قراءة في واقع الدوري العراقي..عقود  المراهنة   وراء محرقة المدربين!

قراءة في واقع الدوري العراقي..عقود المراهنة وراء محرقة المدربين!

 كتب / رعد العراقي

لازال الدوري العراقي يبحثُ عن ذاته، وسط تحديات فرضتها تقلّبات الفترة الزمنيّة التي شهدت انطلاقته بعد عام 2003 حين دخل في مخاض عسير وصراع مرير بين تغيير فلسفة الإدارة والتنظيم، وبين سوء البنى التحتيّة، وتحدّيات الوضع الأمني، إضافة الى تزايد مساحة مشاركة الأندية وخاصّة في السنوات الأولى لمرحلة ما بعد التغيير.

ولأن البدايات الجديدة وسط تلك الظروف دائماً ما تكون مرتبكة وتفتقد الكثير من مقوّمات الثبات، وتتسبّب في ظهور العديد من السلبيّات التي تأخذ زمناً طويلاً في المعالجة والتصحيح، فإن الجانب الفنّي لقوّة أداء الأندية سيتأثر سلبيّاً، ويتصاعد مع مرور الوقت بالتناسب مع سرعة تشذيب الأخطاء والحدّ من السلبيّات.

لذلك فإن إعادة البنى التحتيّة، وتزايد إنشاء الملاعب والدخول في تجربة استقطاب اللاعبين المحترفين للتحوّل الى نظام الاحتراف أسهم في الآونة الأخيرة في زيادة النسق الفنّي، والمنافسة بين الأندية لاثبات وجودها، وتحاشي هبوطها الى دوري المظاليم، وخاصة بعد تعاظم المطالبات بتقليص عدد أندية الدوري الممتاز كوسيلة معالجة لأحد أسباب عدم استقرار الدوري وتراجعه خلال الفترة الماضية!

إلا أن وسط هذا الاندفاع في إثبات الوجود بين الأندية، برزت حالات أقترب بعضها من الوصف بـ "الظاهرة السلبيّة" سواء كانت دخيلة أو أنها وليدة التخبّط والعشوائيّة الناتجة عن التسابق غير المدروس في الوصول الى قمّة الدوري كإنجاز مهم وتاريخي، يُسجّل في مرحلة التجديد والتغيير، في شكل ونوعيّة أندية الدوري خلال السنين القادمة.

وربّما ظاهرة "استبدال المدرّبين" بفترات زمنيّة قصيرة، هي أهم ما أفرزته منافسات الدوري، وأثارت تساؤلات وصلت حدّ الاستغراب! وكأنّ المدرّب سلعة استهلاكيّة لا تتجاوز صلاحيّتها شهراً واحداً، إذ تخطّت بعض الأندية الرقم القياسي في الإطاحة بالمدرّبين بالثلاثة، وربّما بالأربعة، وقد يكون وصول عدد المدرّبين الذين تمّت إقالتهم لحد الآن الى 18 مدرّباً خير دليل على خطورة ما يجري من تخبّط وفقدان الثقة بالمدرّب المحلي!

ولأجل أن لا تكون هذه الحالات سبباً في إحداث بعض التشوّهات على نجاح الدوري، أصبح من الضروري الإشارة الى حقائق لابدّ أن تكون ماثلة أمام إدارات الأندية، فيما يخصّ اختيار المدرّبين وعوامل نجاحهم أو فشلهم!

إن عمليّة الاختيار تكون وفقاً لضوابط وقياسات دقيقة، تأخذ بنظر الحسبان سجلّه التدريبي، وفكره الميداني، وشخصيّته، علاوة على إنجازاته المتأتية من فرض أسلوبه التكتيكي، وتوظيفه اللاعبين بشكل صحيح داخل الملعب، وبالتأكيد فإن تلك الصفات ليست بالضرورة كافية لنجاحه، إلا إذا توفّرت له عوامل أخرى مثل توفر وسائل وإمكانات من ملاعب ومنشآت أساسيّة تُسهم في النهوض بالفريق، مع وجود عناصر جيّدة، ومتمكّنة تساعده على تنفيذ خططه، وأسلوبه في الملعب، وأن يكون لديه الصلاحيّات الضروريّة لإدارة الفريق من دون أي تدخّلات تؤثّر على عمله.

وكذلك منح المدرّب الفترة الزمنيّة المناسبة والمعقولة لإحداث التغيير والنقلة الإيجابية للفريق من خلال إطلاعه على إمكانيّات لاعبيه، وكذلك تطبيق أفكاره واستيعابها من قبل اللاعبين، وإبعاد تأثير الجماهير، وخاصّة روابط الأندية من التدخّل أو الإساءة للمدرّبين، وهي ظاهرة باتت تشكّل خطراً في إحداث الفوضى والتخبّط بالنتائج.

ترى هل عملت الأندية على وضع تلك الملاحظات في أجنداتها عند التعاقد مع المدرّبين أم أن التخبّط والإنفراديّة في اتخاذ القرار هي مَن فرضت نفسها وتناست أن العمل الجمعي، وسماع المشورة ودراسة تجارب الآخرين هي أحّد أسباب العمل الإداري؟

لقد حان الوقت لتعترف الهيئات الإدارية لبعض الأندية أن عملية استبدال المدرّبين بتلك الطريقة هي دليل لا لبس فيه على فشلها أولا قبل أن يكون محسوباً على المدرّب كونها المسؤولة عن اختياره، فإما أنها جاءت به على ضوء العلاقات والمراهنة على الحظ أو أنها لم تكن مهنيّة ودقيقة في الاختيار، وبكلتي الحالتين، هو فشل يسجّل عليها، وسبب في حرق مصائر المدربين.

إن تكرار الحالة لأكثر من مرّة، وخلال مدّة قصيرة، فتلك إشارة واضحة أن الأندية المعنيّة تفتقد أبسط مقوّمات العمل الإبتدائي!

اترك تعليقك

تغيير رمز التحقق

Top