كتب / رعد العراقي
عندما أقرّت مادّة التربية الرياضيّة، كمادّة أساسية في المناهج التدريسيّة لجميع المراحل، فهي بالتأكيد لم تأتِ من فراغ أو كرقم تكميلي، وإنما استندت إلى عُمق وأهميّة تنشِئة جيل مُعافى وحيوي، جنباً إلى جنب مع استيعاب المواد العلميّة والأدبيّة الأخرى.
والمعروف أن مفهوم التربية الرياضيّة يعني تثقيف وتعليم الأجيال انطلاقاً من شعار (الرياضة حُب وطاعة واحترام) وصولاً إلى تحقيق غايتين أساسيّتين: الأولى بثّ النشاط لجميع الطلاب وتساعدهم على الإدراك السريع والتحرُّر الذهني في استيعاب بقية المناهج لأن (العقل السليم في الجسم السليم) والثانية مُتمثّلة في جانب اكتشاف المواهب الرياضيّة واحتضانها ومساعدتها على بدء الخطوة الأولى نحو التخصّص والإبداع.
الغريب في الأمر، أن مادّة التربية أجبرت على أن تكون (حصّة شاغرة) وبرغم تخصيص أساتذة في تدريس هذه المادة، إلاّ أنهم وجدوا أنفسهم في دائرة (عدم الأهميّة) سواء مُجبرين أو مقصّرين! وأصبحت علامات النجاح تُمنح عشوائياً حتى أنها ضربت الأرقام القياسيّة بعدم وجود راسب واحد في كل مدارس العراق من الأجيال السابقة أو الحالية إلا في حالات نادرة جداً لخلافات شخصيّة بين الطالب والمدرّس!
إن التخطيط العلمي لتنشِئة أجيال تمتاز بالحيويّة والنشاط، وكذلك اكتشاف المواهب الرياضيّة يبدأ من أوّل المراحل الدراسيّة، وهي مسؤوليّة تقع على عاتق الجهات ذات العلاقة من خلال الدعم وإعادة الحياة إلى الرياضة المدرسية، وبرغم المطالبات السابقة بالاهتمام في هذا الجانب، إلا أنه مع الأسف لم نلمس أية خطوات جدّية تُنبئ بالاستجابة إلى تلك الدعوات!
ولإيماننا بأهميّة هذا المِفصل، فالواجب يحتّم علينا العمل وفقاً لمبدأ النفس الطويل لحين تحقيق الأمنيات على أرض الواقع، وعليه فإذا كانت مسألة إعادة النشاط المدرسي يتطلّب جهداً كبيراً ودعماً مالياً مفتوحاً، فإن البدء بخطوات من قبل وزارة التربية عبر التلاقح مع كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة في ترسيخ أهميّة الرياضة لدى الطلاب كمرحلة أولى قد نعتبرها أحد الأسس الجديدة في رحلة العودة إلى النشاط المدرسي، ويمكن أن تقوم الوزارة بإعداد مناهج عمليّة ونظريّة حسب كل مرحلة دراسيّة بالتنسيق مع الكلية المذكورة ومتابعة تنفيذها من قبل مدرّسي الاختصاص في المدارس أسوة ببقية المواد وتشمل بالامتحانات التحريرية.
أما أساتذة مادّة التربية الرياضيّة فنقول لهم:أن دوركم مهم وحسّاس في خلق شباب مُعافى ذهنيّاً وبدنيّاً يخدم البلد في جميع الاتجاهات، ومنها رفد الرياضة العراقيّة بالمواهب والدماء الجديدة، خاصة إذا ما عرفنا أن أغلب الأبطال تم اكتشافهم عن طريق الرياضة المدرسيّة.
ولانجاز هذا الواجب، فإنه يتطلّب أوّلاً تجاوز ضُعف الإمكانيات والدعم والتركيز حالياً على إعادة فرض شخصيّة أستاذ الرياضة من خلال خلق احترام الطلاب لهذه المادّة وتغيير نظرتهم الخاطِئة بأنها (مضمونة النجاح) والعمل على إقامة المنافسات بمختلف الألعاب بين طلاب المدرسة الواحدة أو بالتنسيق مع المدارس المجاورة كخطوة تنشيطيّة أفضل من الركون إلى الراحة الإجبارية على أمل وصول الدعم من المراجع العليا.
إن الحياة لا تنحني أمام الظروف طالما هناك عقل بشري خلاّق ورغبة حقيقيّة في الاستمرار والإبداع، وعلى ذلك فإن الالتزام بمنح العلامات للطلاب كل حسب استحقاقه الفعلي هو جانب مهم للمساعدة على تحفيزهم بالاهتمام أكثر وإدراك فوائدها كبقية المواد الأخرى.
أن الرياضة العراقية بحاجة إلى تكاتف الجميع للنهوض بها وشرف المهنة يتطلّب من أساتذة التربية الرياضيّة انجاز بناء وتقوية الأسس الصحيحة والمتينة لها من خلال إيجاد البدائل المُمكنة، ولإدراك أهمّيتهم ودورهم الكبير فإنهم يجب أن يستشعروا حقيقة واحدة مفادها متى ما توقف النشاط الرياضي المدرسي تلاشت الانجازات الرياضية للبلد والعكس صحيح!
حان وقت العمل، فهل أنتم يا أساتذتنا الكرام جاهزون؟
اترك تعليقك