خطابات غيرت القرن العشرين

خطابات غيرت القرن العشرين

إضافة إلى خطب الرؤساء يضم الكتاب خطابات لعسكريين أو سياسيين قادوا بلادهم في مراحل حروب، كخطاب الجنرال بيتان الذي ألقاه من مدينة فيشي الفرنسية في 17 حزيران/يونيو 1940، والذي كان يومها أمل الفرنسيين وقبلتهم، والحكيم الذي يؤمر فيطاع، وأعلن فيه استسلام فرنسا لألمانيا النازية حفاظاً على إرثها الثقافي والتاريخي وصوناً لأرواح مواطنيها،

وخطاب الجنرال ديغول الذي ألقاه من إذاعة لندن بتاريخ 18 حزيران/يونيو 1940، وأعلن فيه بداية المقاومة الفرنسية، ليتحول الرجل المغمور والمعروف فقط على نطاق ضيق داخل المؤسسة العسكرية، يرقى كتاب \"أحلم: هذه الخطابات التي غيرت العالم\" الذي اختار فيه دومينيك جاميه مايزيد على عشرين خطاباً ألقاها رؤساء وسياسيون وعسكريون وقادة ثورات وزعماء روحيون خلال القرن العشرين، وكان لها أثر في تغيير العالم كله أو المحيط الجغرافي والبشري لصاحب الخطاب، يرقى هذا الكتاب في الأقل في فكرته إلى مستوى الابداع، فهو وعبر اختياراته لهذه الخطب لايقدم فقط بورتريهاً سياسياً للشخص صاحب كل خطاب، ودوره إن على مستوى أمته أو العالم، بل أيضاً تكشف هذه الخطابات رومانسية السياسي (إن جاز التعبير) بعيداً عن الديماغوجية والمواقف البراغماتيه التي اعتاد السياسيون أن يلعبوا أدوارهم من خلالها، فأهم مايجمع خطابات الكتاب وكما يظهر من عنوانه هو الحلم، وأخطر وأهم الانجازات التي تحققت في القرن الماضي بدأت بحلم بسيط مرّ في جملة، أو حملته عبارة في إحدى الخطب التي يحويها الكتاب.وإضافة إلى تأكيده الحلم الذي يمكن أن يصنف في خانة النبوءة بالنظر لما حدث لاحقاً في حالة بعض الأحلام التي تمر في خطب الكتاب، يقدم الكتاب إطلالة واسعة ومن شرفة عالية على أهم محطات القرن العشرين، وسياسات الدول الرئيسية التي أنتجت حربين كونيتين وعشرات الحروب الاقليمية، وكذلك أهم الأفكار وحركات التحرر والثورات التي كانت إحدى أهم سمات هذا القرن. يضم كتاب \"أحلم: هذه الخطابات التي غيرت العالم\" بعض الخطابات التي تعتبر تاريخية لعدد من الرؤساء الأمريكيين كخطاب الرئيس توماس ويلسون الذي ألقاه في في الثامن من كانون الثاني/يناير 1918 وأعلن فيه ما عرف بمبادئ ويلسون الأربعة عشر، وما شكل برنامج سلام للعالم كله بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، ويظهر فيه الرئيس الأمريكي كرجل سلام، مع أن الاقتراحات والتقسيمات الدولية التي اقترحها آنذاك هي التي مهدت للحرب العالمية الثانية، كونها أغفلت القوميات والتحالفات الناشئة على أنقاض الإمبراطوريات الهنغارية النمساوية والألمانية والعثمانية، وخطاب القسم المتفائل للرئيس فرانكلين روزفلت الذي ألقاه بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 1933 في ذروة الأزمة الاقتصادية، ووعد فيه الأمريكيين بتجاوز الكارثة، وخطاب القسم للرئيس جون كنيدي الذي ألقاه في مجلس الشيوخ الأمريكي عام 1961 غداة تسلمه مهامه الدستورية، واختصر فيه كل أحلام الأمريكيين بالاقتصاد، وغزو الفضاء، والمساواة بين السود والبيض، وهي كلمات سمعها الأمريكيون في ذلك الوقت غير مصدقين، لكن كنيدي أنجز الكثير مما وعد به وفي فترة قياسية، وكذلك خطاب كندي في برلين المسورة والمعزولة عن محيطها الألماني بأسوار الشيوعية والاسمنت، وكان خطاباً يفتح أبواب الأمل أمام الألمان المنقسمين بين داخل وخارج السور، وبدا وقتها أقرب إلى حلم ساذج، وتفاخر غبي في غير محله، لكنه تحوّل فيما بعد في تسعينييات القرن الماضي من رؤية خيالية في رأس كيندي إلى حقيقة واقعة، وخطاب الرئيس التشيلي الراحل سلفادور الليندي الذي ألقاه من القصر الرئاسي بواسطة إذاعة محلية يو م 11 أيلول/سبتمبر 1973 قبل ساعات قليله من مقتله، وعندما كانت قوات جيشه البرية تحيط بالقصر الرئاسي، والطائرات تقصفه، في انقلاب الجنرال بيونيشه عليه، وعلى ثورته وحلمه بتحرير أمريكا الجنوبية من الامبريالية الأمريكية، وخطاب الرئيس المصري الراحل أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي في القدس بتاريخ 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1977 الذي أعلن فيه مبادرته للسلام، منهياً حالة الحرب بين مصر وإسرائيل، كخطوة لارساء السلام الشامل لكل شعوب المنطقة، وإغلاق ينابيع الحقد والكراهية بين العرب واليهود، وخطاب الرئيس الفرنسي الاشتراكي الأسبق فرنسوا ميتران الذي ألقاه في المكسيك عام 1981، بعد ستة أشهر من وصول الاشتراكيين إلى السلطة في فرنسا، وظهر خلاله وكأنه يحمل عقيدة كاسترو وتصميم غيفارا، وفي موجة الحماس العارم صرّح عن بعض الخطوات الاشتراكية مما سارع بهروب رؤوس الأموال الفرنسية خارج البلاد، لكنه لم يلبث أن تحول إلى الأفكار الليبرالية في الاقتصاد خوفاً من انهيار العملة الفرنسية والكوارث الاقتصادية، والخطاب المليء بالعبر والعزيمة الذي ألقاه نيلسون مانديلا وهو يتسلم سلطاته الدستورية رئيساً لدولة جنوب إفريقيا بعد انهيار نظام الفصل العنصري، وكان قد خرج لتوه من سجن احتجز فيه 28 عاماً، بمفاهيم مختلفة عن تلك التي دخل بها، شامخاً ومتسامحاً وكبيراً، وخطاب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك الذي ألقاه عام 1995 في ذكرى نزول الشرطة الفرنسية إلى ميدان باريس الشتوي لقمع اليهود تنفيذاً لأوامر النازيين، معتذراً ليهود فرنسا والعالم بسبب التصرف الذي بدر من ق

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top