اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > العرب .. و تحديات الجغرافيا و التاريخ القريب

العرب .. و تحديات الجغرافيا و التاريخ القريب

نشر في: 19 يونيو, 2010: 04:28 م

ترجمة / عادل صادقإنه لعملٌ ليس بالصغير أن تضغط تاريخ شعبٍ في مجلد واحد. و تكون المهمة حتى أصعب مع العرب، و هي أمة عريقة تربط شعوبها اللغة، و الثقافة و الإيمان، لكنها مقسمة بجغرافيا شاسعة عرّضت كل جزء من أجزاء الكل لأحوالٍ مختلفة راديكالياً على امتداد 15 قرناً من الزمن.
مع هذا فإن المحاولة الأخيرة في التاريخ العام للعرب، الذي كتبه قبل 20 عاماً تقريباً ألبرت حوراني، و هو أكاديمي بريطاني من أصل لبناني توفي في عام 1993، قد برهنت على أنها انتصار. و يبقى المنجز، الغني بتفاصيله و المحكم مع هذا، عملاً كلاسيكياً من نوعه. و من المناسب، عندئذٍ، أن يكون مؤلف هذا التاريخ الجديد ذي المجلد الواحد تابعاً من أتباع حوراني. فأيوجين روغان يدير مركز الشرق الأوسط في كلية سانت أنتوني، بأوكسفورد، الذي أسسه حوراني.و قد تجنب السيد روغان، بحكمة، محاولة التباري مع مجال و عمق تحفة حوراني الآنفة الذكر. فهو لا يبدأ تاريخه في العربية، أو في لحظة اندفاعة العرب في الشؤون العالمية مع ظهور الإسلام. إنه يبدأ بدلاً من ذلك يوم 24 آب 1516، في معركة مرج دابق في شمالي سوريا. ففي ذلك اليوم مزّقت بنادق و مدفعية سليم العابس، السلطان العثماني، سلاح فرسان سلطنة المماليك في مصر الممتدة 250 عاماً الذي كان يقاتل بالسيوف، مفتتحاً بذلك الطريق أمام 400 عام من الحكم التركي العثماني على كل العالم العربي عدا أطرافه المحيطية. و قد أشَّر هذا، يؤكد السيد روغان بشكل مقنع، لنهاية العصر الوسيط بالنسبة للعرب.و كانت بداية عهدٍ سوف " يناقشون مكانتهم في العالم من خلال قواعد تُعد في عواصم أجنبية، و هو واقع سياسي سيبرهن على واحد من المعالم المحدِّدة لتاريخ العرب الحديث ".  كما لا يكرر السيد روغان تقنيبة  حوراني في نسج التاريخ من خيوط متعددة مثل الديموغرافيا، و نماذج المتاجرة، و الأدب. فهذا إلى حد كبير تاريخ تقليدي، مركز على تفاعل القوى و مسيرة الأحداث. بكلمات أخرى، كان يمكن لكتاب السيد مورغان أن يُدعى على نحوٍ أكثر ملاءمةً بتاريخ العرب السياسي الحديث. و إنها بوجهٍ خاص ليست بقصة سعيدة، لكنها قصة فاتنة، و حسنة السرد جداً. فالسيد روغان يناور بثقة بارعة، محافظاً على خطوة ثابتة عبر الزمن، و مبقياً الأفق الأوسع مرئياً حتى و هو يستفيد من سلسلة عريضة من المصادر الأساسية المختارة بحصافة لإغناء السرد. و آراء العرب المعاصرين الأكثر تركيزاً لا تضيف فقط مادةً و في بعض الأحيان هزلاً، بل تعطي حساً أعمق بالأحاسيس العربية المتغيرة أيضاً. و يعرف القاريء، مثلاً، عن الاعجاب بالقاعدة الدستورية الفرنسية التي سجلها دارس مصري أُرسل إلى باريس في ثلاثينيات القرن التاسع عشركجزء من جهود مصر المبكرة للّحاق بالتقدم الأوروبي، و عن الفزع المعبَّر عنه في يوميات قاضٍ مسلم في دمشق في خمسينيات القرن التاسع عشرحين قام حكامه العثمانيون، و هم مصممون على التحديث، بتجاوز الشريعة السابقة و شرّعوا المساواة بين الأديان. و يلقي السيد روغان الضوء بشكلٍ مفيد على حلقات الأحداث المعروفة أقل من غيرها، مثل التوسع المؤثر لمصر كمنافس للعثمانيين في أوائل القرن التاسع عشر، أو ثورة الريف في المغرب في عشرينيات القرن العشرين، حين كُبِّدت القوات الأسبانية عشرات الآلاف من الإصابات و هزيمة مُذلّة. و هناك صلات قلّما تُلاحظ يتعرض الكتاب لها. فبعد استيلاء إسرائيل على غزة و الضفة الغربية في عام 1967، مثلاً، أجاز مجلس الأمن الدولي القرار 242، الذي دعا إلى انسحاب إسرائيل مقابل الاعتراف بإسرائيل من قبل جيرانها. و كونه أساس كل خطة سلام لاحقة، فإن 242 يُعتبر بوجه عام إيجابياً بالنسبة للفلسطينيين، بما أنه قد فتح الطريق إلى حل دولتين. مع هذا كما يبيّن السيد روغان، فإن الأمم المتحدة لم تقل إلى مَن ينبغي إعادة الأراضي. و مخاوف الفلسطينيين، من أن الأردن و مصر يمكن أن يخوناهم، و يأخذون الأرض لأنفسهم، أوحت للبعض بتبني تاكتيكات إرهاب في محاولة لهز العالم و دفعه للاعتراف بحقوقهم. و في هذا، يمكن المجادلة بأنهم كانوا ناجحين. و المحتم، أن هناك ثغرات في القصة. فالسيد روغان يفصّل انتهاك الأمبريالية الأوروبية البطيء لكل ركن تقريباً من العالم العربي. و مع هذا فإنه يقصر عن ذكر عمر المختار، البطل الليبي الذي استمر تمرده ضد الغزاة الإيطاليين 20 عاماً، و القمع الوحشي الذي أعقبه حشد الكثير من سكان ليبيا في معسكرات اعتقال، حيث مات كثيرون.كما أن هناك القليل من الأخطاء الصغيرة. فمصر ليست منتجاً كبيراً للنفط، و إنما مواردها " رمزية " بالكاد. و قد ضخت النفط منذ عام 1910 ، و صدّرته منذ ستينيات القرن الماضي و الآن تبيع أيضاً مقادير كبيرة من الغاز الطبيعي. و أما وصفه مزارع شبعا، و هي جيب متنازَع عليه يقع على حد لبنان مع مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، فغير دقيق. فسوريا لا " تصر " على أن شبعا منطقة لبنانية ، و إنما تفضّل ترك مسألة ملكية ملتبسة، بينما كان ادعاء إسرائيل أن الأرض تعود لسوريا مقبولاً من قبل فريق للأمم المتحدة قام بتحديد الحدود، في أعقاب انسحاب إسرائيل من لبنان، بعد احتلال استمر 20 عاما

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض اربيل

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان بسيط, ولذلك سأقول لك يجب على المرء أن ينظر إلى الأشياء بسهولة اكبر ومن وجهة النظر العملية, فأنا كفرد قد حررت نفسي منذ زمن طويل من كل القيود وحتى الالتزامات , فأنا اعرف الالتزامات فقط حين أرى أن لدي شيء ما أستطيع الحصول عليه بها.
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram