باختصار ديمقراطي: اتحاد طارد للنجوم

رعد العراقي 2022/01/16 11:30:05 م

باختصار ديمقراطي: اتحاد طارد للنجوم

 رعد العراقي

من المُعيب أن تخطأ سهام الاصلاح طريقها فتضرب يميناً وشمالاً مترنّحة بفعل ارتعاش أيدٍ لا تقوى على الامساك بقوس اطلاقها وتسديدها بدقّة نحو أهدافها المرسومة، فيسقط الصالح والطالح، وتتشابك الرؤى والغاية لنجد أنفسنا من جديد أمام تجربة بائسة ومحاولة فاشلة والسبب ببساطة هو أن فلسفة الاصلاح هي من تحتاج الى اصلاح!

هكذا فاجأنا اتحاد الكرة بمشروعه المفترض حين طرح فكرة ترميم البيت الكروي عبر إجراء اصلاحات تستهدف تغيير مسارات العمل، والتفكير وروتين الأداء الإداري مع نبرة متشدّدة بالتمسّك بكل القرارات التي من شأنها تزويق الإطار العام لهيكليّة العمل وفقاً لثوابت يبدو أنها تمثّل خطوطاً حُمر لا يُسمح بتجاوزها وتتعلّق بإظهار قوّة القيادة والانغلاق على أي رأي أو نصيحة وتجنّب الاختلاط في الساحة الإعلامية!

ووفقاً لتلك الرؤية فإن الخسائر بدأت تلوح بالأفق من تراجع نتائج المنتخب الوطني وضياع هويّته ووقوفه على حافّة الخروج من تصفيات كأس العالم 2022 بأسوأ أداء في تاريخ مشاركاته السابقة، ومروراً بالمشاكل الفنيّة الخاصّة بالدوري، وأخيراً تزايد أعداد المعارضين والناقمين ضد أسلوب التصرّف وضعف العمل الإداري وتخبّطات التصريحات وتداخل الواجبات لمجمل أداء الاتحاد!

آخر السقطات هو أسلوب وطريقة التعامل مع تصريح إبراهيم بايش لإحدى القنوات الفضائية، وإشارته إلى أن (اللاعب المحلّي أفضل من اللاعب المغترب بحكم إمتلاكه الغيرة والحرص) ليتمّ فوراً إبعاده عن المنتخب الوطني ومطالبته بالإعتذار في سابقة تؤكّد استمرار نهج السلف الاتحادي بالتفكير وردّة الفعل المتسرّعة في طرد النجوم من دون حتى التعمّق بحيثيّات هذا التصريح وظروفه ومغزى حديث اللاعب إن كان يمثّل رأياً شخصيّاً أو زلّة لسان أثناء حماسة الكلام المُباشر للكاميرة؟!

كيف يتم التفريط بلاعب يشغل مركزاً مهمّاً في المنتخب ولديه مهمة وطنيّة حساسّة بتلك السهولة، كما فعلها الاتحاد السابق حينما طبّق نفس النهج في إبعاد سعد عبد الأمير نتيجة تصريح في أحد البرامج الرياضيّة، ولا يزال إبعاده لغزاً محيّراً للجميع، وتسبّب في فراغ وسط الفريق في وقت أن كلّ لاعبي العالم يبدر منهم بعض الهفوات الكلاميّة إلا أن أقسى عقوبة أتخذت في حقهم لم تتجاوز الغرامة المالية أو العقوبة الإدارية البسيطة!

ليقول لنا رئيس الاتحاد وزملائه :هل أن التقويم والانضباط لا يفرضان إلا بالإبعاد وخسارة لاعب منتخب بأمسّ الحاجة له أكثر من أهمية تواجد بتروفيتش بارتباكه وتخبّطه في المنطقة الفنية!؟

لقد فاتت على الاتحاد حقيقية طالما تغافلت عنها كل الاتحادات السابقة، وهي أن نجاح الاصلاح يبدأ من الذات والوسط القائم بما يتناسب والبيئة المستهدفة بكل شخوصها وبالوسائل المناسبة حتى قبل تغيير النظام الإداري أو بعض القرارات الروتينيّة.

لذلك فإن الخطوة الأولى لابد أن تتوجّه نحو دراسة الانسان وشخصيّته ضمن نطاق البيت الكروي، وعلى ضوء يتم اختيار الأسلوب والشكل في تطبيق التعليمات ولغة الخطاب الموجّه وكيفيّة التنفيذ، وهنا نسأل بكل صراحة، هل لدى الاتحاد تصوّر عن شخصيّة اللاعبين والكوادر التدريبيّة والإدارية ومستواهم الثقافي والتعليمي لأجل أن يكون تقييم أداءهم وإلتزامهم وحتى تصرّفاتهم بشكل دقيق وشفاف؟!

باختصار.. أن عدنان درجال بنجوميّته وقيادته لاتحاد الكرة يدرك جيداً أن تعبير الاصلاح لا يشترط أن يكون تهمة لعمل الآخرين ولا يقتصر على محاربة الفساد أو تصحيح مسار خاطىء بتعمّد إنما هو يأتي أحياناً كثيرة كتهذيب وتشذيب الإجراءات لتكون ملائمة للظرف والوقت وقابلة للتطبيق، وبالتالي فإن التنازل عن بعض الصفات وأسلوب التفكير والتعامل لكل شخوص الاتحاد واستيعاب ثقافة وعادات الوسط العامل معهم حتى تكون لغتهم هي أولى الخطوات نحو النجاح، ومن ثم الانطلاق نحو ترسيخ الاصلاح الحقيقي بضوابط مكتوبة ومتزنة ومعلنة.

نقول هل يرضى درجال أن تصدر عقوبة بايش بتصريح وقرار ارتجالي من مشرف المنتخب عبر وسائل الإعلام ويصادق عليه بتروفيتش سمعاً وطاعة فوراً من دون أن يصدر بيان يوضح إن كانت هناك لديهم فعلاً تفاصيل وفقرات اللائحة الخاصة بانضباط اللاعبين ومدى انطباقها على الفعل المرتكب لبايش؟ ثم أليس هذا التصرّف من الاتحاد يحتاج الى اصلاح؟!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top