اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > عام > رسالة بوشكينية الى الشاعر شوقي بزيع

رسالة بوشكينية الى الشاعر شوقي بزيع

نشر في: 23 يناير, 2022: 10:22 م

أ.د. ضياء نافع

اطلعت – طبعا – على ردك الغاضب بشأن مقالتي ( غير الغاضبة !) حول بوشكين , وقرأت ما قلته لي , وباني لن أكون أرخميدس , وابتسمت ليس الا وقلت الحمد لله ,

اذ اني اعيش في اجواء روسيا وثلوجها الرهيبة , ولهذا لا يمكن لي ان أخرج مثلما خرج أرخميدس , حتى لو اني ( وجدتها !) , اذ انني عندها سأتجمّد , وقلت ايضا , بيني وبين نفسي , ان الشعراء يقولون ما لا يفعلون , ( وهي نفس الجملة التي قلناها لصديقنا الحبيب وزميلنا في الدراسة بموسكو في الستينيات حسب الشيخ جعفر عندما اطلعنا على كتابه الرومانتيكي الجميل رماد الدرويش الذي أصدره في بغداد ) . لقد اكتشفت - في ثنايا ردك الغاضب - الكثير من المواقف المشتركة معا , والتي يمكن – قبل كل شئ - ان توحّد بيننا , واولها هو هذا الحب الكبير لشمس الشعر الروسي بوشكين , واظن , ان حبنا البوشكيني المشترك هذا هو الذي يمكن ان ( يزيل , او في الاقل , يخفف !) من كل هذا التوتر في بداية تعارفنا معا , واتمنى ان نحقق بعد سوء الفهم هذا روح القول الشهير عن الوئام بعد الخصام , فانا اعشق الشعر واعتبره موسيقى الابداع الانساني , وطبعا احترم الشعراء , الذين يعزفون لنا هذه الموسيقى المدهشة الجمال ( وانت واحد منهم بلا ادنى شك) , احترمهم واسامحهم حتى عندما يغضبوا ..., ولهذا ايضا فاني اسامح صديقي الحبيب الشاعر حسب الشيخ جعفر ( وانت تعرف ماذا اقصد, والمعنى في قلب الشاعر!) ... ولكني أود ان اتوقف قليلا عند موضوع آخر , يرتبط طبعا بصلب هذه الرسالة , وهو نظرتنا , نحن العرب , الى الادب عبر السياسة . لقد اقمنا في روسيا تمثالا نصفيا للجواهري بجامعة فارونش الروسية , باقتراح من مركز الدراسات الروسية – العراقية , الذي أسسته وكنت مديرا له آنذاك , وتم افتتاح هذا التمثال فعلا عام 2009 , وكان هذا العمل (ولا يزال) رائدا وفريدا في مسيرة العلاقات الثقافية العراقية – الروسية , وهو اول تمثال للجواهري خارج العراق لحد الان , ولكني اصطدمت آنذاك باراء مضادة بين بعض الزملاء العراقيين حولي , الذين ( لاموني !) , لاني قمت بهذا العمل , وقالوا لي , انني أقمت تمثالا لشاعر مدح الملوك , وذكروني بقصيدته – ته يا ربيع بزهرك العطر الندي ... , فقلت لهم , ما أجمل تلك الصورة الفنيّة التي رسمها الجواهري , هذا اولا , وثانيا, انه قال بعدئذ – خلفت غاشية الخنوع ورائي , فقالوا , انه كرر هذه المواقف مع الآخرين . لم ارغب بالاستمرار في هذا النقاش معهم , وقلت لهم – لقد أقمت تمثالا لعلم من اعلام الفكر العراقي في القرن العشرين , والجواهري رمز للعراق , وهو يقف الان في جامعة فارونش الروسية , وان تمثال الجواهري هذا قد خلق فكرة اقامة تمثال مقابل له في العراق لرمز روسيا , وهو بوشكين , وهكذا تم اقامة تمثال نصفي لبوشكين في حدائق كلية اللغات بجامعة بغداد , وبمبادرة وتنفيذ من قبل مركز الدراسات الروسية - العراقية بجامعة فارونش والجمعية العراقية لخريجي الجامعات الروسية . وتمثال بوشكين هذا هو ايضا اول تمثال له في العراق , وأثار تمثال بوشكين ايضا في بغداد كلام هؤلاء الذين ينظرون بعيون سياسية الى كل ظواهر الادب والفكر , وقال فلان كذا وقال فستان كيت . لقد انعكس اقامة تمثال الجواهري في روسيا وتمثال بوشكين في العراق بشكل واضح في وسائل الاعلام الروسي , الا انه لم ينعكس هكذا في وسائل الاعلام العراقي , وهذا هو الفرق الجوهري والكبير بين وسائل الاعلام عندنا وعندهم , اذ ان وسائل الاعلام عندهم قد تحررت من تلك النظرة السياسية الى كل شئ , كما كان الامر سابقا , وهي نظرة احادية طبعا , وذلك الان شئ واضح المعالم لكل متابع في الشؤون الفكرية الروسية , أما عندنا , فليس الامر هكذا بتاتا , ولا اريد الخوض في التفاصيل , ولكني اريد فقط ان نحترم ارآء الروس لنظرتهم الى ادبهم الروسي , وان لا نقول لهم , ان ...فرائص القيصر الروسي واتباعه ترتعد من مواقف بوشكين المناهضة للطغيان ...اذ ان ذلك يتنافى مع الحقائق ...

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملاحق المدى

مقالات ذات صلة

16-04-2024

مثقفون: الجامعة مطالبة بامتلاك رؤية علمية تكفل لها شراكة حقيقية بالمشهد الثقافي

علاء المفرجي تحرص الجامعات الكبرى في العالم على منح قيمة كبيرة للمنجز الثقافي في بلدانها، مثلما تحرص الى تضييف كبار الرموز الثقافية في البلد لإلقاء محاضرات على الطلبة كل في اختصاصه، ولإغناء تجربتهم معرفتهم واكسابهم خبرات مضافة، فضلا على خلق نموذج يستحق ان يقتدى من قبل هؤلاء الطلبة في المستقبل.السؤال الذي توجهنا به لعدد من […]
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram