تسجيلات تتطرق إلى قضايا شخصية وأحداث في البيت الأبيض

تسجيلات تتطرق إلى قضايا شخصية وأحداث في البيت الأبيض

خلال زيارته إلى واشنطن عام 1995 كاد الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين أن يتسبب بمشكلة دبلوماسية وإحراج لبلده ومضيفه الرئيس الأميركي بيل كلينتون. لقد شوهد على مسافة لا تزيد على 30 مترا من البيت الأبيض وهو ثمل ويرتدي فقط سرواله الداخلي ويحاول إيقاف سيارة أجرة لاستقلالها والذهاب إلى وسط البلد لتناول فطائر البيتزا.

 هذا ما قاله لرجال جهاز الأمن السري لدى محاولتهم إيقافه وإقناعه بالرجوع إلى بيت الضيافة القريب من البيت الأبيض والذي تستخدمه الحكومة الأميركية لضيوفها الرسميين. هذه الحادثة وأسرار أخرى بعضها طابعها دبلوماسي دولي وأخرى عائلية وجنسية وعلاقات شخصية ودولية، جاءت جميعها في تسجيلات على 79 شريطا لمقابلات مع الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون قام بها مؤرخه الشخصي تيلار برانش خلال زياراته في ساعات متأخرة من الليل للبيت الأبيض لتسجيل ما كان يدور في الخفاء في أروقة البيت الأبيض. التسجيلات قام بها برانش بين 1993 و2001، والتي تغطي الفترة التي مكثها كلينتون في البيت الأبيض رئيسا للولايات المتحدة، والتي كان ينوي من خلالها تسجيل أدق التفاصيل وما كان يحدث في الخفاء خلال فترة إدارته. وحول علاقته بمونيكا لوينسكي كشف كلينتون في هذه التسجيلات أن الاتصال الذي تم بينه وبينها جاء بسبب الضغوط التي كان يواجهها على الصعيد السياسي والشخصي، بما في ذلك وفاة والدته وعدم حصوله على الأغلبية في انتخابات الكونغرس عام 1994. وقال «لم أتحمل الضغوط وأصبت بالانهيار». في بداية التسجيلات بدا كلينتون مترددا في الحديث مطولا حول العلاقة خوفا من القضاء واستخدام التسجيلات في القضية. إلا أنه وبعد 6 أشهر بدأ يتكلم بانفتاح وصراحة عن الموضوع.وفي مقابلة مع صحيفة «يو.اس.ايه. توداي» قال تيلار برانش إن الرئيس كلينتون انزلق أكثر من مرة في هذا الاتجاه (يقصد العلاقات خارج الزواج)، إلا أنه كان مصمما أن لا يقوم بأي عمل من هذا النوع في البيت الأبيض. ومن وجهة نظره فقد نجح بمقدار 99 في المائة، إلا أنه شعر بالحزن تجاه نفسه، وقام بما قام به وترك العنان لشهواته». تيلار برانش، الصديق الشخصي لبيل كلينتون، والذي عاش معه في غرفة واحدة عام 1972 حينما أدارا حملة الرئاسية لجورج مغافارن، قد حول هذه الأشرطة التسجيلية إلى كتاب من 700 صفحة والذي أسماه «أشرطة كلينتون ـ مصارعة التاريخ مع الرئيس»، والذي سينشر الشهر المقبل.وجاءت حادثة يلتسين بعد واحدة من سهراته المتكررة في ساعات متأخرة من الليل. وكان الرئيس الروسي ضيفا في «بلير هاوس»، الذي تستخدمه الحكومة الأميركية لضيوفها من زوار واشنطن ويقع في «جادة بينسلفينيا» مقابل البيت الأبيض. وتمكن الرئيس الروسي من الإفلات من رجال جهاز الأمن السري. وبعد البحث عنه وجدوه يقف بسرواله الداخلي في وسط الشارع، وقال لهم بكلمات غير متزنة تبين حالة الثمالة إنه يريد تناول البيتزا. احتفظ الرئيس كلينتون بالتسجيلات في درج الجوارب في البيت الأبيض. وهذه تبين أيضا المحادثة بينه وبين نائب الرئيس الأسبق آل غور عندما ترشح الأخير للرئاسة وخسرها أمام جورج دبليو بوش. وقال كلينتون له في التسجيلات إنه كان من السهل الفوز بالرئاسة لو ركز في حملته على هامبشر وأركنسو، إذ كان يتمتع كلينتون بشعبية عالية في هاتين الولايتين. إلا أن آل غور رد عليه قائلا إن علاقته بمونيكا لوينسكي دمرت فرصته بالفوز بالرئاسة وشكلت حملا ثقيلا على حملته من بدايتها، وانفجر الاثنان مكيلين لبعضهما البعض الشتائم  كان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلنتون قد دعا صديقه الصحافي والمؤرخ تايلور برانش خلال السنوات الثماني التي أمضاها في البيت الأبيض إلى «تسجيل» آرائه وانطباعاته حول مجمل القضايا والأحداث التي كانت تجري معه. ومن هذه التسجيلات «السرية» خرج برانش بكتاب «تسجيلات كلنتون» الذي يزيد عدد صفحاته على ال700 صفحة. ولكن ليس من التسجيلات نفسها، ولكن مما كان يكتبه المؤلف مباشرة بعد اللقاءات، بل يسجل مضمونها على أشرطة تسجيل.ويشير المؤلف إلى أن عدد تلك اللقاءات وصل إلى 79 ما بين عام 1993 وعام 2001، وضمّت واقعياً ما يمكن اعتبارها «يوميات البيت الأبيض». وكان الرئيس كلنتون قد أراد عبر تلك التسجيلات أن يترك «تاريخاً شفهياً» يمكن للأجيال اللاحقة أن تطّلع عليه، وليس فقط على «التاريخ الرسمي». أما حرص الرئيس الأميركي الأسبق على بقاء «التسجيلات» في طي السرية والكتمان، فقد كان خشية من أن تضع العدالة يدها عليها في إطار التحقيقات التي جرت معه.  إن هذا الكتاب يكشف الكثير مما لا يعرفه الجمهور العريض عن السنوات التي أمضاها بيل كلنتون على رأس أكبر قوة في العالم. والعنوان الفرعي له دلالة معبّرة عن الذهنية التي عاش فيها كلنتون فترة رئاسته؛ إذ يقول هذا العنوان:  «معركة الرئيس مع التاريخ». ولكن الأمر يتعلق أيضاً بكتابة التاريخ «مباشرة»

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top