الرياضة وراء انحطاط واقعها!
(1-2)
بغداد / إياد الصالحي
كالمعتاد، تبقى آخر كلمات الرياضيين قبل أن يودّعوا عامهم مثل بقية الأعوام المُنصرمة، أن يشهد العام الجديد أياماً أكثر تفاؤلاً ممّا مضى، وخُططاً ناجعة تهدف الى انتشال الواقع المرير الذي لم يزل يضيّق مساحات الأمل في أفق أي مشروع حيوي يبتغون منه تحسين المستويات الفنية،
والإرتقاء بالارقام التنافسيّة، والتخلّص من كل سلبيّات العمل المتكرّرة، ليصلوا الى أهدافهم بواقعيّة وأمل كبير لانجازات تأخّر تحقيقها كثيراً برغم استنزاف الاتحادات الميزانية العامة مليارات الدنانير في دورات كبرى عادوا منها خائبين مثل كل مرّة!
وقبل وداعهم العام 2021 وما حملت روزنامته من قضايا مختلفة حملت قلوبهم بعض همومها وأخرى صبرت على وقع صدماتها وانعكاسها على الشارع الرياضي، توجّهت (المدى) الى صفوة الرياضيين والإعلاميين أصحاب التجارب العميقة والمعروف عن توازنهم في الطرح والتقييم، مستطلعة رؤاهم بشأن ما حفل به عام 2021 من أحداث رياضية وقرارات مثيرة للجدل، إن كانت قد غيّرت انطباعاتهم لما تركته السنوات السابقة من قناعات متباينة أم رسّختها دون أيّة إضافات، وما أهم إجراء قانوني وعملي يتوجّب أن تمضي به القيادة الرياضية في العام 2022 للبدء بتحقيق نهضة شاملة في العمل الرياضي وأدواته؟
انعدام المصداقيّة
الخبير الرياضي الدكتور باسل عبدالمهدي، أكد أنه "ليس هناك في مسيرة العمل الرياضي العراقي، ونتائجه خلال العام المنصرم، ونوعيّة قراراته المُتخذة، والسلوك التواطئي المهيمن في إدارته، كما العلاقات المُضطربة بين أطرافه ما يبعث أية إشارة أو أمل لتغيير انطباعات التخلّف التي رسّختها إجراءات التلاعُب والجهل وانعدام المصداقيّة خلال السنوات الطويلة المنصرمة".
وبينّ "سبق أن أعلنت وحرّرت بأن السبيل القويم لتحقيق النهضة الرياضيّة الشاملة التي نتمنّاها في بلدنا الحبيب هو أن تدرك الدولة (عملياً) الأهمية الاجتماعيّة والثأثيرات الشموليّة للممارسة الرياضيّة بكل جوانبها الصحيّة والاقتصاديّة والتربويّة والإعلاميّة والأمنية، كما ورد ذلك في (جوهر) المادة ٣٦ من الدستور العراقي".
وأقترح عبدالمهدي "إعادة بناء هيكل تنظيمي حديث للرياضة العراقية لأغراض (التخطيط والتنسيق) بين أطرافها ومؤسّساتها كافة ويرتبط بأعلى مواقع السُلطة التنفيذيّة، ويعمل بموجب نظام حديث وخاص يُعد ويُنفّذ لهذا الغرض، يمثّل أهم وأول ما يتوجّب السعي اليه نحو النهضة المنشودة".
سلوكيات مُعقّدة
ويؤكد د.حسن علي كريم الحسناوي، مستشار وزارة الشباب والرياضة لشؤون الرياضة أن "خلاصة الرياضة العراقية لعام 2021 تؤسّس الى سلوكيات مُعقّدة اِزداد فيها التجاوز على المال العام، وعدم الالتزام بالقوانين والتشريعات، وانخفاض المستويات الفنيّة، وتوسّع الصراع بين كافة الاطراف".
ويرى "أن أكثر ما أخشاه هو تحوّل الرياضة الى وسيلة للتفرقة بين مكوّنات المجتمع العراقي، مثلما حدث مؤخّراً في مباريات كرة القدم في مدينتي أربيل وزاخو، وأتمنى أن أكون مخطئاً في رؤيتي".
وذكر الحسناوي "هناك حاجة مُلحّة لتفعيل القوانين ومُحاسبة الفاسدين، وإتباع الوسائل العلميّة والمعايير الموضوعيّة في معالجة الواقع، وأتمنّى تأسيس رياضة وطن حقيقيّة خالية من الفساد والجهل".
الوضع العام المتردّي
فيما أوجز د.هادي عبدالله، مدير الأكاديمية الأولمبية العراقية، رؤيته عن عام ٢٠٢١ بأنه لم يكن أفضل من سابقيه، والأمر يتعلّق بالوضع العام المتردّي وخاصة السياسي والأمني والاقتصادي، ممّا ترك آثاراً سلبيّة مدمّرة على الوضع الاجتماعي، ومنه الرياضي، مبيّناً "أن التغيير الفعلي والناجع لا ينطلق من الرياضة، بل من المجتمع ككل، وفي المقدّمة استعادة الدولة أصلاً وليست هيبتها". مؤكداً "أن الالتزام الحقيقي بالقوانين النافذة مع صرامة الرقابة بعد حضور النيّة الحسنة كفيل بالتغيير".
انقسامات وتقاطعات
ويقول أمين السرّ الأسبق لاتحاد كرة القدم أحمد عباس "لم يكن عام 2021 مميّزاً عن الأعوام التي سبقته، بل شهد انقسامات وتقاطعات وممارسات لم تكن معهودة سابقاً، انقسامات في الاتحادات الرياضيّة، اتحادان للعبة واحدة، وكذلك عدم تنفيذ مواد القوانين التي تم إقرارها أصوليّاً، وأنعكس ذلك بشكل أو بآخر على نتائج ومستويات منتخباتنا بمختلف الألعاب، وأهم الحلقات التي لم تنل القدر الكافي من الرعايه والاهتمام هي القاعدة الرياضية التي تمثل الأساس في البناء و التطور".
وأضاف "أهم الإجراءات القانونية والعملية لتحقيق نهضة رياضيّة شاملة هي ضرورة تفعيل ما نصّ عليه قانوني اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية ومراجعة المواد الخلافية إن وجدت لتعديلها بما يخدم المصلحة العامة، وكذلك إقرار قانون الأندية الرياضية، وتشكيل لجنة من المتخصّصين المُحايدين لمراجعة موادّه (تعديل أو إضافة) لمَن لا تلبّي مصلحة الرياضة وليس الاشخاص".
ولفت إلى "تفعيل قانون الروّاد وتشكيل لجنة من المتخصّصين المُحايدين لمراجعة بعض المواد التي تحتاج الى إضافات، ومنها شمول روّاد الصحافة والإعلام بهذا القانون وغيرهم من العناصر التي قدّمت خدمات جليلة للرياضة العراقية، مع كتابة لوائح وأنظمة لمحاربة التزوير تقضي بالمحاسبة الشديدة لكل من يُسهم في ممارسة هذه السلوك المشين".
وطالب عباس بـ"التشديد بتنفيذ الإجراءات والعقوبات الخاصة بمحاربة المنشّطات، وإعادة النظر بقانون وزارة الشباب والرياضة ودراسة المواد التي أحدثت تداخلاً في صلاحيات وواجبات الوزارة واللجنة الأولمبية الوطنية، وكذلك الاستفادة العملية من تجارب الدول وتشريعاتها في إقامة دوري المحترفين في مختلف الألعاب بعد تأمين متطلّبات نجاحه من ملاعب ورعاية".
صراعات على الكراسي
وأبدى الصحفي الرياضي صفاء العبد، أسفه الشديد لعدم حدوث تغيير في واقع الرياضة العراقية في ظلّ استمرار الانحدار وسوء الاوضاع من دون أن يشهد المتابعون في الآفق أية مؤشّرات تدلّهم على ضوء أو بصيص أمل قريب، بحسب وصفه.
وقال "هذه ليست نظرة سوداويّة، وإنما واقع حال مزرٍ تعيشه رياضتنا مُنذ ١٨ عاماً، دُلّني على حالة إيجابية واحدة بمعناها الحقيقي لكي أتراجع عن قولي هذا، لا شيء طبعاً، رياضتنا اليوم مجرّد صراعات على الكراسي والمواقع والمنافع الشخصية، وتلك هي من أسوأ ما يمكن أن تمرّ به الرياضة في أي مكان".
وأضاف "سنة ٢٠٢١ لا تختلف عن سابقاتها، سواء على مستوى البناء أو الانجاز، فلا بناء حقيقي ولا إنجاز يمكن أن يفتح لنا أبواب الأمل، وإذا ما استثنينا حدثاً هنا أو آخر هناك، فهو وليد الصدفة، وليس ثمرة عمل مُنظّم وتخطيط علمي حقيقي ومدروس كما يفعل الآخرون"!
وأكد "لا أتهم كل من يعمل في رياضة اليوم على أنه فاشل أو فاسد أو عنصر سلبي بلا قيمة حقيقية، فهناك من يسعى بجدٍ، ولكن بلا جدوى بسبب تردّي حالة مُجمل المنظومة الرياضيّة، بما في ذلك الإعلام الرياضي مع كل الأسف". وزاد بالقول "المؤلم أكثر في ذلك أنّ كل هذا الانحطاط في واقعنا الرياضي يحدث على يد أبناء الرياضة من المحسوبين على نجومها، والذين يتولّون مهام القيادة فيها اليوم، بعد أن كنّا نعوّل عليهم كثيراً فإذا بنا لا نملكُ في زمنهم هذا غير أن نصفق يداً بيد تحسُّفاً على واقعٍ لا يسرُّ أحداً أبداً، ليس في الرياضة فقط، وإنما على المستوى الشبابي عموماً، وتلك هي الطامة الكُبرى"!
وشدّد على "ضرورة بقاء الإجراءات القانونيّة المُهمّة والمطلوبة في رياضتنا من الناحية العملية، لكن الأهم هو ما ينتج عن تلك الإجراءات من نتائج، ففي تقديري أن كلّ ما حدث من إجراءات في هذا الجانب لم يُثمر عن شيء إيجابي حقيقي في عموم النتائج".
واستدرك "أن الإرادة تسبق القانون، ومتى ما توفّرت الإرادة الحقيقيّة الصادقة والمُخلصة متى ما تمكّنا مِن أن نستثمر أي تحوّلات قانونيّة بالشكل الأمثل، أما واقع الحال هنا، فالإرادة غائبة في الغالب حتى الآن، وإن حضرتْ ففي حدود ضيّقة جداً تجعلها مُكبّلة لا تقوى على إحداث التحوّل المطلوب".
ونوّه العبد إلى أن "حقيقة رياضتنا مُرَّة مع شديد الأسف، وتجعلنا نتحدّث عنها بكل هذا الألم الذي يعتصر القلوب".
(يتبع)
اترك تعليقك